الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» يتوسط في اتفاقية سلام تاريخية بين إسرائيل والسودان - الإيطالية نيوز

الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» يتوسط في اتفاقية سلام تاريخية بين إسرائيل والسودان

الإيطالية نيوز، السبت 24 أكتوبر 2020 ـ أعلن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، أمس الجمعة، أن السودان وإسرائيل اتفقتا على تطبيع العلاقات في 23 أكتوبر. في المقابل، وصف الفلسطينيون القرار بأنه "طعنة جديدة في الظهر".

وضع «ترامب»، الذي يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في 3 نوفمبر، اللمسات الأخيرة على الصفقة في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، «بنيامين نتنياهو»، ورئيس الوزراء السوداني، «عبد الله حمدوك»، ورئيس المجلس الانتقالي السوداني، «عبد الفتاح البرهان». وجاء في بيان مشترك أصدرته الدول الثلاث "اتفق القادة على تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل ووضع حد لحالة الحرب بين البلدين". وأضاف «ترامب» أنه يتوقع أن يوافق الفلسطينيون والدول الأخرى، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، على إقامة علاقات أوثق مع إسرائيل في الأشهر المقبلة. والخرطوم الآن هي ثالث حكومة عربية تُطبِّع العلاقات مع إسرائيل في الشهرين الماضيين بعد الإمارات والبحرين.

وفي حديثه في رام الله بالضفة الغربية، قال مسؤول منظمة التحرير الفلسطينية، «واصل أبو يوسف»، إن قرار السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل "طعنة جديدة في الظهر" للفلسطينيين. وأضاف أن "انضمام السودان إلى المجموعة التي قامت بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي يمثل طعنة جديدة في الظهر للشعب الفلسطيني وخيانة لقضيته العادلة، وإن قرار السودان بأن تحذو حذو الإمارات والبحرين "لن يهز إيمان الفلسطينيين بمواصلة نضالهم". وفي قطاع غزة، قال المتحدث باسم حماس «فوزي برهوم»، الذي اعتبر السودان حليفا، إن بلاده اتخذت خطوة في "الاتجاه الخاطئ".

وقال «دونالد ترامب» في تغريدة: "فوز ضخم اليوم للولايات المتحدة ومن أجل السلام في العالم. السودان يوافق على اتفاق سلام وتطبيع مع إسرائيل! مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين ، هذه ثلاث دول عربية قامت بذلك في غضون أسابيع فقط. المزيد سوف سوف يأتي!"

في حديثه إلى المراسلين في المكتب البيضاوي، سأل «ترامب» «نتنياهو» ـ الذي كان يستخدم مكبر الصوت ء إذا كان يعتقد أن «جو بايدن»، خصمه الديمقراطي، الذي أسماه "سليبي جو" (Sleepy Joe)، سوف يفي بهذه الصفقة. أجاب «نتنياهو»: "شيء واحد يمكنني قوله لكم هو أننا نقدّر المساعدة من أجل السلام من الجميع في أمريكا ونحن نقّدر كثيرا ما فعلتم". يأتي إعلان التطبيع بعد زيارة وفد إسرائيلي للسودان لمناقشة هذا الموضوع بالذات في 22 أكتوبر. وأكدت مصادر إسرائيلية، طلبت عدم الكشف عن هويته، الزيارة.

وقد كرّر رئيس الوزراء السوداني، «عبد الله حمدوك»، مرارًا وتكرارًا أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل سيحدث بمجرد موافقة البرلمان الانتقالي، الذي لم يكتمل تشكيله بعد، على القرار. هذا لأن إدارته، كما حدّدها رئيس الوزراء، بعد أن جرى تشكيلها في أعقاب سقوط الرئيس السابق «عمر البشير» ولم يتم إضفاء الشرعية عليها ديمقراطياً بعد، لا تملك سلطة اتخاذ إجراء مماثل. من المتوقَّع أن تقود السلطة التنفيذية السودانية، التي يرأسها «حمدوك» حاليًا، البلاد إلى صناديق الاقتراع في عام 2022، حتى تتمكن الخرطوم من تشكيل حكومة منتخبة ديمقراطيًا.

ومع ذلك، دفع الضغط الأمريكي السودان إلى اتخاذ هذا القرار على أي حال. وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى أن وزير خارجية الولايات المتحدة، «مايك بومبيو»، بدأ في 21 أكتوبر، في شطب الدولة الأفريقية من قائمة الدول الراعية للإرهاب. كانت الولايات المتحدة قد أدرجت السودان في قائمة الدول المشتبه في دعمها للإرهاب في عام 1993، بعد أربع سنوات من استلام الرئيس المخلوع الآن، «عمر البشير» السلطة، متهمة حكومته بدعم الإرهاب و لإيواء زعيم القاعدة «أسامة بن لادن». واتهمت واشنطن الخرطوم بتقديم دعم لوجيستي ومالي للجماعة الجهادية ومساعدتها في تفجير السفارات الأمريكية في دار السلام، بتنزانيا، ونيروبي، بكينيا، عام 1998 وكذلك المساعدة في الهجوم على السفينة الحربية "كول" (USS Cole) قبالة ميناء عدن عام 2000. لهذه الأسباب وغيرها، فرضت الولايات المتحدة أيضًا عقوبات اقتصادية وتجارية على السودان، ولم تُخفَّف إلا خلال فترة رئاسة «باراك أوباما» الأخيرة في عام 2017.

في مقابل شطبها من القائمة، وافقت حكومة السودان الانتقالية على دفع 335 مليون دولار لضحايا الهجمات على السفارات والمدمرة الأمريكية. ومن شأن هذا الإجراء أن يُمهّد الطريق أمام حكومة الخرطوم لطلب قروض من صندوق النقد الدولي والمشاركة في مبادرة البنك الدولي الخاصة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون (HIPC)، ما يجذب الاستثمارات التي يمكن أن تعيد الخزينة التي تعاني من فقر شديد للدولة السودانية. تعرّض اقتصاد الدولة الأفريقية لضربة شديدة عندما حصل جنوب السودان على استقلاله في عام 2011، آخذًا معه ثلاثة أرباع إنتاج النفط في السودان.

وفي غضون ذلك، لا يزال الوضع في الأراضي الفلسطينية ـ التي تشمل غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية الملحقة بإسرائيل ـ دون تغيير. تعتبر هذه الأراضي تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي من قبل الأمم المتحدة، وبالتالي فهي تخضع لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949. وقد اعترف المجتمع الدولي بهذا الوضع في عام 1967، بعد حرب الأيام الستة. شهد هذا الصراع انتصارا ساحقا لإسرائيل، التي سيطرت منذ ذلك الحين على حدود المناطق ومعظم المنطقة التي يعيش فيها السكان الفلسطينيون. الجدار الفاصل الذي يبلغ طوله 570 كيلومترا والذي بنته السلطات الإسرائيلية منذ عام 2002، يتبع ما يسمى بالخط الأخضر ويفصل بين الأراضي الفلسطينية والأراضي المحتلة، بحسب حدود ما قبل حرب 1967.

على الرغم من ذلك، ترفض إسرائيل تعريف الأراضي الفلسطينية على أنها محتلة وتقول إن القانون الدولي للحرب، بالإشارة إلى اتفاقية جنيف، لا يمكن تطبيقه في هذه المناطق. الاعتراف بالاحتلال سوف يمنع إسرائيل من أي شرعية لأي ضم مستقبلي. في الوقت الحالي، تخضع الأراضي الفلسطينية لاتفاقيات أوسلو لعام 1993، التي تنص على أن الضفة الغربية مقسمة إلى 3 قطاعات إدارية: مناطق (أ)، (ب)، (ج). تقع المنطقة (أ) تحت السيطرة المدنية الكاملة للسلطة الفلسطينية و تمثل حوالي 18٪ من الضفة الغربية. تدار المنطقة (ب) بشكل مشترك بين إسرائيل وفلسطين وتشكل حوالي 22٪ من الأراضي الفلسطينية. أخيرًا، تبلغ مساحة المنطقة (ج)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، 61٪ من الضفة الغربية.

لا شك أن في قطاع غزة يوجد الوضع الأكثر خطورة. في هذه المنطقة، يوجد حظر استمر لأكثر من عقد من الزمان وأدّى إلى أن يعيش ثلثا السكان في ظروف بالغة الصعوبة، ولا يريحهم سوى ندرة المساعدات الإنسانية التي تمكنت من دخول المنطقة، حيث لا يوجد سوى 4 ساعات من الكهرباء يوميا. حذّرت الأمم المتحدة من أن الحصار الإسرائيلي مسؤول عن إحداث حالة إنسانية "كارثية". إسرائيل، من جانبها، تبرّر الحصار المفروض على غزة، بحجة أنه من الضروري عزل حماس، التي خاضت ضدها ثلاث حروب منذ عام 2008. واليوم، يعيش أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة، وهي منطقة تبلغ مساحتها 365 كيلومترًا مربعًا فقط، دون التمكن من مغادرة الجيب المحاصر بالحدود الإسرائيلية والمصرية. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 90 بالمئة من المياه غير آمنة وأن سكان القطاع يعيشون بأقل من 12 ساعة من الكهرباء في اليوم.