"صنداي تايمز": وزير التسامح الإماراتي متهم بالاعتداء الجنسي على يد عاملة بمهرجان "هاي بوكس" - الإيطالية نيوز

"صنداي تايمز": وزير التسامح الإماراتي متهم بالاعتداء الجنسي على يد عاملة بمهرجان "هاي بوكس"

الإيطالية نيوز، الإثنين 19 أكتوبر 2020 ـ أفادت صحيفة بريطانية أن امرأة بريطانية اتهمت أحد كبار أفراد العائلة المالكة، يشغل منصب وزير، بالإعتداء عليها جنسيا أثناء عملها في مهرجان "هاي" العالمي الذي نظمته هذا العام حكومة الإمارة.

ذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أن «كيتلين ماكنمارا» (Caitlin McNamara)، 32 عامًا، التي تنازلت عن حقها في عدم الكشف عن هويتها، ذكرت أنها تعرضت للهجوم من قبل الشيخ «نهيان بن مبارك آل نهيان»، 69 عامًا، وزير التسامح في حكومة الإمارات العربية المتحدة.

وقع الاعتداء المزعوم في 14 فبراير ـ عيد الحب عند الغرب ـ هذا العام في جزيرة نائية بإمارة أبوظبي حيث اعتقدت «ماكنمارا» أنه استُدعيت لمناقشة الاستعدادات لمهرجان هاي أبوظبي الافتتاحي.

وقالت الصحيفة إن «ماكنمارا» أجرت مقابلة مع "سكوتلانديارد" (Scotland Yard)، المقر الرئيسي لدائرة شرطة العاصمة .

في وقت الهجوم المزعوم، كانت «ماكنمارا» قد أمضت قرابة ستة أشهر في العمل في وزارة التسامح التابعة للشيخ «نهيان»، بعد أن عيّنتها إدارة "مهرجان هاي" لتنظيم أول تعاون لها مع الإمارات العربية المتحدة.

قالت «ماكنمارا» إنه بعد دعوتها رسميًا لتناول العشاء، أخذها الشيخ «نهيان» إلى فيلّا على جزيرة صغيرة تعتقد أنها كانت جزءًا من منتجع القرم، في أبو ظبي.

وتاليا النص الكامل للتقرير الذي نشرته صحيفة "صنداي تايمز" على جرائدها الورقية:

البداية باتصال هاتفي 

عندما رن هاتف كيتلين «ماكنمارا» يوم عيد الحب وعلمت بأن المتصل هو الشيخ «نهيان»، شعرت بالذعر. لقد أمضت قرابة ستة أشهر في العمل بوزارة التسامح التي يرأسها، بعد أن وقع تعيينها من إدارة مهرجان هاي لتنظيم أول نسخة بالتعاون مع الإمارات العربية المتحدة.

سافر الكُتّابُ من جميع أنحاء العالم إلى أبوظبي لحضور المهرجان الذي كان قد بدأ قبل 11 يوما فقط، ومن بينهم «برنادين إيفاريستو»، الحائزة على جائزة بوكر الأدبية، و «وولي سوينكا»، الحائز على جائزة نوبل للآداب، و«تشونغ تشانغ»، مؤلفة الملحمة الروائية الصينية "البجعات البرية". أقنعت «ماكنمارا» الوزارة بالموافقة على عرض افتتاحي ليلي تقدمه فرقة موسيقى الروك اللبنانية "مشروع ليلى"، والتي يُعرف عن المغني الرئيسي فيها أنه مثلي الجنس.

غير أنه كانت هناك مشكلة واحدة. في الوقت الذي يشجع فيه "مهرجان هاي" على حرية التعبير، فإنها تنتقد منظمات حقوق الإنسان الإمارات باستمرار بسبب قمعها للمعارضين. في الواقع، حقوق الإنسان من القضايا التي تهتم بها «ماكنمارا» كثيرا، وتقول في هذا السياق: "هناك نقاش مستمر حول ما إذا كان الأفضل أن نعمل في مثل هذه الدول أو نتخذ موقفا بمقاطعتها. لقد حصلت على شهادتي العليا من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية باللغة العربية بعد أن درست العلاقات الدولية في "ساسكس" وتخصصت في الدبلوماسية الثقافية، وكنت أؤمن حقا بمبدأ إشراك الآخرين".

بصفتها الأجنبية الوحيدة التي تعمل في الوزارة وتتحدث باللغة العربية، حاولت «مكنمارا» استخدام علاقاتها مع من هم في السلطة من أجل إحداث التغيير.

في اليوم السابق لمكالمة الشيخ «نهيان»، اجتمعت «ماكنمارا» إلى جانب مسؤولين كبار في الوزارة مع «بيتر فلورنس»، رئيس "مهرجان هاي"، عبر الهاتف. أثيرت قضية «أحمد منصور»، الشاعر والإعلامي المعروف الذي حُكم عليه بالسجن 10 سنوات بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي "تمسّ من هيبة ومكانة الإمارات". أزعج هذا التدخل شركة العلاقات العامة التي تُشرف على مهرجان هاي، "برونزويك آرت".

اتصال من الشيخ

جاءت مكالمة الشيخ «نهيان» في وقت متأخر من صباح اليوم التالي، حيث قالت «ماكنمارا»: "سألني عن حالتي وطلب مني الخروج لتناول العشاء. لقد كانت محادثة رسمية قصيرة للغاية. لم أتحدث معه أبدا عبر الهاتف أو ألتقي به بمفردي وافترضت أن هذا اللقاء سيكون بحضور بعض الشخصيات الإماراتية البارزة لمحاولة إقناع المشرفين على المهرجان بالتخلي عن حملتهم المنتقدة للإمارات". وأضافت قائلة: "بعد ستة أشهر من وجودي هناك، اعتدت على تلقي الاستدعاءات لحضور الاجتماعات في جميع أوقات اليوم. لا أحد يرفض لـ«نهيان» طلبا".

يُذكر أن «نهيان»، البالغ من العمر 69 سنة، هو أحد أفراد عائلة آل نهيان الثرية التي تحكم أبوظبي، وعلى رأسها الشيخ «خليفة بن زايد آل نهيان». وفقا لموقع "بيزنس إنسايد" فإن عائلة "آل نهيان" هي رابع أغنى عائلة ملكية في العالم، حيث تسيطر على صندوق ثروة سيادي بأصول تقدر بنحو 830 مليار دولار (640 مليار جنيه إسترليني)، بما في ذلك العديد من العقارات في لندن. كما يمتلك الشيخ «منصور»، أحد أفراد العائلة، نادي "مانشستر سيتي". أما «ماكنمارا»، فهي من بلدة "هاي" في المملكة المتحدة، وهي ابنة عامل بناء وطبيبة عامة، تستأجر شقة بغرفة نوم واحدة في شرق لندن وتتنقل من مكان إلى آخر.

ارتدت «ماكنمارا» فستانا أبيض بأكمام طويلة وياقة عالية، باعتباره زيا يليق بعشاء عمل في مجتمع مسلم محافظ. من جهة أخرى، يُظهر سجل المكالمات في هاتفها أن سائق «نهيان» اتصل بها حوالي الساعة الثامنة مساء ليقول إنه وصل إلى فندقها، فندق "باب القصر" ذي الخمس نجوم، المكان الذي اختارته لها الوزارة للإقامة فيه. كتبت «ماكنمارا» رسالة نصية إلى «فلورنس» من السيارة في الساعة الثامنة وأحد عشر دقيقة مساء قائلة: "أشعر وكأنني استدعيت إلى مكتب مدير المدرسة بسبب تعطيل سير الفصل. إذا لم أعد خلال 24 ساعة، أرجو إرسال المساعدة". ردّ «فلورنس»: "أرسلي لي رسالة نصية لحظة خروجك. ولا تأكلي أي شيء أزرق اللون أبدا".

على الرغم من المزاح، تعترف «ماكنمارا» بأنها شعرت بعدم الارتياح وشغّلت نظام التتبع في تطبيق واتساب، ما يتيح للآخرين معرفة موقعها. وقالت: "لم أكن قلقة لكنني اعتقدت أن الليل قد اقترب وقيل لي إنني ذاهبة إلى مكان بعيد".

تقول إنها التقت بالشيخ «نهيان» في خمس أو ست مناسبات تقريبا، لمناقشة الاستعدادات للمهرجان، ولكن كان ذلك دائمًا برفقة أشخاص آخرين. كان غالبًا ما يُلقّب "بشيخ القلوب"، وهو محبوب على نطاق واسع في الإمارات العربية المتحدة.

أخذت تحسّ بشيء من الانزعاج وقد تفاقم ذلك الشعور عندما، غيّرت السيارة وجهتها، وبدلاً من التوجه إلى القصر، اتجهت في الاتجاه المعاكس المؤدي إلى خارج المدينة. "لم يحدد السائق الوجهة".

بعد مضيّ حوالي 16 دقيقة، عبروا جسرًا يؤدي إلى جزيرة صغيرة بها فيلا، تعتقد أنها تقع في "منتجع القرم"، الذي يملك معظم عقاراته أفراد العائلة المالكة. أحد هذه العقارات معروض للبيع حاليا بما يناهز الـ7 ملايين جنيه إسترليني.

وصفت «ماكنمارا» الفيلا قائلة: "بدت مثل متحف غوغنهايم، بشكلها الدائري، مشيدة بالكامل من الإسمنت والزجاج". بقي السائق في السيارة وفتح البواب باب الفيلا واصطحبها إلى الصالة. لم يكن هناك أحد، كانت صور الشيخ مع أفراد العائلات الملكية من كل أنحاء العالم تغطي الجدران، وكان يظهر في الصور مع فرقة رولينغ ستونز و مع البابا كذلك.

أخذ البواب حقيبة يدها التي كانت تحتوي على هاتفها، كما هو معتاد في الاجتماعات مع كبار أفراد العائلة المالكة، وسألها ماذا تشرب. طلبت بعض الماء، فالإمارات العربية المتحدة بلد إسلامي صارم يُحظر فيه شرب الكحول، كما أنها اعتقدت أنها في اجتماع عمل. لكن بدلاً من ذلك، أحضر "زجاجة خمر أبيض".

انتظرت «ماكنمارا» حوالي ربع ساعة قبل أن يأتي الشيخ. وقالت إنه قد بدا أكثر ودية مما توقعت. قالت: "صُدمت لأنه عانقني". فتح خزانة وأخرج منها حقيبة "تاغ هوير" تحتوي 

بداية التحرش

"حينها بدأ يلمسني. كان ذلك مخيفا. كان يجلس على الأريكة بجواري وبدأ يلمسني من ذراعي ويمرر يديه على ساقي. فهمت فجأة سبب وجودي هناك. شعرت بأنني ساذجة جدا". قالت إنّ الخوف تملّكها. "كنت وحدي على هذه الجزيرة داخل مبنى إسمنتي مع هذا الرجل صاحب النفوذ، في بلد نسمع فيه كل يوم قصصا عن أشخاص اختفوا في الصحراء".

لم تعرف «ماكنمارا» ماذا تفعل. "أي امرأة في العالم يمكن أن تفهم هذا الشعور. يجب أن أخرج من هنا دون ضرر. بعد أن عملت في منطقة الشرق الأوسط لعقد كامل، أعلم أنه لا يجب أن تُغضبي هؤلاء الأشخاص. لم يكن الأمر كالعيش في  لندن، حيث كان يمكنني الخروج من هذا الموقف بسلام".

كانت تفكر أيضًا في المهرجان. "لقد وظفت كل هؤلاء الأشخاص، وسافر العديد من الكتّاب والعديد من الأشخاص للحضور، لذلك يجب أن أتمكن من الخروج من هنا دون أن أجعل هذا الرجل يعتقد أنني أرفضه".

بالنسبة لـ«ماكنمارا»، كان العمل مع "هاي" أكثر من مجرد وظيفة. "لقد نشأت هناك وكان المهرجان بمثابة المدينة التي تحتضننا. كان «بيتر» صديقًا للعائلة ومدربا. عملت في عدة وظائف مثل غسيل الملابس، وعاملة في مأوى السيارات، عملت مع فريق فيلم "الغرفة الخضراء" في عمر الخامسة عشرة، كنت أصطحب الكتّاب إلى مواقع التصوير وأقوم بالأبحاث لـ«بيتر». شعرت أنني غبية جدا، عندما اعتقدت أنني كنت هناك للحديث عن حملة من أجل الشاعر (أحمد منصور)، بينما كان ينظر إلي على أنني وسيلة للتسلية".

"قلت له: أنت رئيسي في العمل" لكنه أجاب بأنّ ذلك غير مهمّ. "ثم أخبرته أنني مخطوبة - لكنه قال إن هذا لا يهمّ أيضا". قالت له إنها تريد المغادرة. لكنه رفض قائلا: "لا يمكنك الذهاب، لقد أعددت لك العشاء. أخذني إلى غرفة أخرى. في تلك الغرفة بدأت الأمور تصبح فظيعة حقًا. أمسك بوجهي وبدأ يقبلني".

ظهر البواب مرة أخرى ومعه وعاء من شوربة العدس للشيخ ووليمة ضخمة تتألف من حوالي 15 طبقا. "قال الشيخ إن العشاء سيروق لي. كان هناك سمك السلمون المدخن والأفوكادو، وفطيرة الراعي، وبرياني السمك وستيك وشيبس وحلويات. شعرت بالامتعاض وقلت له إنني لست جائعة، لكنه استمر في تقطيع الطعام إلى أجزاء وحاول إطعامي. لم أكن أعرف ماذا أفعل. توقفت عن شرب الخمر الأبيض خوفا من أن يكون به مخدر. ظل يقول، اعتقدت أنك إيرلندية، هيا احتسي الشراب!".

أخيرًا، -على حدّ قولها- ذهب إلى الحمام. "هناك باب زجاجي خلف الستائر، خرجت وكان هناك عشب به رصيف مطل على البحر. ذهبت حتى النهاية لأرى هل كان بإمكاني السباحة بطريقة ما، ولكن كل ما استطعت رؤيته هو البحر، وكان هناك أيضا نقاط تفتيش".

عندما عادت إلى الداخل، كان يتجول في الصالة بحثا عنها. "أخبرته أن الوقت قد تأخر وأريد الذهاب. قال حسنا. بدت النبرة التي تحدث بها مختلفة. دخلنا الغرفة التي وُضعت فيها حقيبتي لذلك ظننت أننا سنغادر المكان. كانت الساعة الـ11:45 مساءً، غافلته وأرسلت رسالة نصية بسرعة إلى «بيتر فلورنس». أصيب بالهلع حين أظهر له التطبيق أن «ماكنمارا» في عرض البحر. كتب لها "أرجوك يا إلهي أخبرني أنك تحتفلين على متن قارب".

فأجابت: "«بيتر»، لقد قبلني". "لا أريد أن أفسد المهرجان ولكن عليّ الخروج من هنا". وبدلاً من السماح لها بالرحيل، قالت إن الشيخ أخذها في جولة. "ذهبنا إلى غرفة وكل غرفة تفتح على غرفة أخرى. كانت الفيلا بالفعل مربكة. كان هناك الكثير من القطع الفنية، غرفة مليئة بالسيوف، وأخرى بها جاكوزي. طلب مني أن أخلع ثيابي وأدخل إلى الجاكوزي، لكنني رفضت.

مصعد ذهبي

"بعدها ركبنا مصعدا ذهبيا، ودفعني إلى الجدار، وبدأت يفرك ثديي بطريقة غريبة تشبه مساحات الزجاج الأمامي. خرجنا إلى غرفة مليئة بزجاجات العطر ودفعني للخلف على سرير دائري مغطى بالفراء. نزع ثوبه الذي كان يغطي جسده العاري، وصعد فوقي. أسدلت فستاني، لكنه وضع يديه على ثوبي وأصابعه على جسمي، لقد تحرش بي بشكل مؤلم". نفى «نهيان» هذه المزاعم.

أضافت قائلة: "لقد كان عنيفا للغاية. لقد كنت أحاول دفعه بعيدًا عني - ولم يكن بإمكاني القيام بذلك بلطف. كنت خائفة. أنا أعرف ما يفعلونه بأشخاص مثل أميرات دبي اللواتي حاولن الهرب، لقد تم اختطافهن وحبسهن. لقد كان هذا الرجل يتحكم في كل جانب من جوانب حياتي هناك، رحلاتي الجوية وتأشيرتي. لقد أمضيت ما يكفي من الوقت هناك لمعرفة قوته وتأثيره".

كانت خائفة للغاية لدرجة أنها لم تستطع أن تشرح كيف تمكنت من الهرب. واصلت حديثها قائلة: "أتذكر فقط أنه استمر في مسك ساقي والتحرش بي حتى وأنا أحاول الهرب منه". بطريقة ما تمكنت من النزول إلى الطابق السفلي واتجهت إلى الخارج وصعدت السيارة. وأضافت: "كنت أحاول أن لا أبكي. لم أكن أعرف ما الذي كانوا سيفعلونه بي - أو ما إذا كانوا سيعيدونني إلى الفندق".

أرسلت رسالة نصية إلى «فلورنس» من داخل السيارة على الساعة الـ12:30 صباحًا وأخبرته بأنها "تمكنت من مغادرة منزله. وبطبيعة الحال، لم يرغب في التحدث عن حقوق الإنسان. لقد كان غباءً مني". بعد أن ذهبت بالسيارة، اتصل بها الشيخ مرتين، وذلك وفقا لسجلات هاتفها. وقالت إنه "أخبرها بأنه يحبها". 

بمجرد عودتها إلى الفندق، اتصلت بـ«فلورنس» وأخبرته بما حدث. وبينما كانت تتحدث عبر الهاتف، رن جرس الباب وفوجئت عند فتحه بباقة مكونة من 100 وردة حمراء، والساعة السويسرية التي تركتها خلفها. وقالت: "لقد كنت حقا غاضبة وخائفة. وقد أخبرني «بيتر» أنه ينبغي علي المغادرة حالا، لكنني لم أرغب في المغادرة في جنح الظلام".

"بقيت مستيقظة طوال الليل أفكر، وقد ظل يتصل بي ولكنني كنت أتجاهل اتصالاته، لذلك كنت أدرك أنه ينبغي عليّ المغادرة". ومن أجل الفرار إلى دبي اتصلت بصديقها «جوش» في لندن، وصديقتها الأخرى التي تعيش على بعد 90 ميلاً في دبي مع شريكها. ويصف ذلك الصديق كيف كانت «ماكنمارا» حزينة، "ومرتبكة"، لذلك فإنه طلب منها القدوم إلى منزله.

عند بزوغ الفجر، استقلت سيارة أجرة في رحلة استغرقت ساعتين إلى دبي وأمضت الليلة هناك ريثما تتمكن من حجز غرفة في فندق "زعبيل هاوس" المجاور باسم مستعار. كما أنها اتصلت بوالدتها، الطبيبة العامة المتقاعدة، لتخبرها بما حدث معها وللحصول على المشورة الطبية.

في غضون ذلك، واصل الشيخ الاتصال بها، وتظهر سجلات هاتفها أنه اتصل بها في اليوم التالي للحادثة حوالي 14 مرة. ويوم الأحد 16 فبراير، أرسل لها رسالة نصية جاء فيها "صباح الخير حبيبتي العزيزة، آمل أن الأمور تسير على ما يرام كما هو مخطط، استمتعي بيومك، ولا ترهقي نفسك، أنا أتطلع لرؤيتك قريبًا، لقد اشتقت لك، اعتني بنفسك".

في ذلك الصباح، بناءً على نصيحة «توم فليتشر»، السفير البريطاني السابق في لبنان، والذي كان يعيش في أبو ظبي، اتصلت «ماكنمارا» بمسؤول رفيع المستوى في السفارة البريطانية في دبي. امتنع المسؤول عن مناقشة الاعتداء عبر الهاتف، ووافق على مقابلتها في الفندق.

تقرير وزارة الخارجية

يؤكد تقرير وزارة الخارجية البريطانية الذي جرى الحصول عليه بموجب طلب بيانات شخصية، أنهما التقيا هناك في تمام الساعة الـ14:50. ووفقًا لـ«ماكنمارا»: "قال إنه ليس من المفترض أن يُسدوا إليّ النصيحة، ولكنه نصحني بالمغادرة وعدم إبلاغ الشرطة، لأن الأمر سينتهي باعتقالي". ولكن تقرير وزارة الخارجية ذكر ذلك بطريقة مختلفة.

جاء في التقرير: "لقد نصحتها بأن السفارة لن تخبرها أبدًا بما يجب أن تفعله في ما يتعلق بإبلاغ الشرطة بالحادثة أو بشأن البقاء في الإمارات أو المغادرة. لقد أجرينا نقاشًا طويلًا حول هذا الموضوع ولقد اعترفت لها بأن رفع القضية إلى الشرطة واتهام «نهيان» بالاعتداء عليها يعدّ أمرا صعبا (هذا إن لم يكن مستحيلا)، بالإضافة إلى أنها ستواجه نفس المشكلة في الحصول على أي شكل من أشكال التمثيل القانوني".

وبحسب التقرير، فقد ذهبت «ماكنمارا» إلى السفارة في صباح اليوم التالي، الاثنين الموافق لـ17 فبراير، والتقت المسؤول مرة ثانية، بالإضافة إلى مسؤولة أخرى في السفارة.

وجاء في التقرير: "قالت «كيتلين» إنها استمرت في تلقي مكالمات غير مرغوب فيها من «نهيان آل نهيان»". كما أنها كانت تتلقى مكالمات من رعاة المهرجان والفنانين - اتصل بها سوينكا في ذلك اليوم. قالت إن "الأمر كان محبطًا حقًا. لقد أمضيت ستة أشهر في التحضير لهذا المهرجان الذي كان صعبًا للغاية وقد ضاع كل شيء بسبب نزوات هذا الرجل في سنة 2020".

من جانب آخر، حجزت شقيقتاها الأصغر سناً تذكرة للسفر والانضمام إليها لحضور المهرجان ثم قضاء عطلة هناك. "لم أستطع التوقف عن التفكير في أختي الصغيرة التي ادّخرت ما يكفي للسفر من أجل المهرجان - إنها تلميذة. لقد كانت المرة الأولى التي تسافر فيها إلى الشرق الأوسط ولم أكن أرغب في تعزيز كل تلك الأفكار السيئة عن الرجال العرب الذين كنت أعاني منهم بشدة طوال مسيرتي المهنية".

أرسل إليها «نهيان آل نهيان» رسالة أخرى يوم الثلاثاء، يقول فيها: "من فضلك اتصلي بي عندما تسنح لك الفرصة، اعتني بنفسك". في نهاية المطاف، غادرت إلى عمان في 23 فبراير، قبل يومين من المهرجان، ودفعت المال لتغيير خط رحلة شقيقتها حتى تقابلها هناك.

كان من المفترض أن تكون عطلة، لكنها لم تستطع التوقف عن التفكير في ما حدث. وقد واصلت وزارة العمل الإماراتية الاتصال بها ومراسلتها، لإخبارها أنها انتهكت قوانين العمل في البلاد بتركها العمل قبل انتهاء العقد المبرم معها. "ولم يكن أمامهم خيار سوى الإبلاغ عنها باعتبارها فرّت من البلاد".

في 25 فبراير، افتُتح المهرجان كما كان مقررا. "كنتُ بصدد مشاهدة الحكم الصادر في حق «هارفي واينستين» على التلفزيون وأنا أتابع الافتتاح على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي. كان بإمكاني رؤية «بيتر» و«نهيان» على خشبة المسرح، يحظيان بالإشادة بسبب العمل الذي قمتُ أنا بإعداده. جعلني ذلك أشعر بالاستياء - كيف يحدث ذلك؟"..

"لقد فهمت السبب وراء قيام «بيتر» بذلك. ولم أكن أريد أن يكون كل هذا العمل الجاد بلا مقابل، أو أن نخذل الجميع. لكن لا أحد يعلم ما حدث لي - اعتقدوا أنني تعرضت لانهيار عصبي. وأردت أن يعرف الجميع [في المهرجان] ما حدث".

وفي حالة من اليأس، راسلت «فلورنس» قائلة: "مرحبََا «بيتر»، أعلم أنك مشغول كثيراََ ولكنني شاهدت محاكمة «هارفي واينستين» في الأخبار، ثم رأيت «نهيان» يلعب دور الرجل الطيب في الافتتاح. لا يمكنني التزام الصمت بشأن ما فعله، فهو أمر يتعارض مع مبادئي، ولكنني أيضا في نفس الوقت لا أريد أن أفسد عملك وعمل الفريق".

أجابها «فلورنس»: "سأستعين بواينستين في خطابي". ووفقًا لتغريدة كتبها «جوتو هاري» أحد أعضاء مجلس إدارة المهرجان، قال «فلورنس»: "إذا كان ينبغي إدانة شخص ما، من اليوم فصاعدََا، فليكن فقط «هارفي واينستين»، إنه عار على البشرية".

"لا أشعر بالخجل"

راسلته «ماكنمارا» عبر البريد الإلكتروني في وقت لاحق من صباح ذلك اليوم قائلة: "أشعر بعدم الارتياح بشكل متزايد بسبب طريقة التستر على هذا الأمر". أضافت معطيات تفصيلية حول ما حدث في ليلة الاعتداء المزعوم وطلبت منه إرسالها إلى زملائه ومجلس إدارة المهرجان. قالت في نهاية رسالتها: "لم أكن أتوقع هذا أو أستحقه، فأنا لا أشعر بالعار حول الكشف عن تفاصيل ذلك الحادث، وأود أن يعرف الفريق حتى نتمكن من العمل معًا لتقليل احتمالات حدوث مثل هذا الأمر مع الآخرين، ومن أجل التأكد من أننا لسنا منافقين في مطالبة الوزارة بممارسة القيم التي يُنادون بها".

لم يتم إرسال البيان. وفي اتصال من صحيفة "صندي تايمز" للتوضيح بشأن هذه المسألة، أجاب «فلورنس» بأنه ليس على ما يرام للإجابة عن الأسئلة. ومن جهتها، ردت «كارولين ميشيل»، رئيسة المهرجان بأنه "لم يكن من الممكن إعلام الجميع بالحادثة، ولم يكن من السهل القيام بذلك، بينما كنا نفتقر إلى خطة واضحة للجوء إلى العدالة. لذلك، ولأسباب خاصة، تمت مشاركة تفاصيل الاعتداء في نطاق ضيق".

في الثاني من شهر مارس، تلقت رسالة أخيرة من «نهيان» قال فيها: "صباح الخير عزيزتي «كيتلين»، أريد فقط أن أعبر عن بالغ تقديري للعمل الشاق الذي قمتِ به والذي جعل مهرجان "هاي" ناجحا. أنا أشعر بخيبة أمل لأنه لم تتح لي الفرصة لأشكرك شخصيا. ومع ذلك، أريدك أن تعلمي بأنه سيكون مُرحبا بك هنا دائمَا وفي أي وقت. سيكون من دواعي سروري رؤيتك مرة أخرى".

في الخامس من شهر مارس، عادت إلى لندن مع شقيقتيها لتجد أن بريطانيا تستعد لمجابهة الوباء المنتشر عالميا. لقد تم إيقاف راتبها ووقع إلغاء عقدها المستقبلي لإقامة مهرجان "هاي" في تل أبيب بسبب فيروس كورونا. وفي هذا الإطار قالت «ماكنمارا»: "ما فعله أثّر على كل شيء، بداية من علاقاتي الشخصية - انفصلتُ عن صديقي الذي كنت أواعده لفترة طويلة، وأبعدت عن عائلتي وأصدقائي وعملي. لم أفقد وظيفتي فحسب، بل لم أعد أتخيل العمل مرة أخرى في الشرق الأوسط. لا يمكنني العودة إلى الإمارات بل حتى العالم العربي كله".

قبل يوم من فرض الحجر الصحي الشامل، تخلّت عن جميع كتبها المتعلقة بالشرق الأوسط لفائدة منظمة خيرية، وقالت: "شعرت كذلك بأن المهرجان قد تخلى عني.. لقد أمضيتُ فترة الحجر الشامل في شقتي شرق لندن وأنا أشعر وكأنني محل للسخرية".

أخيرا، وفي 21 أبريل، أرسلت بريدا إلكترونيا إلى «فيليب ساندس»، الكاتب المعروف ومحامي حقوق الإنسان الذي كان موجودا في المهرجان، والذي كان أول من سمع بالاعتداء وأصيب بالذعر وقام بإعلام مجلس إدارة المهرجان.

وُضع اسمها على كشوفات الرواتب حتى يتسنى لها الحصول على إجازة والتمتع بإحاطة نفسية. أظهر التقرير الطبي الذي اطلعت عليه صحيفة "صندي تايمز" أنها تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة للحادث الذي تعرضت له. وتقول «ماكنمار» كذلك إن نوبات الهلع المتكررة في الليل جعلتها لا تنام جيدا.

بالإضافة إلى ذلك، عرّفها «ساندس» على البارونة «هيلينا كينيدي»، التي تمثل صوتا رائدا في مجال حقوق المرأة. تقول «ماكنمارا»: "كانت «هيلينا» تستمع إليّ عندما لم ينصت إليّ أحد. أتمنى أن يجد كل شخص امرأة مثلها لتقف إلى جانبه في محنته".

شعرت «كينيدي» بالغضب وقالت: "لقد كنت في يوم من الأيام رئيسة للمجلس الثقافي البريطاني وأنا أؤمن بشدة بالتعاون بين الثقافات. إننا نخلق عالما أفضل بفضل التواصل ومشاركة فنوننا ومعارفنا وأفكارنا". وتضيف قائلة: "إن الانتهاك الجسيم الذي ارتكبه رجل يُعتبر من أهم الوزراء في بلده في حق امرأة موجودة هناك لتنظيم حدث ثقافي كبير، بمثابة عمل إجرامي. يجب على الإمارات إقالته على الفور، ولكنني أظن أن ذلك لن يحدث لأن عائلته تحكم البلد". بمجرد انتهاء فترة الإغلاق، ذهبت ماكنمارا إلى الشرطة وقدمت لهم تسجيل فيديو لمقابلة دامت ثلاث ساعات مع وحدة الأسرة في "ستراتفورد"، شرق لندن. 

من جهتها، أخذت الشرطة مخاوف «ماكنمارا» بشأن سلامتها الشخصية على محمل الجد، لدرجة أنها ثبّتت أجهزة إنذار في شقتها وخصصت لها محققة لتطمئن عليها كل أسبوع. تقول «ماكنمارا»: "تمتد سلطته ونفوذه في كثير من أنحاء العالم بما في ذلك هذا البلد".

كانت «ماكنمارا» مصممة على متابعته قضائيا، وقد كلّفت البارونة «كينيدي» فريقا من شركة "كارتر روك" للمحاماة في لندن بتمثيل ماكنمارا دون مقابل، وشرعت في النظر في ما إذا كان بإمكانهم مقاضاة نهيان في بريطانيا بموجب القوانين الدولية التي يرون أنها تمكنهم من رفع قضايا تخص انتهاكات حقوق الإنسان، مثل التعذيب واحتجاز شخص ضد إرادته، في أي بلد.

أُرسل تقرير الشرطة إلى دائرة الادعاء الملكية، وأُبلغت «ماكنمارا» بأنه كان من المتوقع اتخاذ القرار بشأن ما إذا كانوا سيشرعون في محاكمة الشيخ الشهر الماضي لكنهم ما زالوا ينتظرون. ولهذا السبب، تقدمت «ماكنمارا» إلى صحيفة "صندي تايمز" وكشفت عن هويتها. تقول «ماكنمارا»: "أشعر أنه ليس لدي ما أخسره. أريد أن أفعل هذا لأنني أريد تسليط الضوء على تأثير الرجال ذوي النفوذ مثله، الذين يقومون بأشياء من هذا القبيل ويعتقدون أنهم يستطيعون الإفلات من العقاب. بدا واضحا من الفخ الذي نصبه أنني لست الضحية الأولى أو الأخيرة. لقد سبّب لي ما كان بالنسبة إليه مجرد نزوة، مشاكل نفسية وجسدية هائلة".

من جهته، لم يرد الشيخ «نهيان» على مكالمات أو رسائل صحيفة "صندي تايمز" بشأن المزاعم التي أُرسلت إليه أيضا عبر مستشاره الصحفي. في المقابل، وقع إرسال خطاب من قبل محامي جرائم التشهير لدى شركة "شيلينغز" القانونية في لندن، والذي احتوى على البيان التالي: "موكلنا مندهش وحزين من هذا الادعاء الذي ظهر بعد ثمانية أشهر من الحادثة المزعومة ومن خلال صحيفة بريطانية. إن هذا الادعاء غير مقبول". في هذه الأثناء، يستمر الرجل الذي يحب أن يُعرف باسم "شيخ القلوب" في الادعاء بأنه يدعو إلى التسامح. والخميس الماضي، شارك في استضافة حفل توزيع جوائز المرأة العربية.