مصطفى العروي، وزير البيئة |
ولم يحدّد «المشيشي»، في الواقع، أسباب الإقالة، لكن قرار أمس مرتبط بقضية مستمرة منذ أسابيع. على وجه الخصوص، كشفت قناة "الحوار التونسي"، مساء 2 نوفمبر، خلال برنامجها التلفزيوني "الحقائق الأربع"، عن وجود عقد بين شركة تونسية مقرّها في مدينة سوسة ، و شركة إيطالية، تتكفل بنقل 120 طنًا من النفايات سنويًا من إيطاليا إلى تونس، مقابل نحو 48 يورو لكل طن مستورد. وبحسب التقارير الواردة من مصادر تونسية، صُدّرت 70 حاوية بها نحو 120 طنا من النفايات إلى تونس من إيطاليا، فيما جرى إيداع أكثر من 200 حاوية أخرى بميناء سوسة بانتظار إمكانية إخراجها وفرزها.
وتشمل النفايات، التي من المحتمل أن تكون السبب الرئيس في فصل الوزير من منصبه، أنواعا مختلفة، منها أيضًا نفايات المستشفيات، مما يخالف الأنظمة المعمول بها في تونس، على الصعيدين الوطني والدولي. وكان الموقع الإخباري التونسي "كابيتاليس" (Kapitalis) قد كشف أن الشركة الإيطالية المعنية يمكن أن تكون من أصل جهة "كامبانيا"، جنوب إيطاليا. على وجه الخصوص، الشركة المشار إليها تحمل إسم (SRA Campania)، ومقرّها في نابولي. لكن الطرف التونسي المعني، بحسب المصدر، قد يكون "سوريبلاست" (Soreplast).
ووفقًا لما أفاد به مدير الهيئة الوطنية لإدارة النفايات، «بشير يحيى»، فإن شركة سوسة المعنية حصلت بالفعل على تراخيص، في مايو الماضي، ولكن لاستلام ومعالجة النفايات البلاستيكية لإعادة التدوير. لذلك، فإن النفايات الواردة من إيطاليا لا تتوافق مع النوع الذي سمح للشركة بالعمل فيه. لهذا السبب، بين يونيو ويوليو، صادرت الجمارك 70 حاوية "كبيرة" و 212 حاوية أخرى كانت في طريقها إلى تونس، بنية إعادتها إلى إيطاليا.
وصف البعض القضية التي جرى الكشف عنها يوم 2 نوفمبر بأنها من أسوأ "الفضائح البيئية" في تاريخ تونس. في غضون ذلك، وبحسب رئاسة الحكومة التونسية، حلّ وزير التجهيز والبناء والبنية التحتية، «كمال الدوخ»، مؤقتًا محلَّ «العروي». وكلاهما كانا معيّنين في الفريق الحكومي الجديد الذي وافق عليه البرلمان في 2 سبتمبر. وفي هذا السياق، أفاد النائب عن الكتلة الديمقراطية، «بدر الدين قمودي»، في 17 نوفمبر، بأن وزير البيئة اعترف بحدوث مخالفات، وهو ما يعد مقدمة لوجود "مكائد" ضد الدولة التونسية والإضرار بترابها الوطني وبصحة شعبها.
في تونس، تنظَّم أنشطة جمع النفايات ونقلها وإدارتها من خلال سلسلة من الاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل الدولة الواقعة في شمال إفريقيا، فضلاً عن الإجراءات الوطنية. على وجه الخصوص، يجب على رواد الأعمال والشركات المعنية الحصول على موافقة الوكالة الوطنية لإدارة النفايات، وتطوير "دراسة الأثر البيئي" وتقديمها إلى الوكالة الوطنية لحماية البيئة (ANPE). هذه الجهات المرتبطة بوزارة البيئة هي المسؤولة عن الموافقة على الملفات المقدمة.
فيما يتعلق بالاتفاقيات الدولية، وقّعت تونس على "اتفاقية بازل" بشأن مراقبة نقل النفايات العابرة للحدود والتخلص منها، المعتمدة في بازل في 22 مارس 1989، و"اتفاقية باماكو" بشأن حظر استيراد النفايات الخطرة إلى أفريقيا ومراقبة نقل النفايات العابرة للحدود وإدارة النفايات الخطرة في القارة. أخيرًا، وقّعت تونس أيضًا على رموز النفايات الأوروبية.