أبو شارب: أخيرا تحقق حلم تشييد المسجد الإسلامي بعاصمة الثقافة الأوروبية - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الأحد، 23 سبتمبر 2018

أبو شارب: أخيرا تحقق حلم تشييد المسجد الإسلامي بعاصمة الثقافة الأوروبية


إيطاليا: أبو المعاطي أبو شارب أخير تحقق حلم تشييد المسجد الإسلامي بعاصمة الثقافة الأوروبية مدينة فلورانسا على مساحة 11 ألف متر مربع في قلب فلورنسا عاصمة الثقافة الأوروبية وقلعة عصر النهضة الإيطالية تم الاتفاق على تدشين أول مسجد في مدينة دافنشي ومايكل انجلو ورافايللو. جاء هذا القرار التاريخي بعد اجتماعات إيجابية وافقت على تخصيص مساحة الأرض من ممتلكات الكنيسة، وفي حضور شمل ممثلي الأديان السماوية الثلاثة الفاعلين في المدينة التاريخية الإيطالية. شارك في المبادرة الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وحاكم الإقليم وعمدة فلورنسا وعمدة سيستو فرينتيو وكاردينال الكنسية وحاخام المعبد اليهودي ومديرة مكتبة لاورنثسيانا. وفي حيثيات الموافقة على هذه المبادرة أنها استجابة من إيطاليا للتغيير الديموغرافي الذي شهد سكانا جددا يدينون بالإسلام، ولأن دستورها ينص على حرية اعتناق الدين كحق أساسي، يضمن التعايش الودي بين جميع أطياف المجتمع، كما يسهم في تطوير هادئ ومطمئن لعناصر تكوين المجتمع.
القصة الكاملة للمبادرة...! لم تأت هذه المبادرة من فراغ، فنحن الآن نعيش مرحلة تحول تاريخي للمسلمين في أوروبا، ووقد وصلت الحاجة إلى العمل مع المؤسسات إلى ذروتها، لتكثيف الحوار الثقافي، وتعزيز جهود الاندماج الحضاري، مما أدى إلى بدء مسيرة تفاوضية مكثفة تأسست على قدرة الجاليات الإسلامية على تطوير منظومة قيم إنسانية قائمة على التعددية وقبول الآخر، وليس فقط عن طريق بناء دور العبادة والتأقلم المتأسس على ممارسة التقاليد الغذائية والخدمات الصحية، وإنما بتحقيق رسالتها الخاصة بالسلام والتعايش والانسجام.
التواجد الإسلامي في إيطاليا...! رغم أن مسجد فلورنسا هو أول مسجد في وسط إيطاليا، إلا أن الوجود الإسلامي في باقي أرجاء شبة الجزيرة الإيطالية قديم وأصيل، فقد حكم العرب صقلية زهاء ثلاثة قرون، واستمر وجودهم في الجنوب الإيطالي لمدة خمسة قرون، ولا تزال لهم آثار في أكبر مدن الجنوب، مثلما ما نلاحظه في باري حيث كانت هناك إمارة اسلامية استمرت طويلا، وفي باليرمو وفي مدن صقلية عديدة. أما التواجد الحديث فبدأ مع موجة الهجرة الكثيفة إلى أوروبا من دول إسلامية في التسعينيات من هذا القرن، ولا يزال طوفان الهجرة مستمرا من الدول الإسلامية وخاصة التي تعاني من مشاكل سياسية واقتصادية. ولم تنقطع الصلات التجارية بين موانئ البحر المتوسط، وأشهرها موانئ إيطاليا مثل فينيسيا ونابولي وجنوة، وبين الإسكندرية، وبور سعيد، ورشيد. هذه الصلات عمقت التقارب الشعبي على المستوى الثقافي بين البلدان الإسلامية والمدن الهامة الإيطالية، وخاصة تلك التي تشترك في إطلالتها على البحر المتوسط. وعلى الرغم من الاختلاف في الهويات القومية والدينية والذي منع الى حد ما التماسك على المستوى الوطني، فإن الصعوبات الاقتصادية على المستوى الجماعي والتقارب الثقافي النسبي عزز التلاحم بين جماعات المهاجرين المسلمين على المستوى المحلي، وبالتالي فقد نمت وازدادت أعداد الجاليات المسلمة وبدأت في تنشئة الأجيال الأولى والثانية من المسلمين الإيطاليين في عام 1931، في الإحصائية السابعة لتعداد السكان قدر عدد المواطنين المسلمين بنحو 100.000 وتُظهر التقديرات في السنوات الأخيرة زيادة فعلية في أعداد المسلمين، بوجود نحو 1.800.000 مواطن، أي ما يعادل تقريبا 3 ٪ من السكان. تاريخ الإسلام في إيطاليا...! يرجع التواجد الإسلامي في إيطاليا إلى القرن التاسع، عندما أصبحت صقلية تحت سيطرة الخلافة العباسية. نحن على دراية بوجود جماعات إسلامية في إيطاليا منذ عام 827 (أول تجمع في مدينة مازارا Mazara) حتى عام 1300، نهاية آخر مستوطنة في لوشيرا (Lucera)، وهي فترة من 500 عام من التعايش السلمي بين العالمين الإسلامي والمسيحي. في وقت لاحق، خلال القرن العشرين، بدأ أول مهاجرين من الصوماليين وطلاب من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في التوافد إلى إيطاليا. وفي عام 1971 كان هناك تأسيس لأول جمعية للمسلمين في إيطاليا، (USMI، Unione degli Studenti Musulmani in Italia - ( اتحاد الطلاب المسلمين في إيطاليا) ، الرائد لإتحاد الجاليات الإسلامية في إيطاليا (الأوكوي UCOII, Unione delle Comunità e Organizzazione Islamiche in Italia - ). مع USMI تم افتتاح أول مركز لإقامة الصلاة في إيطاليا، وهو مكان صغير في وسط مدينة بيروجيا التاريخي، يسمى "مسجد فيا دي بريوري"، لا يزال قائماً ويعمل للآن. أيضا في السبعينات، في روما نشأ CCII (المركز الثقافي الإسلامي في إيطاليا). وترجىء لهذا المركز المشاريع الأولى من أجل إقامة مسجد روما، منذ عام 1974 حيث افتتح المسجد في عام 1995. كما شهدت سنوات السبعينيات وصول أول المهاجرين المسلمين من شمال إفريقيا، ومعظمهم من المغرب العربي. في عام 1980 تم افتتاح أول مسجد إيطالي في مدينة كاتانيا في صقليا. ولكن المبنى أغلق لأسباب سياسية ولوجستية بعد بضع سنوات ليحل محلها مواقع مؤقتة مثل أماكن الخاصة أو عامة، حتى 15 ديسمبر 2012، عندما تم افتتاح أكبر مسجد في جنوب إيطاليا باسم "مسجد الرحمة". "، فتح بفضل مساهمة الأوكوي UCOII.وقد تم تقديم الدعم الأكبر في وقت لاحق في التسعينيات بوصول المهاجرين الألبان وزيادة المغاربة، وفي الآونة الأخيرة، من الهجرة التونسية والسنغالية والمصرية، وكذلك وإن كانت أقل وزنا من الجاليات الباكستانية والبنغالية.

المساجد في إيطاليا ...! واجه إنشاء المساجد في إيطاليا مشكلة في المفاهيم المعمارية المختلفة، وخاصة أن المكونات المعمارية للمسجد مختلفة تماما عن المكونات المعمارية للكنائس التي برع الفنانون الإيطاليون في تصميمها على مر العصور. أضف إلى هذا أن المساجد في إيطاليا وأوروبا يتم التعامل معها من جانب المسلمين هناك كمساحة للتواصل الاجتماعي، والى تسوية العلاقات الأولى بين الناس وإيجاد مساعدة عملية لتلبية الاحتياجات الأساسية كالبحث عن منزل للسكن أو وظيفة، وفيها يتم تنظيم اجتماعات ثقافية، بالإضافة إلى دروس في القرآن الكريم أو اللغة العربية، لأبناء المغتربين. وحتى الآن تتكون جميع أماكن العبادة الإسلامية في إيطاليا ببساطة من مساحة لإقامة الصلاة (المصلى)، بإستثناء المساجد السالفة الذكر (مساجد مدينة كاتانيا وبريشيا ومنطقة سيغرات ومسجد مدينة روما ومدينة رافينا ومدينة "كوللي فال دي إلسا"، وهي الوحيدة التي يمكن التعرف عليها من الناحية الشكلية كمساجد. وغالبا ما توجد هذه الأماكن في المستودعات أو مباني المصانع المهجورة أو الكراجات أو في الطوابق السفلية أو الشقق أو المخازن أو النوادي الرياضية. أحيانًا في المركز الإسلامي يمكنك أيضًا العثور على مجزرة، ومتاجر بمنتجات حلال ومطعم للمترددين من العامة. في التعداد الوطني، الذي أجري في الفترة ما بين أكتوبر 2008 إلى أكتوبر 2009، كان هناك 769 مكانًا للعبادة الإسلامية في إيطاليا، ويقدر عدد قاعات الصلاة والمراكز الإسلامية بعدد 1205، في الإحصاء الذي أجراه وزير الداخلية أنجلينو ألفانو في أبريل 2016. وهي ليست مجرد جمعيات إسلامية، بل أماكن حقيقية تلتقي فيها الجالية، على الأقل يوم الجمعة.
عاصمة عصر النهضة .... ! هي مدينة فلورنسا وهي عاصمة إقليم توسكانا ويبلغ عدد سكانها 1.015.000 نسمة. كما أنها البلدية الإيطالية الثامنة من حيث عدد السكان والأولى في توسكانا. فلورنسا مدينة تأسست منذ القدم وتفتخر بتاريخ يزيد عن 2000 عام، وتعتبر رمزا للثقافة وتنمية النزعة الإنسانية، يسجل تاريخها أهم مراحل الحضارة والحداثة الثقافية، ولها تاريخ متميز في إقرار الحقوق الأساسية للإنسان حتى أنها في عام 1786، وكان اسمها دوقية توسكانا الكبرى، أول دولة في العالم قامت بإلغاء عقوبة الإعدام رسمياً. وبقيت فلورنسا لمدة 5 سنوات من فبراير 1865 إلى يونيو 1871 عاصمة للمملكة الإيطالية.
وقد كان فلورنسا أيضا مركزاً هاماً للحوار بين الأديان منذ عهد العمدة جورجيو لا بيرا Giorgio La Pira، بإلتزامه وسعيه الجاهد منذ عام 1951 إلى عام 1965 بتنمية المدينة، مستنداً على مبدأ قيمة الإنسان. لم يتخل أبداً عن فلورنسا، وتمسك بروحها النهضوية الوثابة، وسوف تنجح هذه المدينة بمبادرتها الأخيرة في أن تصبح علماً في جميع أنحاء العالم كمكان للحوار والسلام بين الشعوب لتبرهن على أن المدن ما هي إلا تجمعات ومراكز حية للثقافة والتضامن، ويجب ان تضمن للإنسان العمل والمسكن والمدرسة والمستشفى، وكذلك دور العبادة. ومن سمات مدينة فلورنسا ما لديها من علاقات تآخى "توأمة" مع مدن مختلفة ذو غالبية مسلمة مثل الكويت وأصفهان وفاس وبيت لحم بفلسطين. ومن ثمار هذه التوأمة ما نراه في شارع جوفني إيطاليا، أمام مبنى أرشيف الدولة حيث تم نصب المنحوتة المثيرة للإعجاب "الزنابق السبعة" من أعمال النحات الكويتي جعفر إصلاح، وهو أحد أكبر الفنانين في العالم العربي، مهداه من السلطات الكويتية الى مدينة فلورنسا.
تعتبر العاصمة التوسكانية مركزًا جامعيًا هامًا يضم جامعة فلورنسا ومعهد الجامعة الأوروبية. وتمتد جامعة فلورنسا بجذورها في الدراسات العامة (Studium Generale) بإرادة الجمهورية الفلورنسية وتم إنشاؤها عام 1321. وكانت الدراسات في ذاك الوقت تشمل دراسات القانون المدني والكنيسي والآداب والطب. وإمتازت بالعديد من الأسماء الشهيرة الذين عملوا أساتذة فيها مثل جوفاني بوكاتشيو (Giovanni Boccaccio) الذي ألقى فيها محاضراته الشهيرة التي علق فيها على "الكوميديا الإلهية" لدانتي أليجييري. وهي الآن واحدة من أكبر المنظمات للبحوث والتعليم العالي في إيطاليا وتفتخر بباحثيها وأساتذتها الذين يبلغ عددهم 1800، وبها 1600 من الفنيين والإداريين وكذلك 1600 من طلبة الدراسات العليا وحملة الدكتوراه. أما معهد الجامعة الأوروبية (IUE، Istituto Universitario Europeo) فهي مؤسسة أبحاث يتم تمويلها ماديا من الاتحاد الأوروبي. وفي عام 1972، وقعت الدول الست المؤسسة اتفاقية دولية تهدف إلى إنشاء مؤسسة تدريب دولية لدورات الدكتوراه موجهة إلى الحاصلين على الشهادات الجامعية او ما يعادلها، وفي عام 1976، بدأت الدورات والأنشطة البحثية، التي تهدف إلى تعميق العلوم الاجتماعية من وجهة نظر أوروبية بحتة، حيث تستضيف في منطقة ذات قيمة تاريخية ومعمارية هامة، أقسام علوم الاقتصاد، التاريخ والحضارة، القانون، العلوم السياسية والاجتماعية، ومركز للدراسات المتقدمة "روبرت شومان"، والأرشيف التاريخي للاتحاد الأوروبي، ومركز اللغة.

النشاط الإسلامي في فلورنسا ....! في منطقة متروبولتان فلورنسا هناك أكثر من 37.000 مسلم من 30 جنسية مختلفة، أكثر من 15.000 فقط في فلورنسا. وقد قام أبناء الجالية الإسلامية في فلورنسا بإقامة العديد من الأنشطة ذات مستوى جيد في أثرها الاجتماعي والثقافي، والمبادرات ولاقت هذه المبادرات التي كانت تتم في الأغلب في الأماكن المستخدمة للصلاة، نجاحا ملحوظا في البيئة الفلورنسية، كما كانت لها ردود فعل إيجابية بفضل مناخها الترحيبي ومتعدد الثقافات الذي لطالما ميز دائما فلورنسا ومواطنيها. يوجد في فلورنسا 5 قاعات لإقامة الصلاة تنضم تحت جمعية مسجد فلورنسا، الجالية الإسلامية في فلورنسا وتوسكانا، وهي الأولى من حيث تاريخ تأسيسها، وهي الأكبر من حيث العدد. ومن إنجازاتها أنها قامت بإنشاء مدرسة يتم فيها التدريس باللغتين العربية والإيطالية، كما تقوم بتنظيم أنشطة تدريبية للأطفال والكبار من جميع الثقافات والديانات. واعتمادا على هذا النجاح تم تشكيل نفس النوع من هذا التنظيم في منطقة متروبوليتان فلورنسا يضم 14 جمعية إسلامية وسبعة 7 مدارس عربية.
المشاركة في جهود إقامة المسجد...! ورغبةً في القيام بدورة مشاركه مع السكان الفلورنسيين، قامت الجالية الإسلامية في فلورنسا وتوسكانا بالدعوة الى عملية "دورة المشاركة -مسجد الى فلورنسا" الذي جرت بين عامي 2011 و2012، وكان الهدف من هذه الدورة هو إشراك المواطنين في تحديد أفضل المعايير لبناء هذا المسجد في المدينة. ومن هذه التجربة نشأت (AMF Associazione per la Moschea di Firenze) المحاور الرسمي للعلاقات مع المواطنين والمؤسسات المحلية، الوطنية والدولية. دورة المشاركة التي سميت (مسجد من أجل فلورنسا Una Moschea per Firenze)، تم الترويج لها من قبل جمعية الجالية الإسلامية في فلورنسا وتوسكانا بموجب القانون الإقليمي 69/2007 بشأن المشاركة التي تمول مسارات من أجل المناقشة وتبادل الآراء بين المواطنين حول القضايا التي تخص المصلحة العامة. وكان الهدف من هذه الدورة إشراك المواطنين في تحديد المعايير والتوصيات للحصول على أفضل إدراج ممكن للمسجد في بانوراما المدينة. هذه الإرشادات المذكورة في التقرير الموجز المقدمة سوف تساعد الجالية الإسلامية في فلورنسا لكي تتقدم بإقتراح للمسجد بحيث يتلائم بأفضل طريقة ممكنة داخل البيئة الحضرية الفلورنسية، وكذلك بتزويد صناع القرار وممثلي المواطنين في الإدارات البلدية، بأكثر العناصر المفصلة في التقييم لإجل إتخاذ قرارات مشتركة بشأن هذه المسألة. تمت الدورة بين مايو 2011 وفبراير 2012 وتم تقسيمها إلى ثلاث مراحل تهدف إلى إبراز إحتياجات وتوقعات ومخاوف وأولويات المواطنين قبل الوصول إلى تعريف المعايير والتوصيات المشتركة.
مرحلة الدراسة الأولية، التي استهدفت إتاحة وإنشاء أدوات لجمع المعلومات وإجراء الاتصالات، أجريت في أشهر الخريف. ثم مرحلة الإستماع والمناقشة في نطاق المدينة من خلال عقد إجتماعات في كل حي من أحياء المدينة وكان حوار مفتوح لجميع الأطراف المعنية، وأخيرا مرحلة التشاور لاتخاذ القرار -وأجريت في شهر فبراير 2012 حيث عمل المواطنون من خلال 3 اجتماعات منفصلة بعد أن تم وضع تعريف للمعايير والتوصيات. في نهاية دورة المشاركة هذه، تم التوصل الى فكرة المسجد حتى يغدو مكانًا للعمارة والقيمة المعمارية، في إداء وظائفه ومكانته الأساسية حتى يعود بالنفع لمدينة فلورنسا بأكملها ليس فقط بالمكانة الرفيعة للدين الإسلامي ولكن كمساحة تتاح للحوار بين الثقافات وعنصر جمال إضافي للمدينة. جمعية المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في فلورنسا (AMF)، وهي جمعية معترف بها بموجب المادة 1 من مرسوم رئيس الجمهورية رقم 361/2000 مسجلة تحت رقم 781 في سجل الهيئات القانونية في محافظة فلورنسا، وهي منظمة تعمل محليًا من أجل إثراء الواقع الفلورنسي المتعدد الثقافات من خلال بناء مسجد ومركز ثقافي إسلامي مراعاةً مع البيئة التاريخية والثقافية التي ستبقى من ميزاته. وقد تأسست جمعية مسجد مدينة فلورنسا في عام 2014 بإرادة الجالية الإسلامية في فلورنسا، التي تعمل حالياَ وهي نشطة منذ العشر السنين الماضية، لإيجاد حل للقاعات المخصصة لإقامة الصلاة المتواجدة في المدينة والمناطق المحيطة بها، وهي الآن غير كافية لأعداد المصلين المتنامي باستمرار. إن أهم أربع جمعيات إسلامية فلورنسية، ممثلة بمجموعات عرقية مختلفة لها هدف واحد مشترك وهو منح المسلمين مكان مناسب من أجل ممارسة العبادات الدينية الخاصة بهم. منذ عام 2014 تقوم جمعية مسجد فلورنسا في أنشطة جمع التبرعات ودورات في اللغة العربية، كذلك عقد اللقاءات والاجتماعات الفنية -الثقافية، وفعاليات الأحداث الرياضية، واجتماعات الحوار بين الأديان، والمسارات التشاركية والتواصل مع المواطنين. وهذه الجمعية مستوحاة من المبادئ المنصوص عليها في ميثاق حقوق المسلمين في أوروبا الذي تم اعتماده في فيينا في عام 2006. ويعد احترام التعددية والتنوع الديني أحد المبادئ الأساسية لجمعية مسجد فلورنسا. ويمكن تلخيص أنشطة جمعية المسجد فيما يلي: · تصميم، وبناء، وإقامة وإدارة المسجد والمركز الثقافي الإسلامي في فلورنسا؛ · تشجيع الأنشطة الثقافية من أجل تحفيز المشاركة الشعبية، والالتزام المدني والاجتماعي بين المواطنين المسلمين وأية معتقدات دينية أخرى في المجتمع الإيطالي والأوروبي الديمقراطي (الأنشطة الثقافية، والجمعوية، وكذلك دورات التدريب والمشاركة، وأنشطة النشر)؛ ففي عام 2014 تم منح جائزة شعار المدينة الفيورينو الذهبي "Fiorino d'Oro" للزعماء الدينيين في المدينة، بما في ذلك الإمام عز الدين الزير، رئيس AMF. إن شعار المدينة "الفيورينو الذهبي" هو أعلى شرف للمدينة، وهو يستنسخ من الذهب الخالص العملة القديمة التي صاغتها جمهورية فيورنتينا في القرن الرابع عشر. يتم منحها للشخصيات التي جعلت فلورنسا عظيمة، في هذه الحالة، وعلى وجه الخصوص، إلى الشخصيات التي جعلتها دائماً من أكثر المدن الداعمة للحوار والسلام. في فلورنسا، استمر الحوار بين مختلف الطوائف الدينية، وبالأخص بين الديانات الإبراهيمية، وأن المبادرات المتعددة الثقافات والديانات تتوالى منذ أعوام كثيرة. في نوفمبر تشرين الثاني عام 2015 تم توقيع مذكرة تفاهم (برتوكول) بين قادة الكاثوليكية واليهودية والإسلامية وبلدية فلورنس، من أجل اتخاذ خطوة إلى الأمام من خلال فتح فرص التعليم والتدريب للحوار بين الأديان للجميع، بما في ذلك ممثلي المؤسسات العامة. وبإحساس وإرادة الإمام والحاخام وكاردينال فلورنسا، وعزمهم على اتخاذ خطوة أخرى بهذا التعاون التاريخي بين الأديان في فلورنسا، نشأت مدرسة فلورنسا للتعليم من أجل الحوار بين الأديان والثقافات. هذه المؤسسة حديثة النشأة سيكون غرضها الأساسي هو دراسة وتشجيع الحوار بين الثقافات، في التفاهم والتفاعل الإيجابي والتعاوني بين أناس ينتمون إلى أعراف دينية مختلفة. ستعزز المدرسة فرصًا للدراسة واللقاءات الثقافية والسياسية للقادة الشباب من جميع أنحاء العالم، وستستضيف وتدير كوادر المؤسسات الوطنية والأوروبية والعالمية، وتوفر لهم الأدوات والمناهج لتكون قادرة على نشر المعرفة وثقافة التعددية الدينية والتعددية الثقافية في بلدان المنشأ وعلى المستوى العالمي، تتم من خلال حضور الدورات والدوام في مدرسة فلورنسا.
الخطوة الأولى والأخيرة ...! في هذا السياق، في 22 ديسمبر من العام الماضي، تم توقيع مذكرة التفاهم (البرتوكول) التي تصادق على الاتفاق بين الجالية الإسلامية في مقاطعة فلورنسا، أبرشية الكنيسة، وبلدية سستو فيورنتينو وجامعة فلورنسا، لبناء مسجد سستو فيورنتينو، الجالية الإسلامية في سستو فيورنتينو، مثلها كالعديد من الجاليات الإسلامية الأخرى في محافظة فلورنسا، في توسكانا وايطاليا، تحتاج الى مكان تليق فيه إقامة الصلاة وممارسة العبادات الدينية وبما أن الحرية الدينية هي حق غير قابل للتصرف بموجب الدستور الإيطالي، وهو مشروع المسجد المستقبلي في سستو فيورنتينو، فهو نبأ عظيم ليس للمسلمين فحسب، بل لجميع المواطنين الإيطاليين على وعي بالأحكام الدستورية. وبهذه المذكرة بدأت أولى خطوات تحقيق الحلم، وبعدها بدأت بلدية سستو فيورنتينو وجمعية مسجد مدينة فلورنس بإجراء عملية التقدير والقياس أدت إلى تحديد أرض مساحتها 8300 متر مربع على أراضي البلدية. وبدعوة من بلدية سستو فيورنتينو الى أبرشية الكنيسة في فلورنسا صاحبة الأرض، وهي على استعداد للتنازل عن الملكية إلى الجالية الإسلامية في مقاطعة فلورنسا حتى تتمكن من بناء مسجد وإقامة مركز ثقافي إسلامي؛ وفي الوقت نفسه، وفي المقابل ستحصل أبرشية الكنيسة على أرض أخرى تملكها جامعة فلورنسا في منطقة مركز سستو العلمي. تلتزم جمعية مسجد مدينة فلورنس بإنشاء مسجد ومركز ثقافي إسلامي والذي سيكون بجودته المعمارية وموضعه المتناغم مع ما حوله بأن يشكل عنصراً هاماً في البيئة الحضرية، ولتحقيق هذا الهدف، تم إجراء مسابقة لاختيار أفضل تصميم. وسيتم تقييم المشاريع المقدمة من قبل لجنة فنية مختصة، ولجنة ضمان، بالجودة المعمارية والموضع المتناغم مع بيئته على أن يشكل عنصراً هاماً في البيئة الحضرية، ولهذا تمت الدعوة الى المواطنين والى نقابة مهندسي فلورنس بالمشاركة. وهكذا تكون الخطوة الأخيرة لتحقيق الحلم قد أشرفت على الانتهاء.
ليس مجرد مسجد...! سوف يكون المركز الثقافي الإسلامي مركزًا مفتوحًا للجميع، للراغبين في المشاركة في الأنشطة الثقافية والتعليمية المتعلقة بالثقافة الإسلامية، وليس فقط للأشخاص أصحاب الفضول للحصول على معلومات عن الإسلام، بل للمبادرات الثقافية والمتعددة الثقافات والأديان في فلورنسا. وباعتباره مركزا للتنوير وتشجيع التعايش الودي فإنه سوف يركز بشكل خاص على إشراك غير المسلمين من ذوي الخلفيات الثقافية والدينية المختلفة.