إبراهيم حجي: "من أجل إيطاليا متضامنة مع المهاجرين العرب!" - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

إبراهيم حجي: "من أجل إيطاليا متضامنة مع المهاجرين العرب!"


نشر موقع "العربي الجديد" مقالا تحليليا رصدته الإيطالية نيوز، حرره المدون المصري، "إبراهيم حجي"، مصري يقيم في ميلانو، عاصمة لومبارديا، شمال إيطاليا، يسلط فيه الضوء عن ردة فعل المجتمع الإيطالي بشأن حوادث تهز الرأي العام العالمي يكون الشخص العربي أحد أبطالها.
وتبدأ مقالة حجي كالتالي: كثيرة هي الدروس التي نتعلمها من أولادنا من الجيل الثاني هنا في إيطاليا، خصوصا في الحادث الأخير الذي نجا منه 51 طالباً في المرحلة الإعدادية، بسبب مكالمة بعضهم لأهله ووصول الشرطة الإيطالية في الوقت المناسب لتحرر الأطفال من مذبحه محققة.

اعذروني لو تصورنا معاً السيناريو الأسوأ، وأن هؤلاء الأطفال، لا قدر الله، راحوا ضحية إرهابي متطرف يحارب طواحين الهواء، هل تتصور وضع الأجانب في هذه الحالة؟ في ظل وجود حكومة يترأسها سالفيني الذي أتى إلى الحكم على قطار معاداة المهاجرين، وسنّ قانون تعسفي ربط فيه أمن إيطاليا بوقف وعرقلة المهاجرين.

أنا آسف لأنني أصنف الجنسية في حالة كهذه، ولكن بصراحه حمدت الله عندما علمت أن أول من أبلغ الشرطة كانوا أطفال الجيل الثاني من المهاجرين، وسعيد أكثر بتواضع أهلهم عندما صرحوا للإعلام بأن هذا واجبهم تجاه إيطاليا.

سياسياً ما حدث يعتبر قلباً للطاولة على أمثال سالفيني الذي نشر الخبر بعد أقل من ساعة على صفحاته في موقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن الإرهابي مدبر العملية أجنبي سنغالي، وسرعان ما تلقف دراويشه من "رابطة الشمال" الخبر وألقوا باللوم على المهاجرين... إلخ من القصص والكلمات العنصرية المعهودة من تلك الفئة من الناس.
بعد ساعات من الحدث انتشر بين أجهزة الإعلام أن هناك أبطالاً صغاراً حاولوا إنقاذ أنفسهم وزملائهم، واتضح أن هؤلاء الصغار من أصول أجنبية، ما تسبب في حالة خرس أصابت تلك الفئة المعادية للأجانب.

كنت قد توقعت بعد مذبحة مسجدي نيوزيلاندا، أن إيطاليا قد تكون مسرحاً لأحداث مشابهة ءلا قدر اللهء وبالفعل لم يمر أسبوع على الحادث حتى تضاعفت حوادث العنصرية، فبعد ساعات من حادثة الباص، تم الاعتداء على ثلاث بنات محجبات على متن حافلة بمدينة تورينو الإيطالية، واحدة من البنات كانت خائفة من كلب فحاولت الابتعاد عنه، لترد عليها صاحبة الكلب قائلة: "تخافين من كلب ولا تخافي من تفجير نفسك؟"، لترد عليها بأن تتوقف عن لهجتها العنصرية، فهجمت عليها صاحبة الكلب وضربتها ونزعت الحجاب من على رأسها.

توقفت الحافلة وتدخل الناس وأبلغوا الشرطة التي تدخلت بشكل سريع وحررت محضرا بالواقعة، ووقف من حضر من الإيطاليين كشهود على الواقعة ضد الإيطالية المعتدية، ما اعتبره الكثيرون منا لفتة طيبة وانحيازاً للحق، بغض النظر عن الجنس والعرق.

الجالية العربية هنا كبيرة جداً، وأعتقد أنها إذا اتفقت على مبدأ الاتحاد ضد أي اعتداء إرهابي أو تصرف أحمق من أبناء الجالية فهذا يصب في مصلحتها المباشرة ويجبر الطرف الآخر على الانحياز للحق واحترام الجميع. كما أنها إذا تعرضت لحادثة عنصرية أو قانون تعسفي ضد مصالحها وعارضت بشكل حضاري ومنظم، ستجبر الجميع على احترام حقوقها.

وبصراحة على مدار السنوات الأخيرة والأحداث التي تورط فيها أحد المحسوبين علينا من الجالية، لم أر يوماً مظاهرة للجالية العربية تضامناً مع الضحايا وإعلان رفض هذه التصرفات، بالعكس في بعض الأحيان وجدت تبريرات ومزايدات من بعضهم، والتي لا تمثل الأغلبية. وهذا باختصار يبعث برسالة سلبية للمجتمع الإيطالي بأن العرب غير مبالين.

نحتاج لإظهار التضامن مع ضحية أي اعتداء، حتى لو كان المعتدي غير عربي، كن أنت جهاز إعلام متنقلاً، تحدث مع زملائك وأصحابك وجيرانك، لأن هذا يشعر الناس بحالة من الحب والامتنان والترابط في السراء والضراء، ويخرس المتربصين بالأجانب عموما، والعرب والمسلمين خصوصاً. وكلها أمور بسيطة، مثل نشر صورة تضامن أو المشاركة في هشتاغ أو التظاهر وإعلان الرفض أو تقديم واجب العزاء مثلما فعل مؤخراً أشقاؤنا من المسيحيين العرب في مساجد إيطاليا بعد حادثة نيوزيلندا، ومثلما فعلت أيضا رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن وضربت مثالاً في التحضر والرقي بتضامنها مع الأقلية المسلمة في كرايست تشيرش، بداية من ارتدائها الحجاب وحضورها جنازة شهداء المسجدين وتعويض أسرهم، وليس نهاية بقانون يمنع كل أشكال الأسلحة الهجومية.

ارتفعت مؤخراً في الدول الغربية موجة العنصرية والنعرات القومية، وهذا بالطبع كارثي وسوف يؤثر على حياة الكثير من المهاجرين لتحسين أوضاعهم المادية والفارين من الحروب ومن جحيم الأنظمة القمعية في بلادنا، ما يتطلب منا تحمل المسوؤلية ومواجهة العنصرية ورفضها بالطرق السلمية، كما يتطلب أيضا الالتزام بالقوانين والمحافظة على استقرار المجتمع الإيطالي والتعاون والتضامن المستمر الذي يصب في مصلحة الجميع.