تمثال نصفي في صيغة ثلاثي الأبعاد لصلاح الدين الأيوبي / في الصورة الممثل غسان مسعود |
ترجمة: حسن أمحاش
المصدر: صحيفة إلموندو الإسبانية
في محاولة للمجتمع العلمي حل ألغاز الماضي من خلال تطبيق المعرفة الحالية، يكشف خبير في الأمراض المعدية والطفيلية أن حمى التيفوئيد يمكن من المحتمل أن تكون السبب في وضع حد لحياة «صلاح الدين الأيوبي». «صلاح الدين الأيوبي»، شخصية رئيسية في تاريخ الشرق الأوسط، حتى يومنا هذا لا تزال وفاة السلطان صلاح الدين» لغزا. في شهر مارس عام 1193، بعد أقل من عام من توقيع معاهدة الرملة مع الملك «ريتشارد قلب الأسد»، مرص «صلاح الدين» في قصره بدمشق، فتوفي بعد سقمه بأسبوعين فقط. كان «صلاح الدين»آنذاك في الخامسة والخمسين من عمره، وكان اختفاؤه المفاجىء بمثابة بداية نزاع طويل في السلالة الأيوبية.
الآن، حاول أستاذ في الطب من أمريكا الشمالية إعادة التاريخ الطبي لـ«صلاح الدين»، ومع ذلك، فإن الفصل الأخير من سيرة السلطان العظيم، بعد تحليل شهادات الوقت والمواد المتاحة حول هذا المرض الذي أصابه. يغامر ستيفن «غلوكمان»، الباحث في كلية الطب بجامعة بانسيلفانيا، بأن السبب في وفاة «صلاح الدين الأيوبي» من المرجح أن تكون حمى التيفويد، وهو مرض بكتيري كان شائعا كثيرا في المنطقة السورية في ذلك الوقت. ويوضح البروفيسور، خبير في الاضطرابات الطفيلية :"إن ممارسة الطب بعد قرون من الحقيقة يتطلب الكثير من الصبر والتفكير والتخيل". ويضيف: "في هذا النوع من الألغاز الطبية، تتم دراسة كل الاحتمالات، ويتم التخلص من المستحيلات (أو حتى غير محتملة)، ويتم ترسيم الأسباب المحتملة".
حمى التيفوئيد هو مرض يهدد الحياة، وتسببه بكتيريا السالمونيلا المعوية. تنتقل عن طريق الأغذية أو المياه الملوثة، وهي الآن شائعة في معظم مناطق العالم غير الصناعية. يظهر الخطر الأكبر في المجتمعات الفقيرة، بالأخص، في أكثر الفئات ضعفا، مثل الأطفال والمسنّين. وتتحدد أعراضه في ارتفاع درجة الحرارة والإحساس بضعف الجسد، وآلام في المعدة والشعور بالصداع، وفقدان الشهية، وهذا ما يتوافق مع الشهادات المتعلقة بفترة نقاهة السلطان. وتشير تقديرات لمنظمة الصحة العالمية أن بين 11 حتى 20 مليون شخص يصابون بعدوى هذا المرض سنويا، وأن 150 ألف شخص منهم يقلون حتفهم بسببه.
قبل بضعة أشهر فقط، بالضبط في ديسمبر 2017، منحت منظمة الصحة العالمية الضوء الأخضر لأول لقاح للقضاء على هذا المرض، وهو علاج سيبدأ استخدامه كأولوية في البلدان التي يوجد بها أكبر عدد من هذه الحالات. مع هذا اللقاح، تأمل منظمة الصحة العالمية في التمكن من الحد من استخدام المضادات الحيوية لعلاج هذا المرض، وهو بدوره يجب أن يبطىء من معدل مقاومة البكتيريا للأدوية.
وحلا لألغاز التاريخ قدّم بحثه وتشخيصه في المؤتمر السنوي الخامس عشر للتاريخ السريري ـ الباثولوجي، الذي عُقد مؤخرا في كلية الطب في ولاية ماريلاند، وخصصت فعالياته لتشخيص الاضطرابات المؤثرة على شخصيات نقشت إسمها في مجلدات التاريخ. والجدير بالذكر أنه في السنوات السابقة ناقش خبراء وحللوا الأمراض التي توفي بسببها شخصيات بارزين أمثال: «داروين»، و«لينين»، و«إليانور روزفلت»، و«لينكولن». في هذه الحالة، جرى التعامل مع حالة صلاح الدين، الذي كان يضرب به المثل في الحكمة والبطولة والفروسية. بالإضافة إلى اعتباره كان العدو الأول للمسيحيين في الحملة الصليبية الثالثة، لذا، لم يضعه دانتي أليغييري عبثا في قلعة "الأرواح العظيمة"، لكتابه الشهيره "الكوميديا الإلاهية، ومن ناحية أخرى، غالبا ما تجذب ألغاز التاريخ المجتمع العلمي. ولعل واحدة من أبرز الحالات هي حالة الإسكندر الأكبر، الذي لا تزال وفاته يلفها الغموض حتى اليوم. أما في حالة الملك المقدوني، هو هناك إمكانية إصابته بحمى التيفوئيد، عدوى أو الملاياريا، التي كانت سببا في وفاته. ومع ذلك، في سنة 2014، أشار فريق من خبراء في "السموم"، تابعين للمركز الوطني لنيوزيلندا، كان التسمم سبب في وفاته، حسب ما ذكرته مجلة "كلينيكال توكسيكولوجي"، وتراهن على استخدام عشب يسمى "فيراتروم ألبوم"، وأيضا معروف بإسم "باليستيرا" أو "إليبورو بلانكو".