لايختلف شخصان بإيطاليا كون هذه الحكومة التي تقود البلاد حركت الكثير من المياه السياسية الراكدة، منذ إستقالة حكومة "برلوسكوني" الشهير سنة 2011 وتوالي حكومات "مونتي" "رينزي" حتى آخرهم جينتيلوني.
ورغم كل الإختلاف مع ماتطرحه هذه الحكومة من أفكار - لم تحقق منها أي شيئ لحد الآن- فإنها جعلت السياسة تأخذ مفهوما جديدا تتلقفه الصحافة بشكل لا يكاد ينتهي، خاصة وأن أحد ضلعيها حزب يميني كثيرا مارفض حتى الإنتماء الى إيطاليا، بينما ضلعها الآخر غارق في الطوبويات، من قبيل الطاقات المتجددة، ودخل قار لكل مواطن، ولا يختلف في كثير من الأشياء عن سالفيني وحزبه بدليل تخصيص"دخل المواطنة" للإيطاليين فقط".
لكن "سالفيني"، وزير الداخلية الإيطالية، يبقى رمانة الميزان في كل هذا، حيث تنتظر كل وسائل الإعلام المحلية والدولية بشغف كل ما يصدر عنه من قول أو عمل، علما بأن جاذبيته هذه ترافقه منذ بداياته الأولى في حزب "بوسي" الشهير وآراءه في الجنوب والشمال والمهاجرين، ونظرته لأوروبا والعالم.
لم يخف "سالفيني"، سواء قبل أو بعد الحكومة، رفضه للهجرة والمهاجرين خاصة تلك التي تأتي من وراء البحر، بدعوى أن إيطاليا تمتلئ بما يكفيها من عمالة، ولا تريدعبيدا جدد على حد تعبيره، إذ الأحرى أن تكون هناك خطة للإستثمار في إفريقيا ويبقى المواطن الإفريقي سعيدا في بلده.
يريد الأمن والرفاه لمواطنيه، وهو لا يزعم أن المهاجرين سبب في تدهوره، ولكنه يرى أن المهاجرين غير الشرعيين طالما لا يجدون ما يقتاتون به، وطالما يعيشون في ظروف لا قانونية بالتأكيد سيبحثون في الإجرام ملجأ من العوز وطلبا للرزق، ما يبرز أهمية التعجيل بطردهم، خاصة مرتكبي الجرائم. إن الصحف تتحدث عن قانون "هجرة وأمن" جديد ربما تسحب "الجنسية الإيطالية" ممن ارتكب جرائم تتعلق بالإرهاب.
"سالفيني" يعلق على كل شيئ، يكتب، يتواصل، يشتغل، على صفحات التواصل الإجتماعي الملايين يتابعونه، وعلى شاشات التلفزة ستجده في كل القنوات. اما المهاجرون فلا حديث لهم الا عن هذا الوزير الذي سمعوا به أيام الحملة الإنتخابية،وما حسبوه يوما ما يحكم او قل معظمهم، يتخوفون من قراراته أحيانا، وفي كثير من الأحيان ينظرون له كما نظروا ل"بوسي" و"فيني "و"كالديروني" و"ماروني" من قبل، وقد كانوا مثله في كثير من الأفكار، رغم اختلاف ظروف تواجدهم في الحكومات السابقة.
سالفيني وعد بأن تمنح الأسبقية للإيطاليين، بشعار "الإيطاليون أولا"، ربما هو صادق فيما يقول، غير انه لم يخبرهم بالطريقة المثلى لذلك، فأن يكون سبب كل مشاكل إيطاليا هم المهاجرون أمر فيه نظر، على أن المهاجر يساهم ب 8% من الناتج الخام الإيطالي، يدفع الضرائب ورواتب المتقاعدين يشتغل ويكد أغلبهم واكثر من هذا يجعل إيطاليا بلدا به أطفال.
لكن جلهم كذلك لا يستفيد الا من قلة الفتات، ثم تأتي حكومة يقودها "سالفيني" عن اليمين و"دي مايو" عن الشعبويين، ويحرمهم حتى من دخل عام من المفترض، ان صادق عليه البرلمان أن يشمل الجميع: مواطنين ومهاجرين، فهذا قمة المأساة ونوع من اثارة المشاكل بين الفقراء.
"سالفيني شو" عرف من أين تأكل كتف السياسة الإيطالية، واستطاع أن يجعل من أفكاره مشروعا مجتمعيا لأغلب الإيطاليين، مركزا على ماتفعله الحكومات السابقة وكذا مستفيدا من الخروج البطيئ للإقتصاد من ركوده السابق، فاستطلاعات الرأي تعطيه نسبا عالية وتجعل حزبه الأول بين كل الأحزاب، والجميع أدرك أنه حقا حتى وان لم يفعل ما يقول، فإنه يستطيع أن يكسب رضا مجموعة لا يستهان به.