"لاريبوبليكا" الإيطالية: "المغرب يخرق الهدنة ويطلق هجوما ضد الصحراويين في الصحراء الغربية" - الإيطالية نيوز

"لاريبوبليكا" الإيطالية: "المغرب يخرق الهدنة ويطلق هجوما ضد الصحراويين في الصحراء الغربية"

الإيطالية نيوز، الأحد 15 نوفمبر 2020 ـ تطرقت صحيفة "لاريبوبليكا" (الجمهورية) الإيطالية - التي تعبّر عن التوجه السياسي "يسار الوسط" في إيطاليا، وتعد ثاني صحيفة يومية من ناحية الانتشار العام وأيضا من ناحية عدد المتابعين بعد "لاكورييري ديلّا سيرا" - لموضوع الأحداث الأخيرة الدائرة بين المغرب وجبهة البوليساريو الإنفصالية في المنطقة العازلة المعروفة بإسم "الكركارات".

وجد المغرب نفسه مجبرا على تحريك قوّاته العسكرية لتحرير المعبر الحدودي، الذي يربط المملكة بموريتانيا، من قبضة ميليشيات تابعة للبوليساريو، التي أغلقت المعبر لمنع مرور شاحنات النقل الدولي للسلع والأشخاص من وإلى موريتانيا.

في هذا الصدد، اتّهمت صحيفة "لاريبوبليكا" المغرب بأنه "خرق الهدنة بإطلاق هجوم ضد الصحراويين في الصحراء الغربية" (المغربية).

وقالت الصحيفة الإيطالية بأن القوات المسلحة للرباط شنّت، يوم 13 نوفمبر، عملية عسكرية في المنطقة "الكركارات" العازلة ردّا على استفزازات جبهة البوليزاريو. 

وواصلت الصحيفة قائلة، في مقال من تحرير الكاتبة أنطونيلّا نابّولي، بأنه بعد 29 عامًا من وقف إطلاق النار الذي جرى التوصّل إليه مع اتفاق السلام لعام 1991 بين المغرب وجبهة البوليساريو، وقع كَسْرُ الهدنة المسلحة في الصحراء الغربية. مع فجر اليوم الأول، فرضت القوات المسلحة المغربية حصاراً على منطقة "الكركرات" العازلة على الحدود مع موريتانيا، مما أثار رد فعل المسلّحين الصحراويين الذين شكّلوا طوقاً من الآليات والأشخاص لعرقلة تدفُّق البضائع كشكل من أشكال الاحتجاج على انتهاك الاتفاقات بشأن الأراضي المتنازع عليها.


وذكرت الصحيفة الإيطالية أن نشطاء تظاهروا، وهم يمثّلون نماذجا استقلالية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، للتنديد بالاحتلال المسلّح لمملكة محمد السادس لأراضيهم، وانتهاك حقوق الإنسان واستغلال مواردهم الإقتصادية. 

منذ ثلاثة أسابيع، كانوا يغلقون الممر الطرقي الصحراوي الذي يربط المغرب بموريتانيا، وهو طريق أساسي لحركة المركبات التي تمرّ عبر دول المنطقة.


ولإعادة الوضع إلى مكانته الطبيعية، وتسريح الطريق لما يقل عن 200 شاحنة نقل سلع أُجبرت على التوقف عند الحدود الموريتانية، قرّرت الرباط استعادة الحركة المدنية والتجارية بالقوة. لأن وجود قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة من أجل الاستفتاء في الصحراء الغربية، والذي جرى نشرها في عام 1991 عند التوصل إلى اتفاق بين الطرفين، لم يكن له أي نفع. إن التوتر في المناطق الصحراوية تجاوزه حتما عتبة ضبط النفس والصبر، ما جعل  المواجهة المسلحة تطلق العنان لهدير الأسلحة.

تحدث الأمين العام «أنطونيو غوتيريس» من القصر الزجاجي في نيويورك، فأعرب عن أسفه للتصعيد العسكري، أكد التزامه الشخصي ببذل كل ما في وسعه لاستعادة وقف إطلاق النار.


وذكرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية أن وجّه رئيس " المزعوم لما يُطلق عليها "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية" والأمين العام لجبهة البوليساريو «إبراهيم غالي» خطابا عاجلا إلى «غوتيريس» على الفور للاشتباكات، كما وجّه رسالة عاجلة إلى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي "لإبلاغ تداعيات هجوم القوات المغربية ضد المدنيين الصحراويين العُزّل الذين كانوا يتظاهرون سلميا.


وبحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة، لم يكن هناك في الأيام الأخيرة نقص في المبادرات لمنع الاشتباكات في منطقة "الكركرات" العازلة و "للتحذير من انتهاكات وقف إطلاق النار والعواقب الوخيمة لأي تغيير للوضع الراهن". ولكن الجهود كلها سارت إلى الفشل.

****************************************

كانت السلطات المغربية قد قرّرت التدخل في منطقة "الكركرات" العازلة، وهي قرية صغيرة تقع في أقصي جنوب المغرب، تحديد على الحدود مع موريتانيا، للرد على "الاستفزازات الخطيرة وغير المقبولة" لجبهة البوليساريو.


جاء هذا الإعلان، الجمعة 13 نوفمبر، من خلال بيان صادر عن الخارجية المغربية، ذكرت فيه أنها شنت عملية "امتثالا للصلاحيات الممنوحة لها، بحكم واجباتها والتزامها التام بالقانون الدولي". وقيل إن المغرب منح الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيريش» وبعثة المينورسو كل الوقت اللازم لحث جبهة البوليساريو على إنهاء أعمالها المزعزعة للاستقرار ومغادرة منطقة الكركرات العازلة. ومع ذلك، لم يلق الاستئناف أي رد، وبالتالي قررت المملكة المغربية التصرف. جبهة البوليساريو، بحسب ما أعلنته وزارة الرباط، سيتعين عليها تحمل المسؤولية الكاملة عن أي عواقب.

من جهته، أكد رئيس الحكومة المغربية، «سعد الدين العثماني»، تدخل القوات المسلحة الملكية بمنطقة الكركارات، مبررا تنفيذ هذه العملية بأنها تهدف إلى إنشاء جدار عازل يشكل طوقا أمنيًا لتأمين تدفق البضائع والأشخاص عبر المنطقة العازلة لربط المغرب بموريتانيا.

وتابع قائلا أن ” ما يقوم به المغرب أمام استفزازات الميليشيات الانفصالية في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية، هو من أجل وضع حد للعرقلة الناجمة عنها وإعادة حرية التنقل المدني والتجاري، بعد أن لم تنفع دعوات المينورسو والأمين العام للأمم المتحدة، وتدخلات عدد من أعضاء مجلس الأمن

وعلى وجه التحديد، كما أوضحت القوات المسلحة للمملكة ، في ليلة 12 و 13 نوفمبر، جرى إنشاء طوق أمني، بهدف ضمان حرية حركة البضائع والأشخاص، وفقًا لقواعد الاشتباك. ومع ذلك ، أعلنت نفس القوات الملكية أنها عملية "غير هجومية" ، بدون أي غرض يشبه الحرب ، وأن الأسلحة لن تستخدم إلا لأغراض دفاعية. من جانبها أفادت جبهة البوليساريو أن القوات الصحراوية مستعدة للرد للدفاع عن نفسها مما وصفته"اعتداءات" المغرب التي تنتهك وقف إطلاق النار المتفق عليه بعقد دولي عام 1991.


بدأ الخلاف حول الصحراء الغربية المغربية في عام 1975 عندما، بعد انسحاب الحكم الإسباني، ضم المغرب جزءًا من هذه المنطقة الواقعة على الساحل الشمالي الغربي لإفريقيا. ردا على ذلك، في عام 1976، تشكلت جبهة البوليساريو كحركة في 10 مايو 1973، وأعلنت ولادة الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (SADR)، وتأسيس حكومة في المنفى في الجزائر، وشنت حرب عصابات من أجل الاستقلال استمرت حتى 6 سبتمبر 1991، وهو العام الذي حدث فيه إعلان وقف إطلاق النار، روجت له بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (مينورسو).

حتى الآن، تطالب حكومة الرباط بسيادتها على الصحراء الغربية، بينما تواصل جبهة البوليساريو الكفاح من أجل إجراء استفتاء لتقرير مصير أراضيها، حيث يقطن حوالي نصف مليون شخص. من ناحية، تسيطر الجبهة على شريط صحراوي من الصحراء الغربية شرق أسوار الدفاع المغربية. وتشير التقديرات إلى أن عدد المسلحين يبلغ حوالي 10.000 ، لا يتركزون في الصحراء الغربية ، ولكن في تندوف، وهي مدينة تقع على التراب الوطني الجزائري تنظم فيها الجبهة مخيمات للاجئين للسكان الصحراويين. من ناحية أخرى ، يسيطر المغرب على حوالي 80٪ من الأراضي التي تشمل رواسب الفوسفات ومناطق الصيد.

وشهدت المنطقة توترات جديدة في الأسابيع الثلاثة الماضية بعد أن أغلقت جماعات مسلحة موالية لجبهة البوليساريو الإنفصالية، تعادل نحو 70 مقاتلا، المعبر الحدودي بين المغرب وموريتانيا في 21 أكتوبر، بحسب مصادر مغربية. وتسللوا إلى منطقة "الكركرات"، وأعاقوا حركة الأشخاص والبضائع، كما حدّوا من عمل المراقبين العسكريين لبعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية. بالنسبة للرباط ، فإن مثل هذه الأعمال "الموثقة" تشكل تهديدًا لاستقرار المنطقة، وكذلك على وقف إطلاق النار والاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها حتى الآن. أخيرًا وليس آخرًا، هذه أنشطة تقوض الجهود المبذولة دوليًا في طريق العملية السياسية.