بقلم: عبد الجبار أبو مالك
الإيطالية نيوز، الأحد 10 مايو 2020 ـفي الولايات المتحدة، ترامب يدعو الأمريكيين إلى الصلاة ومناجاة الرب لرفع جائحة كورونا ونائبه بينس يذهب إلى أكثر من هذا ويدعو جميع الديانات للصلاة والتضرع لرفع البلاء. أما إيطاليا، البلد الأوروبي الذي عانى من الوباء، والذي يعتبر البؤرة الثانية إلى جانب الصين، تقول إنها ستفتح الكنائس للعبادة والمساجد ودور العبادات الأخرى بحكم حرية التدين التي يكفلها الدستور. لكن كل المساجد أو جلها لن تستطيع فتح أبوابها بسبب الإجراءات التي فرضتها الحكومة الإيطالية على دور العبادة بدون استثناء، من نظافة و تعقيم مستمر و إبقاء مسافة آمان بين المصلين و منظمين ساهرين عليها وكمامات...بالإضافة إلى قوانين داخلية يجب تطبيقها.
وبحكم طريقة تعبد المسلمين التي يصعب من خلالها تطبيق هذه الإجراءات وما تتطلبه من أموال خصوصا ان المساجد تمول من طرف محسني الجالية الإسلامية، فإن المساجد على أقصى تقدير ستظل مقفلة. ويبقى على كل حال الشكر موصول للحكومة الإيطالية على هذه المبادرة الطيبة. وكان رئيس الحزب اليمين الرابطة "المتطرف" ماثيو سالفيني، الذي يكتسح كل إيطاليا في كل الجهات و تعطيه استطلاعات الرأي أكثر من %30، قد دعى الحكومة في ذروة الوباء إلى فتح الكنائس أمام المسيحيين للصلاة رغم خطورة العدوى. بينما إيطاليا التي تبقي المسارح وقاعات السينما مغلقة تفتح دور العبادات أمام المصلين.
دولتان هما الأكثر تضررا من الوباء وهما من الدول السبعة الأكثر صناعة وبعد أن أنهكهما وجربا كل الوسائل طلبتا من الناس أن تصلي وتدعو خالق السماوات والأرض.
وفي بلد عربي أمازيغي ذو أغلبية مسلمة هناك من يدعي أنه علماني ومتفتح يقول إن الدين لا ينفع في هذه الظروف بقدر ما ينبغى على الإنسان إيجاد الدواء واللقاح. نعم ، إلى حد ما أنت صائب، ولكن لماذا تطلب انت من إنسان لا يملك الا نفسه أن يجد الدواء وهل وجدت أنت الدواء واللقاح وانت تدعي الثقافة والمعرفة. إن الدواء واللقاح يجب أن توفره الدولة التي تعطيك ملايين السنتيمات وتدعمك وتتركك تتهكم على حرية معتقد مواطنيها، وهي التي تسمي نفسها دولة مدنية تدافع عن حقوق الناس جميعا تتركك ولا تلجمك، والدولة التي تسمي نفسها بإمارة المؤمنين لم تفرض يوما عليك شيئا لا تريده، وهذا من حقك، لكنها تركتك تتكلم و تعيب مواطنيها ولا من يحرك ساكنا.
إن العلماني الليبرالي (الملحد) في الدول المسلمة يعتقد أن الغرب ترك الدين لكي يتطور ويعتقد أنه تجرد من ثقافته الدينية ويدعو المسلمين للانسلاخ عن دينهم وهويتهم، ونسي أو تناسى أن الطقوس الدينية في أوروبا وأمريكا شاملة ومسيطرة في منحى الحياة، وتراها في الزواج وتسيمة الأولاد ومراسيم الدفن و تدريسها في المدارس وفي كل الأماكن.