تعرف على عملة المستعمر الفرنسي الذي يفقر وينهب 14 دولة إفريقية - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأربعاء، 23 يناير 2019

تعرف على عملة المستعمر الفرنسي الذي يفقر وينهب 14 دولة إفريقية


إنجاز: حسن أمحاش

كنت أفكر في تجنيب نفسي وتجنيبكم عناء إيجاد تعليق مناسب على الاستجداء الأخير لممثلي حركة خمس نجوم، الذين يجرون خلفهم سواء حزاب رابطة الشمال المتطرف أو أحزاب هواة أو أخرى ذات مشاركة هزلية أضحكت الإيطاليين كثيرا حتى بلغوا الأزمة ونزلوا بهم لمقارنة  أنفسهم باللاجئين من شدة الفاقة ووطأتها على حياتهم الاجتماعيةولكن إذا لم أعلق على هذا الموضوع، قد أنقل هذا "الاستعمار النقدي" الفرنسي لـ14 بلدا في إفريقيا الوسطى، ليستعمر فكري حسرة وألما لا نظير لهما، وقد أقنع نفسي بأنني خمول وأفضل الاستسلام لمصاصينا المغناطيسيين، الذي يأخدوننا "لحمة" ويرموننا في قيعان الهاويات "رميما".

كتبت الإعلامية الإيطالية الشهيرة، مارياسولي ليشاندرو، مقالا تحليليا على موقع "الصوت" الإيطالي، وتطرقت فيه إلى تحليل تصريحات وزير العمل والتنمية الإيطالية، السيد لويدجي ديمايو"، الذي اتهم فرنسا بإفقار عدة دول إفريقية بواسطة عملتها "فرانك". وتساءلت الكاتبة قائلة: "لماذا وُلدت العملة النقدية "فرنك"، بما أنه قيل لنا من قبل أنه لا يوجد ارتباط كبير بين اعتماد الفرنك الإفريقي المالي ولا تصل تأثيرات تبعاته على تدفقات الهجرة؟ وطالبت بتوضيح آثار هذه العملة النقدية اقتصاديا على الدول الإفريقية المفروضة عليهم.

 ظروف ميلاد العملة الاستعمارية "فرنك
جرى وضع هذا النظام ذو الصبغة الاستعمارية الدائمة في عام 1948 لمنع هذه الدول من الإفقار على نطاق واسع بسبب انخفاض قيمة الفرنك الفرنسي، الذي يستخدم بعد ذلك في المستعمرات بعد الحرب العالمية الثانية. ومن ثم تبقى آلية ضمان الاستقرار النقدي لهذه البلدان التي لا تزال في طور النمو. في الواقع، إن الاقتران بعملة قوية يقلل تقريبا تماما مخاطر تقلبات أسعار الصرف، التي قد يكون لها تأثيرات سلبية على الاقتصاد الحقيقي وعلى المستهلكين، عبر تنوع قيمة الصادرات والواردات، ولكن حتى على المؤسسات المالية التي، بالأخص في الدول الأقل نموا، هي في الغالب مدينة بالعملة الأجنبية.

الفكرة هي أن: الدول النامية ، التي تكافح من أجل الظهور ، "محكوم عليها" بالاقتراض بالعملة الصعبة. من هناك لا يمكنها التخلص من ضغط الدائن لها، الذي هو فرنسا، البلد الماكروني الذي أسقط حتى الآن أكثر من 14 دولة وسط إفريقيا، فقلبها على بطنها ثم ركب على ظهرها والتصق به، بصرف النظر عن دول تقع في شمال إفريقيا، التي تتعرض حتى يومنا هذا لاغتصاب يومي في جميع الميادين، في صمت مطبق واستسلام تام. فرنسا ربطت في البداية فرنك الإفريقي باليورو للتقليل من عدم اليقين في الاستثمارات والتجارة، ولوضع حد للفوضى النقدية لهذه الدول إبان استعمارها. 
ثم، إن الجانب السلبي هو أنه، مثل أي نظام  لصرف العملات سواء كان أكثر أقل صرامة، ففي حالة لا يوجد تقارب أو محاذاة للاقتصاد القوي الذي به ترتبط العملة (أي بمنطقة اليورو)، فإن الصرف الثابت يصبح الخرقة، التي تسبب عجزا تجاريا متناميا، ويعني عملة نقدية مبالغ فيها، توقف التصدير وتشجع على الاستيراد، بالإضافة إلى تهريب رؤوس الأموال التي تسبق إعادة التنظيم الحتمية، أي انخفاض قيمة نسبة صرف العملة الوطنية غير المستدامة.

تقوم فرنسا حاليا ، بالقرب من مدينة ليون ، بصك العملة المستخدمة في 14 بلدا أفريقيا ، وجميع بلدان منطقة جنوب الصحراء الكبرى. لا يقتصر الأمر على العملة التي تصكها فرنسا، ولكن للحفاظ على سعر الفائدة الثابت، سابقا بالفرنك الفرنسي واليوم باليورو، يضطرون لدفع حوالي 50 في المائة من أموالهم في حساب جاري تديره الخزانة الفرنسية. لا يتوقف الأمر هنا فحسب، ولكن فرنسا فوق كل شيء، عبر هذه السيطرة الجيوسياسية لتلك المنطقة التي يعيش فيها 200 مليون شخص، الذين يستخدمون أوراق مالية لعملة مطبوعة في فرنسا، تدير سيادة هذه الدول وتحرمها الحق في الاستقلال الشرعي، والاستقلالية في تحصيل الضرائب وتقييم كمية المال ووتحديد سعر العملة في المصارف الدولية، وحتى إمكانية القيام بسياسات اقتصادية توسعية.


لعبة الشيطان فرنسا في مص ثروة إفريقيا
 يتعلق الأمر برسوم تصب لفائدة الاحتياطات المتعلقة بالبنك المركزي الفرنسي، الذي طلب، في المقابل، من البنكين المركزيين الإفريقيين بوضع حصة من احتياطاتهما من العملات الأجنبية في الخزينة الفرنسية، عبارة عن حساب جاري ومفتوح بإسمهما. هذه الحصة تقلصت من 65 إلى 50 في المائة انطلاقا من سنة 2009.
كل سياسة ضريبة صرف ثابت، في الواقع، تتطلب احتياطيا من العملة الأجنبية مع الضمانة (في هذه الحالة، اليورو). والاحتياطات من العملات الأجنبية يمكن أن يحتفظ بها فقط لا غير في المصارف التجارية للمنطقة العملة المرجعية أو في مصرفها المركزي. إذن، إن الدول الإفريقية المستخدمة للفرنك الفرنسي يحتفظون بنسبة من الاحتياطات في الخزينة الفرنسية، التي في المقابل تضمن تحويل الفرنك الإفريقي إلى اليورو وتقدم خطا إئتمانيا من القروض لهم في حالة بلوغ هذه الاحتياطات الإفريقية الصفر.

لذا، استنباطا مما سبق ذكره، ليس هناك افتراس متواصل وممنهج للاحتياطات الإفريقية من قبل الفرنسيين، ولكن هناك أيضا متطلبات فنية تتحكم فيها فرنسا وزميلاتها لإدارة هذه الاحتياطات على ممر الأجيال، تنزل من على ظهر الجد لتركب ظهر الإبن وتجهز مستقبلا ظهر الحفيد، وهكذا دواليك ورحى الاستعمار تدور بجهاز التحكم عن بعد.
هل الصرف الثابت سيء؟ من المحتمل أن يكون كذلك، مثلما يحدث غالبا مع أسعار الصرف الثابث. لكن، ماهو البديل؟ بسيط جدا: هو أن تخرج البلدان المعنية من اتفاقية الصرف وتخلق عملتها المحلية، فتديرها بنفسها في استقلالية كاملة. في حالة تجد نفسها مجبرة على الاقتراض باليورو أو الدولار أو بأي عملة أخرى قوية، مثلما يحدث في الدول الناشئة. هل هذا مشكل؟ لا يقال أنه كذلك. إذا النخبة الحاكمة في البلدان الإفريقية جرى تنويرها (و محظوظة)، تستطيع حتى تحيقي النجاح وتنمي العملة المحلية التي يمكن قبولها أيضا في التجارة الدولية. وإذا كانت هذه النخب سيئة الحظ أو جشعة، فإن العملة المحلية ستنتهي على الهامش وسيحل محلها سوق سوداء مزدهرة تعتمد على اليورو أو الدولار، وهنا يكون السقوط المهين. هل منكم من يتذكر بأن الإكوادور لديها اقتصاد مقوم بالدولار نتيجة للتضخم المفرط الذي حدث منذ سنوات مضت، والذي أحرق العملة المحلية، السوكري؟.

بعد ذكر ما سبق أصل إلى نقطة واحدة: هو إن الفرنك الإفريقي جسده الأصلي والحقيقي سياسة مالية فرنسية، إلى حد ما أكثر صعوبة وقساوة، وهو بمثابة الشفرة ذات الحدين بالنسبة لهذه الدول العاجزة. أن تحرر نفسك هو شيء ممكن دائما، أو أن تحاول تحرير نفسك هو دائما ممكن، فالنجاح في إدارة نشاط مؤسسة يخضع دائما لاختبارات قاسية وصبر وتحمل الآلام والمخاطر العالية. لذا، مع عملة محلية تتدهور لدرجة أن تصبح بمثابة خرقة، تجعلنا سابقا نشعر بالرغبة في الصراخ من الألم، ناهيك عن الاقتصاديين المحليين الذين قد يتطاير اللعاب من أفواههم من شدة الغضب: "هنا قد يبيعونك بحفنة من الدولارات، أو مقابل منصب لكي يصوّب لهم بالسبابة ويقال: هاهموا السادة!".