وحسب "إندبندنت"، قالت بأنه في نفس الوقت تقريبًا، أرسل رسالة صوتية إلى صديق مقرّب في تونس، يقول فيها إنه اشترى سترة حمراء. أرسل الشاب العاطل عن العمل البالغ من العمر 21 عامًا، والذي دخل أوروبا بشكل غير قانوني في سبتمبر على متن قارب مهاجرين إلى تونس، صورة يعرض بفخر عملية شرائه الجديدة.
قالت الأسرة إنه لم يكن لدى أي شخص في قرية الميساوي الفقيرة في صفاقس، الواقعة على بعد 270 كيلومترا (168 ميلا) جنوب شرق تونس، دليل على أن الشاب، الذي اشتهر بحفلاته، كان يستعد لعملية قتل داخل الكنيسة التي صوّرها للتو.
ولكن في حوالي الساعة 8:30 من صباح يوم 29 أكتوبر، ورد أن «العيساوي» قطع رأس امرأة تبلغ من العمر 60 عامًا، وطعن رجل بالغ من العمر 55 عامًا وقتل امرأة أخرى في الأربعينيات من عمرها فيما وصفه الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» بأنه "هجوم إرهابي إسلامي".
وقال رئيس بلدية نيس، «كريستيان استروسي» (Christian Estrosi)، إن المشتبه به "كرر بلا نهاية" الله أكبر "وشبّهه بمقتل المدّرس «صموئيل باتي» (Samuel Paty)، الذي قُطع رأسه بالقرب من مدرسته خارج باريس في وقت سابق من هذا الشهر على يد شاب شيشاني.
وواصلت صحيفة الإندبندنت البريطانية ناقلة رواية عائلة «العيساوي» بشأن إبنها المشتبه به بأن "«إبراهيم العيساوي» وصل إلى فرنسا فقط في اليوم السابق للهجوم، ووصل إلى نيس بالقطار قادما إلى المدينة الفرنسية من العاصمة الإيطالية روما. وأصرت العائلة على أنه لم يكن لدى «إبراهيم» وظيفة ثابتة في تونس، ولكنه كان يجمع قوت يومه من بيع الوقود سرا.
وحسب رواية الإندبنت قالت والدة إبراهيم: "كان على اتصال بي يوميا، وقال إنه ذهب إلى أوروبا للعمل"
الجريمة البشعة المنسوبة لـ«العيساوي» هي ثالث هجوم وحشي من نوعه في أقل من شهرين تنسبه السلطات الفرنسية إلى متطرفين مسلمين. ويشمل ذلك قطع رأس المدرس «باتي» الذي عرض رسومًا كاريكاتورية للنبي «محمد» في الفصل بعد إعادة نشر الصور من قبل صحيفة شارلي إيبدو الساخرة.
أضافت «قمرة، والدة «إبراهيم العيساوي»، إن الأسرة تشكك في أن «إبراهيم»، الذي ترك المدرسة في سن 13 فقط، كان على علم بوجود شارلي إيبدو. من الواضح أنه لم يذكر الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل أو مقتل المدرس «باتي».
وخرج عشرات الآلاف من المسلمين في دول من بينها باكستان ولبنان والأراضي الفلسطينية الجمعة من صلاة الجمعة للانضمام إلى المسيرات المناهضة لفرنسا.
هناك مخاوف من أن الجماعات المتطرفة، بما في ذلك داعش، تستغل الضجة من خلال استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتحريض المؤيدين على ارتكاب هجمات عنيفة في فرنسا وضد المصالح الفرنسية انتقاما.
في اليوم السابق على حادثة الطعن في نيس، حث الناشط الإعلامي البارز في داعش، «ترجمان العساورتي»، أتباعه في مقطع فيديو مروّع مدته ست دقائق على قطع رؤوسهم انتقاما.
وتقول عائلة «العيساوي» أن «إبراهيم» ليس لديه تاريخ من العنف. عندما كان مراهقًا، تم اعتُقل لفترة وجيزة في عام 2016 لتورطه في شجار ولكن أُفرج عنه بسرعة لأنه كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط وهو قاصر. قال أصدقاؤه وجيرانه إنه كان يعاني من مشكلة شرب ومخدرات منذ بضع سنوات، لكنه تخلى عنها مؤخرًا.
قال أحد الجيران في القرية لصحيفة إندبندنت، رافضًا الكشف عن اسمه: "بعد أن توقف عن شرب الخمر بدأ بالصلاة ، ولكن بطريقة معتدلة مثل بقية أفراد الأسرة".
"أصدقاؤه هم من الشباب الذين يشربون الخمر وليسوا نشيطين دينياً ناهيك عن التطرف".
«إبراهيم العيساوي»، وهو أصله من القيروان وسط تونس، غادر عائلته في صفاقس منتصف سبتمبر دون الكشف عن وجهته.
اكتشفوا لاحقًا أنه استقل قاربًا عبر البحر الأبيض المتوسط مع أكثر من عشرة من الشباب الآخرين من المنطقة المحيطة.
قال شقيقه الأكبر «ياسين»، 35 عامًا، لصحيفة الإندبندنت إن «ابراهيم» لم يكن لديه ما يكفي من المال لدفع المال للمهربين، لكنه حصل على مقعد في القارب بعد شراء الوقود اللازم للرحلة ، لأنه كان يبيعه سراً على أي حال.
قال المدّعي العام الفرنسي المعني بمكافحة الإرهاب إنه وصل إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية،في 20 سبتمبر، وهي نقطة وصول مزدحمة للمهاجرين الذين يعبرون على متن القوارب قادمين من شمال إفريقيا.
وبحسب صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، فقد احتُجز قاربه لمدة أسبوعين كجزء من عملية الحجر الصحي لفيروس كورونا. عندما نزل في النهاية في باري، وهي مدينة ساحلية في جنوب إيطاليا في 8 أكتوبر، أجرى المسؤولون فحصًا للخلفية الجنائية للشاب، لكن لم يجدوا أي سجل إجرامي أو أنه كان مدرجًا في أي قائمة مراقبة دولية.
وقالت الصحيفة الإيطالية أنه كان من المفروض ترحيل إبراهيم العيساوي معية أخرين إلى بلده الأصلي لأنه صدر ضده أمر بالترحيل كونه ليس لديه حق قانوني في دخول أوروبا. لكن لسبب ما أُطلق سراحه، وهو إجراء يخضع الآن للتحقيق.
قال «ياسين» إن شقيقه «إبراهيم» قال إنه قضى بضعة أسابيع في العمل بشكل غير قانوني في بستان زيتون في إيطاليا لكسب المال، لكن قيل له إنه من المرجح أن يحصل على وظيفة مستقرة في فرنسا، ولذا قرر السفر إلى نيس.
وأضاف«ياسين» "كان إبراهيم اجتماعيًا وهادئًا ومندمجًا بشكل جيد. لقد تأقلم بشكل جيد للغاية، ولم تظهر عليه أي علامات على التطرف".
وأضافت والدته وهي لا تزال تبكي "كان من المفترض أن تكون فرصة له، ليكون له مستقبل أفضل."
وفي يوم الخميس نفسه، 29 أكتوبر صباحا، هاجم رجل يبلغ من العمر 33 عاما، الناس بسكين في "ممشى "جورجيس ألفانديري"، بقرية "مونتفاڤيت (Montfavet) الصغيرة (14 ألف نسمة)، الواقعة في محافظة أفينيون"، فاضطر رجال الأمن إلى قتله لإصراره على عدم الامتثال للأوامر، ولتقدمه نحوهم حاملا في يديه مسدسا.
وأسرعت وسائل إعلام فرنسية من دون أن تتبين الحقائق إلى إلصاق التهمة بـ"مسلم" وزعمت زوراً أن المشتبه به "متطرف إسلامي" صاح في الشارع بـ "الله أكبر".
لكن السيد «فيليب غيماس» (Philippe Guémas)، المدعي العام بدار القضاء لمدينة أفينيون تدخل فوضع حدا لهذه التهم الملفقة فرية، فقال موضحا ظروف الهجوم ومنفذه: "استطعت أن أسمع في الراديو وفي محل أخر بأن ذلك الفرد (مهاجم مدينة أڤينيون) كان مسلحا بسكين وأنه صرخ بـ"الله أكبر!" وهو لم يصرخ أبدا بـ"الله أكبر!" ولم يكن أبدا مسلحا بسكين."
أوضاف: "عندما تحققنا من هوتيه (المهاجم)، هو فرنسي، ولد في فرنسا، عمره 33 عاما، وليس لديه إطلاقا علاقة بدين الإسلام. إذن نحن أمام فعل مرتكب من "مختل عقليا". إذن نحن لسنا أمام فعل من هذا القبيل، ولكن أمام فعل مرتكبه "مختل عقليا."
وقال «فيليب غيماس»: "بينما كان على بعد أمتار قليلة منهم، فتحت الشرطة النار بعد ذلك.. ما لا يقل عن سبع أو ثماني طلقات نارية. "لم يصرخ الله أكبر قط. ولم يكن مسلحًا بسكين قط، فمات الرجل."
بعد خروج المدعي العام لمدينة أفينيون لتوضيح ملابسات الحادث غيرت وسائل الإعلام المحلية الفرنسية نهجها، فذكرت أن المشتبه به البالغ من العمر 33 عامًا كان يرتدي سترة نازية جديدة عليها شعار "الدفاع عن أوروبا".
قالت مصادر بالشرطة لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية اليومية إن المشتبه به كان يخضع لعلاج نفسي ويعتقد أنه عضو في جماعة "جيل الهوية" (Génération identitaire) اليمينية المتطرفة.
جماعة "جيل الهوية" هي حركة سياسية ذات هوية يمينية متطرفة تأسست عام 2012 ونشط بشكل رئيسي في فرنسا. توصف الحركة أيضا بأنها "قومية البيضاء" وفاشية جديدة ومعادية للإسلام، وذلك باستخدام النشاط الإقليمي على المستوى الدولي. وقد أُدينت الحركة مرارًا وتكرارًا من قبل المحاكم، لا سيما بسبب أعمال عنصرية وتحريض على الكراهية العنصرية.