بقلم الدكتور أكرم سواس، (طبيب سوري، إيطالي الجنسية، يعمل في قسم الطوارئ في إحدى مشافي مقاطعة فيرونا، بإقليم فينيتو)
الإيطالية نيوز، الخميس 9 أبريل 2020 - طبعاً منذ أواخر شهر شباط فبراير الماضي وإيطاليا تخوض حرب شرسة ضد فيروس كورونا المستجد كوفيد-19. هذا النوع من الفيروسات ينتمي إلى سلالة فيروسات كورونا التي هي عبارة عن مجموعة كبيرة من الفيروسات التي يمكن أن تصيب الحيوانات والبشر على حد سواء، حيث تصيب بشكل رئيسي الجهاز التنفسي، مثل نزلات البردالسنوية في فصل الشتاء أو الالتهاب الرئوي الحاد في بعض الحالات.
وكما ما هو معروف فالفيروس ظهر في الصين وتحديداً في ووهان نهاية سنة 2019. في الحقيقة هناك خلاف حول بداية ظهور هذا الفيروس، حسب التصريحات الرسمية للصين فإن الفيروس انتشر من سوق ووهان للمأكولات البحرية، ولكن هناك من يشكك في صحة هذه المعلومة، وهناك من يعتقد انالفيروس تطور بتلقاء نفسه ومنهم من يعتقد أنه تم تطويره في أحد مختبرات ووهان الصينية.
ومن المعروف أن الفيروس ينتقل عبر رذاذ العطاس والسعال، وهو قادر على البقاء لساعات على أسطح الأشياء.
الآن بالنسبة لإيطاليا فكانت البداية مع أواخر شهر يناير 2020 وفعلياً فإن رئيس وزراء إيطاليا السيد جوزيبيه كونتيه أعلن في 31/1 حالة الطوارئ القصوى لمدة ستة أشهر. ومنذ ذلك التاريخ بدأت مراشقات علنية على المستوى السياسي من مؤيد لتطبيق قوانين صارمة للحد من إنتشار الوباء ومن معارض لتلك التدابير الغير مفيدة حسب رأيهم. استمر الوضع على هذا الحال حتى 21/02 حيث تم الإعلان عن 16 حالة إصابة مؤكدة بالكوفيد-19 في مدينة كودونيو الواقعة ضمن إقليم لومبارديا شمال إيطاليا. في اليوم التالي تضاعف العدد إلى 60 حالة.
وفي تاريخ 09/03 تم الإعلان عن الحجر الصحي والعزل الكامل منذ ذلك التاريخ حتى 3/04 ولاحقاً تم تمديد الفترة الى 13/04 والكل ما زال ينتظر بداية العد التنازلي.
وحتى تاريخ البارحة 07/04 فالإصابات المؤكدة في إيطاليا وصلت إلى 135576 منهم 17127 حالة وفاة نسبة الذكور منهم حوالي 68٪ مقابل 32٪ للإناث
تترواح أعمارهم ما بين 40 إلى 90 عاماً
1. 40-49 سنة نسبة 0,9٪
2. 50-59 سنة نسبة 3,7٪
3. 60-69 سنة نسبة 11,6٪
4. 70-79 سنة نسبة 33٪
5. 80-89 سنة نسبة 40٪
6. فوق ال90 سنة 10٪
إن نسبة الوفيات في ايطاليا بسبب هذا الفيروس هي النسبة الأعلى عالمياً، وهذا أمر محير فعلاً، لربما لم نعلم حتى الآن السبب في هذه النسبة المرتفعة مقارنةً مع دول أخرى مثل الصين وكوريا الجنوبية وألمانيا. ولكن أعتقد أن الأسباب قد تكون الآتية:
1. تأخر الحكومة في أخد قرار التدبيرات الصارمة من العزل الإجباري والحجر الصحي واقفال المدارس والجامعات والمحلات التجارية الخ من نشاطات
2. متوسط عمر الفرد في إيطالياهو 44 سنة، وايطاليا فهو البلد الثاني عالمياً بعد اليابان بعدد المسنين
3. برأيي ربما أخطأ النظام الصحي الإيطالي في عدم عزل خاصةً المسنين عن طريق الكشف المبكر من خلال إجراء مسحة الأنف والبلعوم المعروفة ب PCR
4. عدم إلتزام شريحة واسعة من الإيطاليين بالحجر والعزل الصحي
5. النقص في المعدات والمستلزمات الأساسية الطبية من أجهزة تنفس وغيره وطبعاً النقص في وحدات العناية المركزة
ممكن تصنيف مرضى كوفيد-19 إلى:
1. ناقلين أصحاء بلا أعراض
2. ناقلين بأعراض خفيفة وغير محتاجين للعلاج في المشفى
3. ناقلين بأعراض متوسطة الخطورة محتاجين إلى علاج في المشفى في قسم الأمراض المعدية أو الداخلية
4. وناقلين بأعراض شديدة الخطورة محتاجين للعلاج في العناية المركزة
الأعراض تبدأ في كثير من الحالات بعد تقريباً 14 يوم من العدوى (وهي فترة حضانة الفيروس)
والأعراض الأكثر إنتشاراً وبالترتيب هي:
1. الحرارة فوق 37,5 88٪
2. السعال الجاف 68٪
3. ضيق التنفس 20-60٪ في البداية تكون بعد القيام بجهد ما ولاحقاً يكون أيضاً أثناء الراحة
4. الإرهاق والتعب والنعاس 38٪
5. البلغم 28٪
6. الرشح او الزكام 5-15٪
7. آلام الرأس 10٪
8. اسهال واضطرابات معويك 5-10٪
9. آلام الحلق 2٪
10. ومؤخراً لاحظنا عند العديد من المرضى نقص حاستي الشم والتذوق
كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة مثل أمراض القلب والضغط والسكري والفشل الكلوي ومرضى السرطان والمصابين بأمراض رئوية مزمنة هم جميعهم معرضين لدخول العناية المركزة في إصابتهم بالكوفيد-19 ب وكذلك المدخنين فهم عرضةً بنسبة 50٪ أكثر بأن يدخلوا العاناية المركزة في حال إصابتهم في المرض
عن تجربتي الشخصية أحب أن أقول اننا منذ بداية اشهر مارس آذار ونحن نعمل في أجواء من الضغط والتوتر النفسي العاليين جداً، وللأسف فقد واجهنا في قسمنا خاصة مشكلة نقص الكممات ونقص المعدات الوقائية من بدلات ونظارات وقائية ونقص في أجهزة التنفس الصناعية ونقص في الأسرة في قسمي الأمراض المعدية والعناية المركزة.
قمنا بزيادة غرف العزل في قسم الطوارئ ولاحقاً أضطررنا أن نحول قسماً كاملاً لغرف عزل لمرضى كوفيد بإنتظار نتائج الفحوصات والتشخيص المؤكد. وبعد بضعة أيام وبعد ان ملئنا جميع الأسرة في جميع الأقسام إضطررنا أن نختار علاج من بين المرضى الأصغر سناً ومن لديه فرص نجاة أكبر من غيره. وطبعاً زادت الوفيات حيث أصبحنا عاجزين أمام هذا الضغط وهذه الأرقام المرتفعة.
ومن بين زملائي من أصيب أيضاً بالفيروس، وتحديداً نائب مدير القسم أصيب هو أيضاً وساءت حالاته إلى دخوله للعناية المركزة، والحمد لله ها هو يتعافى وان شاء الله قريباً سيعود للعمل.
الوضع في المستشفى حيث أعمل هو الآتي، حوالي 70 مريض في قسمي الأمراض المعدية و الداخلية و حوالي 10 في العناية المركزة ، و حوالي 15 مريض مسن مصاب في العناية الشبه مركزة، فرصهم قليلة للنجاة.
نحن نقوم بعلاجات مختلفة، طبعاً تترواح حسب حالة المريض، وشدة المرض، فنحن نستخدم مضاد فيروسية ومضادات حيوية ومقشعات ومضادات الملاريا، والكورتيزون ومميعات الدم، وطبعاً الأوكسيجين.
الى يومنا هذا فقد فقدت إيطاليا حوالي 94 طبيب و 26 ممرض منهم أيضاً أطباء عرب