"مع إنتهاء مهمتي في الجزائر، من الصعب للغاية إيجاد الكلمات المناسبة لتوديعكم. لقد وددت لقائكم في ظروف مواتيه، من أجل الإحتفال معا بصداقتنا على النحو الواجب، لكن الجائحة الصحية الحالية تمنعنا من إحتضان بعضنا البعض.
إن السنوات الأربعة التي قضيتها بينكم ستظل محفورة في ذاكرتي وفي فؤادي إلى الأبد. لقد تسنى إليّ معرفة شعب حر، فخور وأبي، لكن أيضا أخوي ومضياف.
لقد حظيت معكم وإلى جانبكم بلحظات عظيمة في تاريخ هذا البلد وشهدت حركة شعبية تمكنت من إحداث تغيير سياسي كبير بطريقة سلمية في بيئة اتسمت بالتسامح والاعتدال، من جانب كل الأطراف الجزائرية، بما في ذلك بالطبع، مؤسسات الدولة.
إن الكمال يتعذر دائما إدراكه، لكنني متأكد بأن الشعب الجزائري بحكمته السياسية قادر تماما على التعامل مع مصيره باستقلالية تامة وإبداع. في الجزائر، لطالما كان الشعب من يكتب التاريخ.
على الصعيد الشخصي، لقد تأثرت كثيرا بكرمكم ولا سيما عندما فتحتم لي أبواب منازلكم وأشركتموني في عدة مناسبات في إحتفالاتكم العائلية، خاصة خلال شهر رمضان المبارك.
سوف أخذ معي بين أمتعتي، حقيبة خفية ملئى بألوان الجزائر: ألأبيض المضيئ للعاصمة، الأزرق المذهل لسماءها، لون رمال الصحراء الأمغر، الأخضر اللامع للهضاب العليا، الأصفر الشديد للشواطئ، الأحمر لغروب الشمس في البحر.
الجزائر مثل إيطاليا، دولة جنوبية. التباعد الجسدي الذي توجب عليناعلى سبيل الإحتراس و الوقاية لم يكن أبدا تباعدا إجتماعيا بيننا، بل العكس تماما. يربطنا تقارب ودي أبعد من الجوار الجغرافي.
التاريخ يوحدنا، لكن حاضرنا ومستقبلنا ما يجعلنا متضامنين، متألفين، متّحدين.
سوف نتغلب على الجائحة معا.
لذلك نتطلع إلى المستقبل بقدر كبير من الثقة والأمل، أمل بلد مصدر طاقته الحقيقي هو شبابه بخياله، إبداعه، حسّه الفني العميق وإرادته.
إسمحوا لي أن اعبر عن تقديري بكل احترام وإعجاب لقوة وصمود النساء الجزائريات، اللائي لا زلن حاضرات وناشطات، خاصة في أصعب فقرات تاريخ الدولة.
سأغادر البلاد وأنا مقتنع بأنني شاركت في جعل علاقاتنا السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والثقافية اكثر عمقا.
صحة الجزائر، أتمنى الخير للشعب الجزائري، تحيا إيطاليا، تحيا الجزائر".