ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان |
رأت مجلة “نيوزويك” أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بات يقف وحيدا على رأس هرم السلطة بالرياض، بعدما خسر ثقة الكثير من الأجهزة التي قد تمكنه من الحكم دون اللجوء إلى استعمال القوة مباشرة بسبب الأخطاء الكثيرة التي راكمها، معتبرة أن هذا الوضع غير قابل للاستمرار، ويحمل في طياته تهديدا حقيقيا.
وأضاف مقال المجلة الأميركية أن السعودية تعرف تآكلا خطيراً لشرعية النظام، وهو ما يقود إلى انهيار بطيء من الداخل، عكس ما جرى إبان الربيع العربي، حينما استطاع النظام الصمود من خلال تصعيد القمع ضد طيف واسع من منتقديه، بينهم الناشطات النسويات وإسلاميون وحتى بعض أفراد آل سعود، عكس التكنهات التي كانت تقول إن النظام السعودي سيواجه احتجاجات واسعة في 2011.
وبحسب المقال فإن الوضع بالسعودية تغير الآن بسبب مجموعة من الإجراءات التي اتخذها ولي العهد، وأولها قيامه في 2016 إبان توليه منصب ولاية العهد، بتقويض الوهابية، المذهب الرسمي للدولة، التي كانت في الماضي تمنح سببا وجوديا لحكم آل سعود لمناطق ومكونات مختلفة بالمملكة. وقالت “نيوزويك” إن ولي العهد نأى بنفسه عن هذا التيار الديني التقليدي وجرد الوهابية من سطوتها على السكان، من خلال تجاهل معظم فتاوى التيار الراديكالية والمرفوضة، وقام بعدها بالزج بأشد المدافعين عنها بالسجن.
وكنتيجة لذلك، اعتبرت “نيوزويك” أن بن سلمان يحكم الآن دون وجود الأيديولوجية القديمة للدولة، ما يجعله مضطراً لاستخدام القوة لمعاقبة أي تمرد من الداخل.
أما ثاني الأخطاء التي تورط فيها ولي العهد السعودي، وفق المقال، فتمثلت في رغبته في الحصول على شرعية جديدة بناء على القيام بإصلاحات اقتصادية غير مسبوقة، كبرامج السعودة، وخصخصة الأصول والخدمات الحكومية، بعدما وعد بنعيم اقتصادي جديد، يجد فيه الشباب السعوديون فرص العمل، وتطوير شركات نخبوية، وكذا تكديس الثروة في حقبة ما بعد النفط.
ولفتت المجلة إلى أن بن سلمان نجح في البداية في تحفيز الشباب من خلال الإعلان عن وعود تحقيق الازدهار والمشاريع المتطورة والضخمة، لكنه مع الأسف واجه تحديات حقيقية ووجد نفسه مضطرا إلى التخلي عن جل إصلاحاته الاقتصادية. واعتبرت أن التجلي الأبرز لذلك الفشل مرتبط بتعويم 5 بالمئة من “أرامكو” للنفط، الذي تم التخلي عنه بآخر لحظة، ليجد الشباب أنفسهم، في ظل وضع اقتصادي متخبط، أمام شبح العطالة بعد التخرج بدل فرص العمل المريحة والمضمونة.
كما ألقت المجلة الضوء على التعيين المفاجئ لبن سلمان لولاية العهد، وما رافقه من تهميش لأبناء عمومته الأكثر كفاءة من أقرانه، موضحة أن ذلك تسبب في تغيبب الإجماع المعهود سابقا داخل الأسرة الحاكمة، وربما إلى الأبد. مضيفة أن ولي العهد السعودي وجد نفسه مضطراً للتحرك بسرعة لتعزيز قبضته على الحكم والمؤسسات السياسية في الدولة، مخافة ظهور أي خطر قد يهدد وصوله للحكم.
وتسبب ذلك، وفق “نيوزويك”، في خلق بن سلمان لكثير من الأعداء داخل عشيرته الأقربين ما سيظل يطارده لوقت طويل، مضيفة أنه ليس من الواضح بعد كيف سيكون في مقدروه مداواة هذا الشرخ العميق دون اللجوء إلى المزيد من القمع.
أما حالة الفشل الأخيرة، التي أوردتها المجلة الأميركية، فهي اعتقاد بن سلمان أنه في ظل عدم قدرته على تأمين الجبهة الداخلية، فإن لجوءه لسياسة خارجية عدائية وتقديمه الوعود بطرد إيران من عدد من البلدان العربية، سيفي بالغرض وسيجعله محارب الصحراء الجديد.
وأشارت إلى أن الوعود بتحقيق نصر عسكري سريع باليمن تبخرت مع الوقت، بعدما تحولت الحرب ضد الحوثيين إلى مستنقع لا تستطيع الرياض الخروج منه. وخلصت المجلة إلى أنه في ظل القمع، لا يمكن توقع حدوث ثورة بالسعودية قريبا، لكن ما نراه هو تآكل بطيء ومتصاعد لشرعية النظام، وهو ما يمكن أن يطول قبل مرحلة انهيار خطرة.