بقلم: حسن بوصفية (ميلانو)
الإيطالية نيوز ـ وجوه تشرق في المجتمعات العربية المقيمة بإيطاليا كإطلالة شمس في نهار غائم. اجتازت امتحان الدولة صباح يوم الثلاثاء، الشابة المغربية الأصل، سارة مورشيد، البالغة من العمر 31 سنة، زوجة وأم لطفل، بعد أشهر من الاستيقاظ في الفجر لاجتياز الاختبار الشفوي، وفي الأخير تكللت مجهوداتها بالنجاح.
سارة مورشيد، حسب ما ذكرته الصحيفة الإيطالية الشهيرة "لاريبوبليكا"، واطلعت عليه الإيطالية نيوز، إبنة مواطنين مغربيين، لكنها ولدت وترعرعت في محافظة "تيرَمو"، وهي أول محامية مدعَّمة من بولونيا لارتداء الحجاب. بالضبط هنا، في المدينة حيث فقط منذ سنتين طردت محامية متدربة من قاعة محكمة "المحكمة الإدارية الإقليمية"(TAR) بسبب ارتدائها الحجاب.
وحسب المصدر، قالت سارة: «مزاولة مهنة المحاماة كانت دائما حلمي منذ إن كنت طفلة. حاولت دائما مساعدة الأصدقاء والأقارب». الحجاب لبسته منذ أن أصبحت شابة، بالضبط، منذ أربعة سنوات.
وأضافت سارة: «شعرت بالحاجة أن أشهد أنني متدينة بطريقة أكثر قوة، أن أُعرّف بثقافتي وأصولي، لكن لاتزال هناك أيضا الكثير من الأحكام المسبقة، لا سيما في أماكن العمل". وروت سارة قائلة أنها قامت بتدريب في نيابة إلى جانب مدعي عام، ثم قسم المحاماة التابع للدولة، فكانت هناك حالات كثيرة لسوء الفهم ومراوغات تحدث كل يوم. أما في المحكمة، حسب قولها، غالبا ما كان يعتقدون أنها هي "المدّعَى عليها"، لدرجة أن ذلك كان يدفعها أحيانا للضحك، وأحيانا للإحساس بالألم. قدم والدا سارة إلى إيطاليا في سبعينيات القرن الماضي عندما لم تكنهناك بعد الحدود وأن المجيء من المغرب كان مثل الهجرة من جنوب إيطاليا إلى شمالها.
من بين خمسة إخوة كانت الوحيدة التي استمرت في دراستها وبقيت في إيطاليا. نالت الإجازة في مدينة "تيرامو"، وتابعت دراسة التخصص، التطبيق واجتياز الامتحان في مدينة "بولونيا"، عاصمة إقليم "إيميليا رومانيا". لم تشعر أبدا كونها أجنبية إلا في يوم اجتياز اختبار نيل شهادة الإجازة. وبشأن مضمون الأطروحة، قالت سارة: «كان موضوع الأطروحة حول ثورات الربيع العربي وبينما كنت أجري آمتحان سألني أستاذ عما إذا كان مسموحا بناء كنيسة سان بييترو في تونس. جاوبته بأنه لم يكن أكثر صعوبة من تشييد مسجدا في إيطاليا وهكذا تحول يوم نيل شهادتي للإجازة إلى نقاش مثل ذلك الذي يحدث في المقاهي، فانتهى على صفحات الصحف. كل شيء انتهى باعتذار من رئيس الجامعة ، لكنني أدركت أن الاندماج الذي اعتقدت أنني كنت قد حققته حتى ذلك الحين كان فقط مجرد شكل».
المحامية المغربية، سارة مورشيد، الآن تعمل كمستشارة قانونية لفائدة تعاونية تتهتم بالاستقبال. "إن اجتياز هذا الاختبار يجعلني فخورة بمجتمعي وبالتوفيق بين كل شيء: العمل والمنزل والأسرة والدراسة". في المستقبل ، ترغب في مواصلة العمل في مجال حقوق الإنسان، لأنها تؤمن، حسب قولها، أن "المعركة المهمة هي معركة من أجل استقبال الأخر والترحيب به".
وتابعت سارة في حديثها لصحيفة "لاريبوبليكا الإيطالية أن "السياسة تستغل موضوع استقبال المهاجرين والأجانب، لكن التحدي الأكبر هو السماح للأشخاص بالعيش بطريقة كريمة. حتى بالنسبة لأولئك الذين لديهم وظيفة. فالعيش في إيطاليا، من ناحية أخرى، هو بمثابة ممر سباق مليىء بالعراقيل والعقبات، والعقبة الكبرى هي البيروقراطية، وغالبا ما يضيع الجانب الإنساني في مطباتها، مع كل الأسف".
وأوضحت سارة قائلة أن " خلف القوانين يوجد عالم مظلم يجهله الإيطاليون. فمن السهل ابداء السرور لقانون الأمن والهجرة الذي اقترحه سالفيني، لكن المواطنون لا يعلمون مقدار عدم الأمن الذي سيتولد في الشوارع: بعرقلة الانتظام ينشأ فقط التهميش والفوضى".
وردت في سؤال بشأن ارتداء الحجاب، فقالت: "بالنسبة لي، لبسه هو خيار الحرية، بالضبط مثل عدم لبسه. أنا لا أحكم ولا أريد أن يصدر في حقي حكم. إنها خيارات شخصية، بين المرء وربه".
ووصلت التهاني إلى سارة من قبل رئيسة جهاز الأمن لمدينة بولونيا، السيد جوفاني بيرتي أرنوالدي"، الذي قال: "نتمنى أن لا تتكرر إطلاقا المواقف التمييزية التي حدثت في الماضي، حتى في مدينتنا"