الإيطالية نيوز ـ بسط أحد أنواع النمل، وهي من أصل أرجنتيني جرى إدخاله إلى أوروبا منذ ما يقرب 96 عاما، نفوده في القارة العجوز ليتمكن ببناء أكبر مستعمرة على الإطلاق.
المستعمرة التي بناها هذا النمل الأرجنتيني تمتد لمسافة 6000 كيلومتر، وتنطلق من شمال إيطاليا، عابرا من جنوب فرنسا، ليصل حتى ساحل المحيط الأطلسي في إسبانيا والبرتغال ، ساهمت في إنجازها البلايين من النمل التي ترعى ملايين الأعشاش.
في حين أن النمل القاطن في الأعشاس الخصوم يتقاتل طبيعيا مع بعضهم البعض حتى الموت، أما النمل الذي ينتمي إلى هذه المستعمرة العملاقة يمتلك القدرة على التعرف على بعضهم البعض حتى لو يأتون من أعشاش توجد في الطرف المقابل من نطاق المستعمرة. ربما جاء هذا النوع من النمل الأرجنتيني، المسمى (Linepithema humile)، إلى أوروبا مع نباتات مستوردة، ما جعله يدفع 20 نوعا من النمل يسكن في أوروبا.
وأمام هذه الظاهرة، ظل العلماء غير متأكدين من سبب ظهور هذه المستعمرة، ولكنهم يعتقدون أن هذا النجاح الأولي لهؤلاء الغزاة سيؤدي حتما إلى زيادة كثافة ساكنة العش، الأمر الذي يتيح لهذا النوع من النمل الذكي التعاون لدحر أي عدوان عليه من قبل نمل أجنبي. ثم عزز العلماء تفوق النمل في بناء هذه المستعمرة الهائلة، التي تعتبر بمثابة سياج يحيط بالقارة الأوروبية جنوبا، يعزى إلى قدرته على بسط الأمن داخل أعشاشه الخالية تماما من الصراعات الداخلية، ما جعله يتوفر على الوقت الكاف والموارد المناسبة لمحاربة أعدائه الخارجيين.
في هذا الموضوع، قال البروفيسور "لارينت كيلر" (Laurent Keller)، من جامعة لوزان السويسرية وأحد العلماء الذين حددوا هذه المستعمرة: "من المثير للاهتمام أن نرى أن مقدمة في بيئة جديدة يمكن أن تغير التنظيم الاجتماعي".
وأضاف: "في هذه الحالة، هذا يؤدي إلى أكبر وحدة تعاونية جرى اكتشفاها على الإطلاق".
كما قال البروفيسور كيلر وزملاؤه أن هذه المستعمرة سيكون مصيرها الفشل، عاجلا أو آجلا، بسبب ظهور خصومات عندما تنقلب مجموعات مختلفة من النمل وراثيا ضد بعضها البعض. كما أن لهذه المستعمرة ذاتها أيضا خصما، وهي مجموعة ثانية أصغر من النمل الأرجنتيني الذي يمتلك نفوذا في المنطقة الكتالونية، بإسبانيا.وهذه المخلوقات هي أكثر من سعيدة لقرع طبول الحروب والدخول فيها.
ونُشر البحث الذي أنجزه علماء سويسريون وفرنسيون ودنماركيون في مجلة "وقائع العلوم الأكاديمية الوطنية" ( Proceedings of the National Academy of Sciences).
وقد أبدى البروفيسور "يورغن هاينزو" (Jurgen Heinze)، الخبير في سلوكيات النمل في جامعة "إرلانجن" الألمانية، إعجابه بهذا العمل العظيم المنجز من قبل هذا النوع من النمل، إذ قال في مقابلة مع تلفزيون بي بي سي البريطاني أنه يجب أن يكون هناك بعض التشابهات الجينية التي تمر عبر هذه المستعمرة.
وأضاف: " على النملة أن تقرر فورا عند لقاء نملة أخرى ما إذا كانت تنتمي إلى هذه المستعمرة أو لا، وأن إشارات التعرف هي عبارة عن روائح تنبعث من سطح النملة، وهذه الروائح تعتمد جزئيا على الجينات كي تُفرز.
وختم البروفيسور هاينزو: "إن التباين الوراثي يؤدي إلى اختلاف في إشارات التعرف، وإذا كان هناك اختلاف في التنوع الجيني، فإن النمل جميعا يشبه الرائحة، ولا يمكن بعد ذلك التمييز بين النمل من مستوطني المستعمرة نفسها عن الغرباء عنها.