إعدامات ميدانية، وذبح من الوريد إلى الوريد، وتقطيع أجساد رضع، وإلقاء عجزة وأطفال إلى حمم بيوتهم الملتهبة.. قليل مما تعرض الروهنغيون المسلمون على يد الجنود والعصابات البوذية من فظائع.
ويقول الكثير من الروهنغيين، حسب ما ذكرته وكالة الأنباء "أراكان" ممن التقيت بهم هناك في مخيمات بنغلادش إن جيش ميانمار كان يتبع فيما يبدو منهجية لتدمير المسلمين تقوم على أربع ركائز: نهب البيوت، تدميرها وحرقها، اغتصاب النساء، إحراق الصبية والعجزة، وقتل الرجال ذبحا وبالرصاص.
وصنفت منظمات حقوقية عدة مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" تلك الجرائم “تطهيرا عرقيا” وجرائم ضد الإنسانية.
فرم أجساد
وقد شاهد محمد إلياس ذو الـ35 ربيعا جنود ميانمار وهم يقتلون الرجال ذبحا وضربا بالعصي وتقطيعا لأجساد الأطفال، ويقول “رأيتهم يمزقون جسد رضيع بين أيديهم مثل الدجاجة”.
وبحسرة، يسترجع محمد رفيق لحظات سوداء كان فيها ابنه ووالده داخل النيران المستعرة، ويقول “ينتابني ألم أنني أنقذت ابني بينما فشلت في إنقاذ والدي”.
نجح رفيق -وهو من قرية فواكلي بمنطقة منغدو- في الاختباء عن الجنود بمخزن خارج المنزل بينما كانوا يضرمون النيران فيه، وبمجرد مغادرتهم تزمل بغطاء سميك ودخل، أنقذ ابنه وكان وحيدا في الطابق الأرضي، في حين أخفق في الوصول للطابق العلوي حيث قضى أبوه اختناقا وحرقا.
الكلاب أنقذتنا
أما نور علم ذو الـ52 ربيعا فقد تعرض لضرب مبرح بالعصي في غارة من المليشيات البوذية على قرية “فوري بازار”، وتم طعنه بخنجر أسفل البطن، وتظاهر بالموت لينجو، وقد كان في مؤخرة الفارين من الحقد البوذي الأعمى.
يقول نور علم إن تلك القرية شهدت أقل مقتلة في قرى أركان، فبعد أن كان سكانها متهيئين أصلا بعد سريان أنباء القتل والحرق في القرى المجاورة “أنقذنا نباح الكلاب.. دلنا على قدوم الغارات وتمكن الكثير من الهرب”.
وبخلاف فوري بازار، قتل أكثر من مئة في قرية نانتشونغ وحدها بعد أعمال قتل ونهب وحرق مارسها الجيش والعصابات البوذية، وتعرض فيها محمد زبير ذو الـ22 ربيعا وهو يفر إلى الغابات المجاورة لهجوم بقنبلة شيعه بها جنود يتملكهم الغل، وما زالت آثارها بادية في بطنه ورجليه.
إعدام ميداني
وسرد الشاب صدام حسين ديل محمد (21 عاما) كيف قتل والده في مجزرة ضمن 60 شخصا في إعدام ميداني نجا هو منه بأعجوبة بعد أن اختبأ في حفرة في ظلام دامس.
كان الهجوم مباغتا على قريته “كاري فره” في مونغدو، وقد تعرضت فيه للنهب والتدمير، ويقول “أخذوا الحلي والأمتعة وفررنا إلى بنغلادش سباحة في الليل، كنا أغنياء، والدي عنده سيارة ومنزل وبقر، والآن نحن مساكين هنا”.
ومن المفارقات في التراجيديا الأراكانية غياب أي حديث عن تعذيب أو سجن وغيرهما من الانتهاكات “التقليدية” الشائعة، فالذي يقبض عليه هناك مصيره القتل، والقتل وحده حرقا أو بالرصاص.