الإعلامي محمد حنوت: الطابور الخامس وآلامه ومستقبل وطني مصر وآماله - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

الإعلامي محمد حنوت: الطابور الخامس وآلامه ومستقبل وطني مصر وآماله


لم أزر مصر منذ سنوات، وتخطى وجودي بها آخر مرة أكثر من ثلاثة أشهر ، تخلّصتُ فيها رويدا من صدمة الفارق بين أوروبا ومصر، وكنت فيها أدخل في نقاشات عديدة ومتنوعة عن وضع مصر سياسيا وإقتصاديا مع أشخاص من جميع المستويات الثقافية. وكان منهم ينتقد فترة من فترات حكم مصر، وبينهم من ينتقد النظام وفشله في إخراج مصر والمصرييين من الأزمة، ومنهم من ينتقد حال البلد عموما.

وإن كان الزائر لمصر من المهاجرين، خاصة من أوروبا، يجد الكثير من  السلبيات، وفي مقابل حجم الإنجازات لايلتفت إليها، عن عدم معرفة حقيقية لسبب عدم التسويق الجيد للتطور الحاصل في البنية التحتية الأساسية والمطلوبة للنهضة المستقبلية. أرى أن القارىء يستفسر حول علاقة العنوان بالمضمون،  فعبارة "الطابور الخامس" كما ذكرها د. عكاشة، أستاذ علم النفس والعلاج النفسي، بأن الطابور الخامس”، هو تعبير ظهر لأول مرة أثناء الحرب الأهلية الأسبانية عام (1936-1939)، إذ كانت القوات الزاحفة على مدريد تتكون من أربعة طوابير، بينما كان هناك طابور خامس يعمل خلف خطوط العدو لأداء مهام بعينها لصالح الطرف الآخر، ومن هنا دخل هذا المصطلح التداول بشكل أولي.

ويستخدم هذا المصطلح في الأوساط السياسية والعسكرية والاعلامية، يقصد به العملاء الذين يعملون داخل بلد لمصلحة العدو.

ومن ثورة يناير إلى الآن، يوجد  في مصر أنواع ممن يضرّون بمصلحة البلد، سواء عن جهل لمتطلبات المرحلة الراهنة أو بالعلاقة الوثيقة لبلد الكنانة بالمسرح السياسي العالمي، وهناك من يضر بمصلحة البلد عن قناعة لأسباب سياسية أو أيديولوجية مغلوطة، وهناك أيضا من يعمل مدفوعا بالمكاسب المادية المغرية.

مَن يضرّ البلد نتيجة جهل بما يحدث أو عدم الرغبة في الإقتناع بالواقع، ما يجعله يتحول نفسة إلى فريسة لمغالطات وإشاعات منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

في الحقيقة، هذه النوعية لابد من التركيز عليها نظرا لسهولة التعامل معها وإمكانية إرجاعها لحضن الوطن عن طريق نشر الحقائق إعلاميا بأسلوب واعي وحديث وغير مباشر، وأيضا إتاحة الفرصة لكتائب الشباب النشطة على مواقع التواصل وإمدادها بالمعلومات والحقائق في صورة تتناسب مع كل لون من ألوان التواصل والمساعدة على نشرها علي نطاق واسع، مع خلق نقاش هادئ ومتزن وموثّق بمعلومات دقيقة وكليبات فيدىو وصور لمشروعات أُنجزت وأخرى قيد الدراسة أو في طور الإنجاز، بالإضافة إلى عرض فكر سياسي ونهضوي  للرئيس بأسلوب بسيط ومركز وفاعل يستخدم فيه كل أدوات الميديا الشيقة، يكون متوفرا على مواقع  التواصل، ناهيك عن إشراك العديد من الأمن النشيطين لعمل حوارات محترمة لايسمح لأي تعليق للإساءة وبالتزام معايير للحوار، وإستخدام أساليب الإقناع والردود بدون مبالغات، وبمنتهي الشفافية والواقعية.

 لا ننكر أن، في الوقت الراهن، هناك سلبيات جمّة، ولكن من العدل أن نعترف أن هناك الكثير منها متوارث ومتراكم منذ  الـ30 سنة الماضية، التي لم يحدث فيها تنمية حقيقة للبنية الأساسية: الطرق والمواصلات والطاقة والتعليم والصحة، والتي لزم مواجهتها الآن حتى ولو تُستهلك الكثير من الإستثمارات والميزانية. من جهة أخرى، أرى من الأساسي مواجهه مشكلة الدعم التي كانت تُعالَج في الماضي بمسكنات حكومية عقيمة بالإستدانة  أدت للتضخم الهائل والمديونية الكبيرة علي الدولة لعدم استثارة الشعب لمواجهه حقيقة أن يصل الدعم لمستحقية ، وحتى لايكون عبئا علي كاهل المواطن الفقير، طبعا بمشاركة القادرين له في الدعم المقدم من الدولة في جميع نواحي الحياة من استخدام للطاقة والتموين وبقية الخدمات المدعومة التي تُقدمها الدولة .

نعم، تضررتْ الكثير من الفئات خاصة بسبب إرتفاع الأسعار على إثر تعويم الجنية، الذي فقد الكثير من قيمته الشرائية، وكان لابد من وضعة في سعرة الحقيقي حتى لا تتحمل الدولة كل التبعيات من دعم الجنية المترنح أمام العملات الأخرى نظرا لضعف تصدير المنتجات المصرية، ما يجعل جلب العملات الأجنبية فعل صعب صعب. كان على الأقل أن  تساهم الدولة بوجودها في السوق عبر تقليص نسبة الإستيراد لإحتياجاتنا الحياتية، التي بلغت 70% من حجم ما نحتاجة ويوفي السوق المصري فقط 30%، بالإضافة لإنخفاض المدخولات من العملة الصعبة من السياحة نتيجة التبعات الأمنية  للثورة  والتي بدأت في التحسن مؤخرا.

إن الإستثمار الحالي المكثف والمتسارع في البنية التحتية لمصر تؤهلها لإقامة نهضة صناعية حضارية تقلل  الفجوة الهائلة بين الإستيراد والتصدير لصالح زيادة الإحتياطي النقدي من العملات الصعبة وإلا ستؤدي إلى رفع كفاءة  الجنية المصري والقدرة على الشراء وإنخفاض الأسعار وزيادة الأجور .

وإن كان هذا التصور متفائلا جدا لما قد يراه البعض ولكنة واقع شاهدتة بنفسي بوجودي بمصر هذه المدة وإن كان أيضا المطلوب تنفيذه كثير والطموحات أكبر ، يبقي جانب مهم جدا يستشعرة الجميع وهو الإنسان المصري والشعب المصري والموظف المصري والمسؤل المصري في كل موقع.

أعيش في سفر من الثمانيات وزرت العديد من البلدان الأوربية قبل إستقراري بإيطاليا منذ ما يقرب 28 عاما. كنت دائم التعمق في تفاصيل ما أشاهده في الغرب، من تعاملات المواطنين معا، ومن أساليب تقديم الخدمات العامة من قبل موظفي ومسؤلي الدولة.

والمدهش أنه ليس من الصعب أبدا رفع كفاءة الآداء العام للمواطنين والموظفين  لتحسين الحياة بغض النظر عن الإمكانيات ، وهذا التحسين العام حتى ولو تدريجيا مع الأمل والطموح الموجود حاليا لوضع مصر والمصريين في مكانتهم العالمية والإنسانية المنشودة يجب أن تكون من الأهداف القومية الملحة. وهو ماقد ذكره الرئيس السيسي مؤخرا في النشاطات المجتمعية المتعددة والتي ركز فيها مؤخرا على التنمية البشرية في المواطن المصري، خاصة الشباب الذين سيحملون مسؤلية الفترات القادمة .

في الأخير، أشعر بأسف عميق وشديد بسبب عدم قيام الإعلام بالدور المطلوب في عملية التنوير والتسويق وصياغة ما تحقق، والقيام بدورة كسلطة رابعة.