بحضور السيسي..ماكرون يدافع عن الرسوم المسيئة لرسول المسلمين بمبرر "حرية التعبير" - الإيطالية نيوز

بحضور السيسي..ماكرون يدافع عن الرسوم المسيئة لرسول المسلمين بمبرر "حرية التعبير"

الإيطالية نيوز، الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 ـ أكد الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» أن الرسوم الكاريكاتورية ليست رسالة من فرنسا إلى المسلمين، بل هي مجرد تعبير من مصور. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي للرئيس الفرنسي ونظيره المصري «عبدالفتاح السيسي» في قصر الاليزيه، أمس. وأضاف في تصريحات للصحافيين ”علينا أن ندرك إن هذا القانون الذي اختاره الشعب الفرنسي. هذا قانون الشعب الفرنسي هذه الرسوم والمقالات التي تصدمكم ليست صادرة عن السلطات الفرنسية أو عن الرئيس الفرنسي ولا تعتبروه استفزازا من السلطات ولكنها تصدر من صحافي أو مصور. وهناك من يرد بهدوء على استفزاز من صحافي أو مصور“.


وتابع: ”بعض الرسوم المسيئة صدمتكم وأنا آسف من صدمة هذه الرسوم. ولكن علينا الرد عليها بسلام وعندما يشرع العنف ضد من يرسم الرسوم فى هذه الحالة نختلف في الرأي لن نقبل السماح بالعنف بحق كلمة أو رسم مرفوض تماما إضفاء شرعية العنف ضد من يرسم أو يكتب، وهذا إطار متميز وخاص في فرنسا“


 وأضاف: ”أود أن تفهموا ما حدث. في فرنسا هناك حرية صحافة، الصحافي يرسم ويكتب ما يريد ولا يوجد أي رئيس أو هيئة تقول له ماذا يكتب، وهذا حول الحال منذ الثورة الفرنسية ومنذ الجمهورية الفرنسية، وهذا جزء من حقوق الانسان“

ويبدو ظاهرا نفاق «ماكرون» وتناقض أفكاره، أو هنا بأصح العبارة، نتحدث عن «ماكرون» يفرض قانونه الخاص ويطبقه حسب هواه،  يقول بصريح العبارة أن "في فرنسا هناك حرية تعبير، والصحافي يرسم ويكتب ما يريد ولا يوجد أي رئيس أو هيئة تقول له ما يكتب"، نعم، ولكن بشرط ألا يضر بمصالح فرنسا. وهنا نتذكر عندما وبخ «ماكرون»، وهو في ذرة الغضب، صحافياً فرنسياً بسبب مقال نشره يتطرق إلى زيارة «ماكرون» للبنان.


وكانت وسائل إعلام فرنسية قد نشرت يوم الأربعاء 2 سبتمبر 2020، مقطع فيديو للرئيس «إيمانويل ماكرون»، وهو يوبخ الصحافي بجريدة "لو فيغارو" «جوروج مالبرونو» (Georges Malbrunot) بسبب مقال عن لبنان.


وقال «ماكرون» للصحفي الفرنسي: "ما قمتم به هم عمل غير مسؤول في ظل حساسية الوضع وما تعرفونه عن لبنان".

وأضاف الرئيس الفرنسي موبّخًا «مالبرونو»: "خطوتك تدل على عدم المسؤولية حيال مصالح فرنسا ومصالح لبنان".


وتابع قائلا: "سمعتني أدافع عن الصحفيين.. سأفعل دائما.. لكني أتحدث إليكم بصراحة.. إن ما فعلته هو عمل غير جاد وغير مهني وتافه"، ولم يرد جورج «مالبرونو» على تصريحات «ماكرون».


ونشر الصحفي الفرنسي مقالا في 30 أغسطس تحت عنوان "مآرب «إيمانويل ماكرون» مع حزب الله"، يروي فيه لقاء «إيمانويل ماكرون» مع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب «محمد رعد». كما تناول المقال  أمورا عدة منها نية «ماكرون» فرض عقوبات على عائلة رئيس الجمهورية «ميشال عون»، ومواضيع أخرى لها علاقة برئيس الحكومة السابق «سعد الحريري»، حيث أن «ماكرون» خاطب «الحريري» في اللقاء مع رؤساء الأحزاب السياسية في قصر الصنوبر.


بدورها، هاجمت منظمة العفول الدولية (أمنيستي) نظام ماكرون، في مقال لكاتبه 《ماركو بيروليني》، باحث في منظمة العفو الدولية لشؤون أوروبا، بأن الحكومة الفرنسية ليست نصيرة حرية التعبير كما تزعم. ففي عام 2019، أدانت محكمة فرنسية رجلين بتهمة "الازدراء" بعد أن أحرقا دمية تمثل الرئيس ماكرون خلال مظاهرة سلمية. ويناقش البرلمان حالياً قانوناً جديداً يجرّم تداول صور المسؤولين عن إنفاذ القانون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الصعب التوفيق بين هذا التوجه وبين دفاع السلطات الفرنسية الشرس عن حق تصوير النبي محمد في رسوم كاريكاتورية.


وأضافت بأن الحق في حرية التعبير يشمل الآراء التي قد تكون مزعجة أو مسيئة أو صادمة، ونشر الرسوم الكاريكاتورية التي تصوّر النبي محمد عليه الصلاة والسلام مكفول بموجب هذا الحق. ولا ينبغي لأحد أن يخشى العنف أو المضايقة بسبب إعادة إنتاج أو نشر مثل هذه الصور.


لكن أولئك الذين لا يوافقون على نشر الرسوم الكاريكاتورية لهم الحق أيضاً في التعبير عن مخاوفهم. كما يكفل الحق في حرية التعبير إمكانية انتقاد خيار تصوير الأديان بطرق قد يُنظر إليها على أنها نمطية أو مُسيئة. إنَّ مُعارضة الرسوم الكاريكاتورية لا تجعل المرء "انفصالياً"، أو متعصباً، أو "إسلامياً".


إن سجل فرنسا في حرية التعبير في مجالات أخرى قاتم بنفس القدر. ففي كل عام يُدان آلاف الأشخاص بتُهمة "ازدراء الموظفين العموميين"، وهي جريمة جنائية مُعرَّفة بشكل غامض وطبقتها سلطات إنفاذ القانون والسلطات القضائية بأعداد هائلة لإسكات المعارضة السلمية. ففي يونيو من هذا العام، وجدت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن إدانة 11 ناشطاً في فرنسا بسبب قيامهم بحملة لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية تنتهك حقهم في حرية التعبير.


وقد أدّى مقتل 《صامويل باتي 》أيضاً إلى اتّخاذ السلطات الفرنسية إجراءات تُذكّر بحالة الطوارئ التي أعقبت هجمات باريس عام 2015. ففي مطلع ذلك العام، أدّت الإجراءات الاستثنائية، التي وافق عليها البرلمان في ظل حالة الطوارئ، إلى حدوث الآلاف من عمليات المداهمة، وفرض الإقامة الجبرية التعسفية والتمييزية المجحفة التي تستهدف المسلمين.

وفي إشارة مقلقة إلى أن التاريخ يعيد نفسه، تعمل الحكومة الفرنسية الآن على حل الجمعيات وإغلاق المساجد، على أساس مفهوم "التطرف" الغامض. وعلى امتداد حالة الطوارئ، غالباً ما كان مصطلح "التطرف" يُستخدم كناية عن "المسلم المتدين".

كما أعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانين عن عزمه حل "التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا" (CCIF)، وهي منظمة تكافح التمييز المجحف ضد المسلمين. وقد وصف التجمع بأنه "عدو للجمهورية" و"غرفة خلفية للإسلام". ولم يقدم الوزير أي دليل يدعم مزاعمه.

وفي مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، اقترح أحد الآباء المعارضين لاختيار باتي لعرض الرسوم الكاريكاتورية الإبلاغ عن "أعمال تمييزية" مماثلة للتجمع وتواصل مع المنظمات. وأخفقت السلطات الفرنسية في إيجاد رابط بين هذا النوع من العمل المجتمعي والفكرة القائلة بإن "التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا" كان له أي دور في الترويج للعنف أو "الانفصالية".

وبعد بضعة أيام من عملية القتل، أعرب دارمانين عن نيته طرد 231 أجنبياً يشتبه فيهم بـ"التطرف" وتهديد الأمن القومي. وشرعت السطات في تنفيذ 16 عملية إبعاد إلى دول مثل الجزائر والمغرب وروسيا وتونس، حيث وثقت منظمة العفو الدولية استخدام التعذيب، لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يوسمون بأنهم يشكلون تهديداً للأمن القومي.

وبينما يأمل الكثيرون في الولايات المتحدة وخارجها في أن تتصدى إدارة بايدن/هاريس للعنصرية الراسخة في البلاد، انخرطت وزارة التعليم الفرنسية في حرب ثقافية ضد التعددية الثقافية والمقاربات العرقية النقدية. وقد جادلت بأن محاولات التصدي للعنصرية الراسخة تستند إلى أفكار "مستوردة من الولايات المتحدة"، وأنها تشكل أرضاً خصبة "للإنفصالية والتطرف". لكن ليس من التطرف أن نلاحظ أن المسلمين والأقليات الأخرى هم ضحايا العنصرية في فرنسا. إنه طرح يعبر عن الواقع، وقول ذلك هو حق تكفله حرية التعبير.

إن خطاب الحكومة الفرنسية بشأن حرية التعبير لا يكفي لإخفاء نفاقها المخزي. إن حرية التعبير لا معنى لها إلا إذا كانت تنطبق على الجميع. وينبغي ألا تستخدم حملة الحكومة من أجل حماية حرية التعبير للتستّر على الإجراءات التي تعرض الناس لخطر انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب.