عدنان السواعير: الحكومة الإيطالية الجديدة درس في الديمقراطية - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

السبت، 26 مايو 2018

عدنان السواعير: الحكومة الإيطالية الجديدة درس في الديمقراطية


بعد 80 يوم من الانتخابات الإيطالية يظهر الدخان الأبيض وتنتهي الأزمة السياسية الإيطالية والتي إنتهت بتحالف أحد مكونات تحالف اليمين وهي حركة الرابطة والتي تقدمت للإنتخابات مع حزبين أخريين هما فورتزا إيطاليا وإخوة إيطاليا، إنتهت بتحالف هذه الحركة مع حركة النجوم الخمسة، ليكونا الأغلبية الجديدة في البرلمان الإيطالي.

جلي بالتذكير أن أمر من هذا النوع يحدث للمرة الأولى في تاريخ إيطاليا بل في أوروبا كلها، ألا وهو تولي تحالف حركات شعبوية لوحدها زمام الأمور في إحدى الدول الرئيسية المؤسسة للإتحاد الأوروبي، إيطاليا.

وقد عقدت هاتين الحركتين إجتماعات ماراثونية إتفقت من خلال هذه الإجتماعات على 'عقد' Contratto يمثل برنامج الحكومة وهو ملخص في 29 نقطة بعد ذلك تقاسما وإتفقا على أسماء الوزراء والذين سيقترحوهم على رئيس الجمهورية، وهذا مخالف للعرف التقليدي أسماء من المفروض أن يقترحها رئيس الوزراء المكلف على رئيس الجمهورية، ثم وبعد أن إتفقا على كل ذلك إقترحا على رئيس الجمهورية إسم الرئيس الوزراء المتفق عليه بينهما بروفيسور الحقوق في جامعة فلورنسا جوزيبي كونتي Giuseppe Conte.

بالتأكيد أن أمراً من هذا النوع يُحدث للمرة الاولى في إيطاليا، لم يحدث أبداً أن إتفقت أحزاب على البرنامج والأدهى على أسماء الوزراء قبل أن يتم إختيار إسم رئيس الوزراء، هذا التصرف جلب للحركتين إستياء رئيس الجمهورية والذي يجب أن يوافق على الأسماء والأعجب من ذلك أنه بهذا التصرف يظهر رئيس الوزراء المختار من الحركتين بالرئيس الدمية بيد هاتين الحركتين ويترأس حكومة لم يختر لا أعضائها ولا برنامجها.

هاتين الحركتين نادتا دوماً بأن يكون رئيس الوزراء يجب أن يكون منتخب من الشعب وإختيارهما لرئيس لم يخض الإنتخابات وليس عضواً في البرلمان هو تناقض مع كل قالاه سابقاَ، بالتأكيد الناخب الإيطالي لن يغفر تغيراً من هذا النوع ويتناقض مع كل العمليات التجميلية التي تحاول هاتين الحركتين إضفائها على هذه الحكومة واللتين تصران على تسميتها بالحكومة السياسية.

ردود الفعل الأوروبية تجاه هذه الحكومة تسير بإتجاهين، الأغلبية وهي صاحبة التوجه الأوروبي لم تخلو من النقد وفي بعض الأحيان بالنقد الشديد، لأنهم إعتبروا البرنامج الحكومي قد توسع في نقاط كثيرة من الممكن أن تخرج إيطاليا من عوامل يجب عدم تجاوزها وخاصةً إن كنت جزءً لا يتجزأ من الإتحاد الأوروبي، بأختصار إيطاليا بلد تبلغ مديونتيه 2.300 مليار يورو ومجموع هذا الدين يشكل 130% من الناتج القومي ويجب بكل الأحوال أن لا يتجاوز التضخم نسب لا يحبذها الإتحاد الأوروبي وخاصة إذا علمنا أن الكثير من النقاط في البرنامج القادم للحكومة هو عالي الكلفة على الإقتصاد الإيطالي حسب هذه الدوائر وهذا ما سبب ردود الفعل هذه لأن الإتحاد الأوروبي يخشى بقوة أي أزمة قادمة في أي من دول الإتحاد وخاصة إحدى الدول المؤسسة مثل إيطاليا.

ردود الفعل الإيجابية أتت فقط من الحركات الشعبوية الأخرى في دول الإتحاد صاحبة الإتجاه الرافض للإتحاد وللعملة الموحدة ومن الأحزاب اليمينية الأخرى في الإتحاد مثل التأييد الشديد لهذا التحالف والذي أتى من ماريان لوبين رئيسة الحزب اليميني الفرنسي والتي سمت هذه الفوز بالعودة إلى الأمم، الأمم المختلفة في أوروبا وليست الإتحاد.

لا شك أن الظرف الذي تمر به إيطاليا ليس بالسهل إطلاقاً وخاصة التسارع الذي يسير به الدين العام وعدم مقدرة الحكومات على التخفيف منه وتسارع البطالة، الناخب الإيطالي تعلق بهذا الأمل لتغيير الأمور ولكن الخطوات التي بدأت بها الحكومة الجديدة لم تكن في كثير من الأحيان خطوات صائبة، والناخب الإيطالي وبشكل عام الأوروبي متعود على هذه التبادلات في السلطة، علينا أن نتذكر أن الحكومة الإيطالية السابقة كانت حكومة اليسار- الوسط واليوم هي حكومة يمينية ومن السهل أن يعود الناخب عن هذا القرار، كل ذلك يعتمد على ما ستقدمه الحكومة الجديدة في الأشهر القادمة.

المواعيد القادمة لهذه الحكومة هي مواعيد صعبة للغاية وكما يقول الناخب الإيطالي هم بحاجة للمسؤول الذي سيضرب على الطاولة للدفاع عن مصالح إيطاليا في هذه الإجتماعات وأهمها، يومي 8 و 9 يونيو ال G7 في كندا وثم يومي 28 و29 يونيو إجتماع المجلس الأوروبي والمخصص لمناقشة موضوع الهجرة والذي تشكل به إيطاليا رأس الحربة للإتحاد الأوروبي ومن ثم إجتماع القمة لدول الناتو والذي سيعقد يومي 11 و 12 تموز، كل هذه الإجتماعات إيطاليا تشكل دوراً رئيسياً ومحورياً وبحاجة أن يحصل رئيس الحكومة الجديد من المكتسبات لإيطاليا نفسها.
لننتظر قادم الأيام حتى نستطيع الحكم على هذه الحكومة.

نقلا عن موقع "عمّون نيوز"