في الوقت الحالي تسعى الرياض من جهة إلى مساعدة حكومة الرئيس اليمني «عبد ربّه منصور هادي» على استعادة النظام داخلياً ومع حلفائه، ومن جهة أخرى تسريع المفاوضات للوصول إلى التوقيع، تحت رعاية الأمم المتحدة والجهات الدولية الأخرى، على "إعلان مشترك" بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين الشيعة، صاغته بعثة الأمم المتحدة في اليمن وكُشف عن وجوده لأول مرة في 9 شهر نوفمبر.
تدور حرب أهلية في اليمن، وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، منذ 19 مارس 2015، يقاتل فيها المتمردون الشيعة الحوثيون، بدعم من إيران، والحكومة الشرعية، المعترف بها دوليًا، لرئيس الدولة «عبد ربّه منصور هادي». يدعم جهود وعمليات الجيش الحكومي تحالف دولي بقيادة السعودية، والذي تدخل في الصراع في 26 مارس 2015، وتشارك فيه الإمارات ومصر والسودان والأردن والكويت والبحرين، وهي دول تشكل تحالفا مدعوم بدوره من الولايات المتحدة في عهد حكم الرئيس المنهزم «دونالد ترامب».
في الوقت الحالي، وفقًا لصحيفة "العرب الأسبوعي"، هناك مؤشرات متعددة على رغبة التحالف بقيادة السعودية في الوصول إلى نقطة تحول في مسألة الحرب في اليمن قبل نهاية عام 2020، وإعداد الأسس اللازمة لإنهاء الصراع وحماية الأمن في المنطقة بأكملها من التهديدات الإيرانية. وفي هذا الصدد، ستحاول الرياض إعداد الفاعلين اليمنيين وجميع القوى المناهضة للحوثيين لمواجهة التحولات التي ستحدُث في المرحلة المقبلة لليمن.
بادئ ذي بدء، ستعمل المملكة العربية السعودية على تعزيز ما يسمى بالجبهة "الشرعية"، في محاولة للإسراع بتنفيذ اتفاق الرياض لـ5 نوفمبر 2019، الموقَّع بين حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي (STC)، والذي ينص على حكومة جديدة. كما تشجع الأمم المتحدة والدول المعنية بالمسألة اليمنية على تنفيذ الاتفاقية المذكورة والتي تعتبر الاتفاقية إحدى النقاط الرئيسية لإنهاء الصراع في البلاد. جرى التوقيع على اتفاق الرياض من قبل ما يسمى بـ "الأطراف الشرعية" في اليمن، وأنهت الاشتباكات بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة «هادي»، التي أثرت على جنوب اليمن منذ 7 أغسطس 2019، عندما بدأت الاشتباكات العنيفة في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة الحالية للحكومة اليمنية، ثم امتدت إلى أحياء ومدن جنوبية أخرى. الاتفاق الأساسي الآخر للقضية اليمنية هو اتفاق ستوكهولم، في 13 ديسمبر 2018، والمُوقَّع بدلاً من ذلك بين الرئيس التنفيذي لـ«هادي» والمتمردين الحوثيين.
وأخيراً، أُضيف ما يسمى بـ "الإعلان المشترك" إلى الاتفاقيتين، والذي ينصّ على خطة لوقف إطلاق النار في اليمن وبداية طريق للوصول إلى حل نهائي، يتضمّن اتفاقات سياسية ومرحلة انتقالية. أفادت مصادر لـ"العرب الأوسبوعي" أن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يودّان تقديم النسخة المعدَّلة من الإعلان الذي صاغه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، «مارتن غريفيث» (Martin Griffiths)، إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. يمكن أن تعتمد الوثيقة كمشروع ملزِم.
في إطار المساعي السعودية لإنهاء الصراع، لفت بعض المراقبين السياسيين الانتباه إلى لقاء عُقد في 10 نوفمبر الماضي في الرياض بين المبعوث الخاص للولايات المتحدة لإيران، «إلِيوت أبرامز» ()، ونائب وزير الدفاع السعودي المكلف الرياض للشؤون اليمنية الأمير «خالد بن سلمان» ، بحضور سفير المملكة العربية السعودية في اليمن «محمد الجابر». إن مشاركة هذا الأخير، بحسب ما أشار إليه مراقبون، توحي بأن الموضوع قد يكون معنيا بتطورات القضية اليمنية وآفاق حلها. وفي اليوم نفسه، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء اليمنية نقلا عن صحيفة "العرب الأسبوعي"، استقبل «هادي» «أبرامز» في مقر إقامته بالرياض. وبحسب ما ورد أبلغ الرئيس اليمني المبعوث الأمريكي برغبته في تحقيق السلام في اليمن، بينما كان «أبرامز» يحث «هادي» على الإسراع في تنفيذ اتفاقيات الرياض، بعد حدوث توترات عسكرية إضافية مؤخرًا بين قوات «هادي» والمجلس الانتقالي في أبين.
حتى أن المزيد من المسؤولين الذين ينتمون إلى التحالف بقيادة السعودية كانوا سيعبّرون عن عدم رضاهم عن التأخير في تنفيذ الاتفاقية من قبل السلطة التنفيذية اليمنية ومحاولات تأخير وعرقلة تنفيذ اتفاق الرياض من قبل فصائل لصالح دولة قطر. بالإضافة إلى عدم الرضا عما يحدث على الجبهة السياسية، أعرب أعضاء التحالف عن أسفهم لعدم إحراز تقدّم في صراع أطراف اتفاق الرياض في محاربة الحوثيين، سياسيًا وعسكريًا، على الرغم من الدعم الاقتصادي الذي يتلقاه التحالف للقيام بذلك منذ بداية الصراع.
أخيرًا ، في 11 نوفمبر، قبل حضور اجتماع لمجلس الأمن الدولي، عقد «غريفيث» مؤتمرًا بالفيديو مع السفير السعودي في اليمن أكد فيه الثاني عزم بلاده على دعم جهود «غريفيث» من أجل تحقيق حل سياسي شامل لليمن. وأشار مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، خلال لقائه بمجلس الأمن، إلى "الإعلان المشترك" وذكر أن نصه موضوع مفاوضات منذ شهور مع أطراف الصراع اليمني: المتمردون الحوثيون والحكومة الشرعية. وأفاد المبعوث بأنه التزم شخصياً بإقناع الأطراف بالالتزام بالإعلان المذكور والتوصل إلى اتفاق نهائي يضع حداً للنزاع المستمر. ومع ذلك، فقد جرى تحديد الصراع بين الجانبين اليمنيين، وقادتهما هم الذين يتعين عليهم الالتزام بإحلال السلام في البلاد.
من جانبهم، عاد الحوثيون في 11 نوفمبر للتهديد باستخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة ضد أراضي السعودية. وكان المتحدث باسم الجماعة الشيعية العميد «يحيى سريع» قد أعلن عن "إجراءات غير مسبوقة ضد السعودية" وطالب الشركات الأجنبية العاملة في البلاد بالابتعاد عن البنية التحتية والمواقع الضرورية للجيش والاقتصاد السعوديين.