وقع الاعتقالان عشية قمة قادة "مجموعة العشرين"، التي استضافتها السعودية عبر الإنترنت يومي 21 و22 نوفمبر. دعت "هيومن رايتس ووتش" سابقا الدول الأعضاء في المجموعة إلى الضغط على السعودية لإنهاء اعتدائها المستمر على الحريات الأساسية، بما في ذلك سجن ومضايقة المعارضين والنشطاء الحقوقيين، والهجمات غير المشروعة على المدنيين في اليمن، والاستخفاف بالدعوات الدولية إلى المساءلة عن قتل عملاء الدولة للصحفي السعودي جمال خاشقجي.
قال «جو ستورك» (Joe Stork)، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": ”إذا اعتقلت السعودية مسلمَين من الإيغور قسرا ورحّلتهما ليواجها الاضطهاد الشديد في الصين، فإن ذلك سيضعف محاولات المملكة لتحقيق صدىً إيجابي عبر استضافتها لقمة مجموعة العشرين. على السلطات السعودية الكشف فورا عن وضع معتقلَي الإيغور وتوضيح سبب اعتقالهما“.
قال «عبد الولي أيوب»، ناشط إيغوري على اتصال بمجتمع الإيغور في السعودية، لـ"هيومن رايتس ووتش" إنّ السلطات السعودية احتجزت عالم دين مسلم من الإيغور يُدعى «حمد الله عبد الولي» (أو «إيميدولا وايلي» حسب كتابة البينيين على جواز سفره الصيني) (52 عاما) مساء 20 نوفمبر في مكة مع صديقه «نورميت روزي» (أو «نورمييتي» على جواز سفره الصيني)، والرجلان يقيمان في تركيا. قال «أيوب» إنّ روزي تمكن من الاتصال بأحد أفراد أسرته ليخبره أنهما محتجزان في سجن "بريمان" بجدة وأنهما "في خطر".
قصد عبد الولي السعودية في فبراير لأداء فريضة الحج. قال مصدر آخر تحدث إلى عبد الولي إنه كان مختبئا منذ أن ألقى خطابا أمام مجتمع الإيغور هناك، شجعهم فيه والمسلمين على الصلاة لأجل ما يحدث في "شينجيانغ" و"ردع الغزاة الصينيين ... باستخدام الأسلحة".
في أوائل نوفمبر، تحدث «عبد الولي» إلى موقع "ميدل إيست آي" قائلا إنه يخشى أن تكون السلطات الصينية قد أرسلت طلبا إلى السعودية لاحتجازه وترحيله. نشر الموقع صورا لجواز سفر «عبد الولي» الصيني، وبطاقة إقامته التركية، ومعلومات تأشيرته السعودية.
قال الناشط الإيغوري «أيوب» إنّه وثق سابقا خمس حالات لأفراد من الإيغور رحلتهم السعودية قسرا إلى الصين بين 2017 و2018.
الإيغور مسلمون ناطقون بالتركية، يعيش معظمهم في منطقة شينجيانغ ذات الحكم الذاتي في شمال غرب الصين. لطالما أظهرت الحكومة الصينية عداءً للعديد من أشكال التعبير المتصلة بهوية الإيغور، وفرضت قيودا واسعة، منها دينية، على الحياة اليومية في شينجيانغ. منذ أواخر 2016، تصاعد مستوى القمع كثيرا في المنطقة كجزء من جهود مكافحة الإرهاب المزعومة، حيث أُخضع 13 مليون مسلم تركي في المنطقة إلى التلقين السياسي القسري، والمراقبة الجماعية، والقيود الشديدة على التنقّل. يُقدّر أنّ مليون منهم محتجزون في معسكرات "التثقيف السياسي".
يستهدف جزء كبير من هذا القمع ممارسات الإيغور الدينية. يُسجن الإيغور ويحتجزون بسبب دراستهم للقرآن، وتأديتهم الحج من دون موافقة الدولة، وارتدائهم ملابس دينية، وغيرها من الأفكار أو السلوكيات "غير الطبيعية" التي تعبّر عن "حماسة دينية مفرطة". تم تدمير أو الإضرار بنحو 16 ألف مسجد في شينجيانغ، أو 65% من إجمالي عددها، نتيجة لسياسات الحكومة منذ عام 2017.
في زيارة إلى الصين في فبراير 2019، بدا أن ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان»، الحاكم الفعلي للبلاد، يؤيد سياسات الحكومة الصينية في شينجيانغ. نقلت وكالة أنباء الصين الرسمية "شينخوا" عن بن سلمان قوله: ”نحترم وندعم حقوق الصين في اتخاذ تدابير لمكافحة الإرهاب والتطرف لحماية الأمن القومي ...“ أيدت السعودية رسائل مشتركة إلى "الأمم المتحدة" لدعم سياسات الصين في "شينجيانغ" في 2019، ومرّة أخرى في 2020.يدعو سجلّ الصين في الاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والإخفاءات القسرية للإيغور، بالإضافة إلى غياب الاستقلالية القضائية، إلى القلق من تعرّض «عبد الولي» و«روزي» لخطر التعذيب أو غيره من أشكال سوء المعاملة إن رُحّلا.
بموجب القانون الدولي العرفي وكطرف في "اتفاقية مناهضة التعذيب"، على السعودية الحرص على عدم إرسال أيّ شخص بعهدتها إلى مكان قد يتعرّض فيه لخطر الاضطهاد، أو التعذيب، أو غيره من انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة.
شهدت السنوات الأخيرة حالات كثيرة رُحِّل فيها الإيغور قسرا إلى الصين في خرق للقانون الدولي. في يوليو 2017، اعتقلت مصر 62 من الإيغور ورحّلت 12 على الأقل إلى الصين. في أغسطس 2015، رحّلت تايلاند قسرا 220 من الإيغور إلى الصين. في ديسمبر 2012، رحّلت ماليزيا ستّة أشخاص من الإيغور إلى الصين. في جميع الحالات، لم تتمكّن "هيومن رايتس ووتش" من الحصول على المزيد من المعلومات من مصادر في الحكومات التايلندية، أو الماليزية، أو الصينية حول مكان تواجد الأشخاص المرّحلين أو سلامتهم.
قال «ستورك»: ”تأييد محمد بن سلمان على ما يبدو لاضطهاد الصين لمجتمع الإيغور المسلم سيئ بما يكفي، لكن ينبغي لحكومته ألا تلعب دورا مباشرا في ذلك بترحيل مواطنَين من الإيغور ليواجها الاحتجاز التعسفي والتعذيب المحتملَين.“
وكانت ألمانيا قد قادت مجموعة تتألف من 39 دولة أصدرت بيانًا مشتركًا يدعو الصين إلى احترام حقوق الإنسان للأقلية الإثنية الأويغورية المسلمة وأعربت أيضًا عن قلقها بشأن الوضع في هونغ كونغ في 6 أكتوبر. في موازاة ذلك، شجبت الصين استخدام حقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للصين.
طلبت 39 دولة من بكين السماح بوصول "فوري وهادف وغير مقيَّد" لمراقبين مستقلين، بما في ذلك مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إلى "شينجيانغ"، حيث تعيش الأقلية المسلمة الناطقة بالتركية. الأويغور، الذين، وفقًا لعدة تقارير، يمرّون بحملة قمع من قبل السلطات الصينية، مع الأقليات الأخرى.
قاد السفير الألماني لدى الأمم المتحدة، «كريستوف هيوسجن»، المبادرة خلال اجتماع الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وقال: ”نناشد الصين احترام حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات عرقية ودينية. وخاصة في "شينجيانغ" و"التبت". وسلّط البيان الضوء على الانتهاكات ضد الأويغور بما في ذلك القيود الصارمة على الحريات الدينية والمراقبة واسعة النطاق والعمل القسري والتعقيم القسري للنساء.“ ومن بين 39 دولة وقّعت على الإعلان الولايات المتحدة الأمريكية، ومعظم أعضاء الاتحاد الأوروبي، وكندا، وهايتي، وهندوراس، واليابان، وأستراليا، ونيوزيلندا.