يأتي الاجتماع، الذي عُقد في قصر بعبدا الرئاسي، في إطار مناخ يرى لبنان في مأزق سياسي مستمر، ما زاد من تفاقم الوضع الاقتصادي اللبناني، الذي يتميز بواحدة من أكثر الأزمات حدة منذ الحرب الأهلية 1975ـ1990.
وفي أعقاب الانفجار العنيف الذي ضرب ميناء بيروت في 4 أغسطس، وتسبب في أضرار جسيمة في الحياة البشرية والمادية، أعلنت فرنسا، عبر رئيسها «إيمانويل ماكرون»، أنها مستعدة لإرسال مساعدات إلى لبنان، ولكن في مقابل حكومة مستقلة غير حزبية تتكون من متخصصين قادرين على معالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية الخطيرة التي تواجه البلاد. وفي هذا الصدد، اقترحت باريس "خارطة طريق" حقيقية يجب اتباعها.
بالنسبة لسعد الحريري، "المبادرة الفرنسية" هي الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق لإعادة إعمار بيروت بأسرع الطرق وأكثرها أمانًا. لهذا السبب، وكما جاء خلال اجتماع 12 أكتوبر، ستفتح، من خلال وفد خاص، خطوط اتصال مع مختلف الأحزاب السياسية اللبنانية، لتشجيعها على تنفيذ ما تطلبه باريس والمانحون الدوليون الآخرون. والهدف هو ضمان عدم تكرار ما حدث في 26 سبتمبر، وهو التاريخ الذي أفاد فيه رئيس الوزراء المعين سابقًا، «مصطفى أديب»، أنه لم ينجح في المهمة الموكَّلة إليه، أي تشكيل فريق حكومي غير حزبي ومستقل.
وأفادت صفحة الرئاسة اللبنانية عبر "تويتر" في تغريدة بأن "الرئيس «عون» أكّد خلال لقائه رئيس الحكومة السابق «سعد الحريري» وجوب تشكيل حكومة جديدة بالسرعة الممكنة، لأن الأوضاع لم تعد تحتمل مزيداً من التردي، وشدّد على ضرورة التمسك بالمبادرة الفرنسية".
الرئيس عون أكّد خلال لقائه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وجوب تشكيل حكومة جديدة بالسرعة الممكنة لان الأوضاع لم تعد تحتمل مزيداً من التردي، وشدّد على ضرورة التمسك بالمبادرة الفرنسية
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 12, 2020
وحسب «الحريري»، فإن لبنان لن يموت إذا لم تكن هناك أحزاب تقود السلطة التنفيذية لبضعة أشهر. وأشار رئيس الوزراء السابق إلى أن الهدف الأساسي هو تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية والإدارية فقط. وأشار «الحريري» إلى أن الحكومات التي تشكّلت بطريقة تقليدية، وتمثّل القوى السياسية المختلفة، فشلت حتى الآن، بحيث فشلت في وضع وتنفيذ الإصلاحات اللازمة، مما دفع البلاد نحو الانهيار الحالي. ثم صرّح رئيس الوزراء السابق أن الإصلاحات المذكورة قد جرى تحديدها بالتفصيل في وثيقة جرى إيداعها لدى السفارة الفرنسية، والتي تمثّل "إعلانًا وزاريًا" للحكومة الجديدة. وبحسب «الحريري»، فإن تشكيل مثل هذه الحكومة وتنفيذ الإصلاحات يسمحان للرئيس الفرنسي «ماكرون» بالوفاء بوعوده، وهي تشجيع المجتمع الدولي على الاستثمار في لبنان وتوفير التمويل الأجنبي. وقال رئيس الوزراء السابق إن هذه هي "الطريقة الوحيدة لوقف الانهيار الرهيب الذي نعاني منه كأمة ودولة ومواطنين".
دولة الرئيس سعد الحريري بعد لقائه الرئيس عون: مقتنع بأنّ مبادرة الرئيس ماكرون هي الفرصة الوحيدة والأخيرة الباقية لبلدنا لوقف الإنهيار وإعادة إعمار بيروت والجميع يُدرك هذا الأمر ويعرف أنّ لا وقت لدينا لإضاعته على المهاترات السياسية pic.twitter.com/OD5pdPLPty
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) October 12, 2020
يُعتقد أن الثنائي الشيعي، المكوَّن من "حزب الله" و "حركة أمل"، من بين المذنبين الرئيسيين في المأزق السياسي المستمر في بيروت. وقد أصرّت هذه الأحزاب على تعيين دُعاة شيعة على رأس الوزارات التنفيذية وخاصة على رأس وزارة المالية. خَشي الحزبان أن يؤدي أديب، كونه مسلماً سنياً، إلى دور هامشي. في الوقت نفسه، وكما صرح رئيس الوزراء الأسبق «فؤاد السنيورة»، فإن إيران، من أنصار حزب الله، ستكون وراء الإفلاس والقواعد المفروضة لتشكيل السلطة التنفيذية الجديدة.