أربعة شكوك حول الهجوم العسكري على سوريا - الإيطالية نيوز

أربعة شكوك حول الهجوم العسكري على سوريا


الإيطالية نيوز ـ إن الهجوم الصاروخي البريطاني الفرنسي الأمريكي في سوريا بهدف معاقبة نظام بشار الأسد بحجة أن جيشه استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه لم يكن إلا ضربة قصيرة حققت الأهداف المخطط لها حسب ما صرح به الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وفي سياق النزعة العسكرية التقليدية الأمريكية والأوروبية في الشرق الأوسط تولد هذه الضربة حاجزا لمنع الأسد من استخدام هذه الآداة البربرية في الحرب، ولكن هناك مشاعر متضاربة وشكوك قوية حول فعالية هذا الهجوم الثلاثي الغربي ضد دولة عربية، وحول شرعيته، وفعاليته، ومصداقيته.

ويبدو أن هذه العملية عملية سياسية، لا تأخذ في الاعتبار الديناميكيات المحلية والإقليمية،  مصمَّمة فقط لتخبر الرأي العام الغربي بأن هذه القوى الثلاثة يعنيها كثيرا احترام حياة الإنسان والقانون الدولي أكثر من الحكومات في سوريا وروسيا. وإذا رجعنا إلى الماضي وحللنا أفعال منفذي هذا الهجوم المسلح ضد النظام السوري نجد أنفسنا أمام أطروحة قابلة للنقاش تماما، فإذا أخذنا بعين الاعتبار عدد الضحايا التي تسببت بها الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة في المنطقة منذ عقود، والتي لازالت تشارك فيها بطريقة غير مباشرة، سيتضح جليا النفاق البشع، والأطماع الغربية في المناطق العربية المراد بلوغها بدريعة حب إنقاذ حياة الشعوب العربية. كما أنه من المحتمل أن عواقب العملية الثلاثية المسلحة ضد سوريا لن توقف الفوضى والأشكال الجديدة للعنف التي تصيب المنطقة، كما يحدث في كل مرة مع هذا النوع من الأعمال العسكرية الخارجية.

مشكل الفعالية
إن الهجوم المسلح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وابريطانيا ضد سوريا، بين الـ14 والـ15 أبريل لا يبدو فعالا بشكل خاص. فعشرين عاما من الهجومات المستمرة للولايات المتحدة الماريكية والقوى الأخرى ضد الجماعات الإرهابية والحكومات المتطرفة، وذلك ببدء إطلاق صواريخ في سنة 1998 ضد القاعدة في السودان وافغانستان،  لم تنجح في توقيف القاعدة أو الجماعات الأخرى المشابهة، التي في المقابل، تتكاثر فقط في المناطق التي اجتاحتها الهجومات العسكرية الأجنبية أو الداخلية، مثل الصومال، واليمن، والعراق، وافغانستان، وسوريا.

إن عدد الحكومات والقوى الراديكالية التي تعارض الولايات المتحدة الامريكية والقوى الكبرى الأجنبية تزايد بثبات في السنوات الأخيرة. وليس هناك ما يدعو إلى العجب إذا تزايد، مؤخرا، تأثير إيران، وروسيا، وحزب الله، وتركيا، وسوريا، وفي بعض الأراضي العربية، بالأخص بسبب السياسة العسكرية المتواصلة للولايات المتحدة الأمريكية والقوى الأجنبية أخرى والعربية. إن الغاية من السياسة العسكرية كانت بالضبط هو "خفض" هذا التأثير.  سوريا: رئيس منظمة حظر الأسلحة النووية 
إن السفير الأمريكي لدى منظمة الأمم المتحدة، نيكّي هالِيْ، وأصدقائه سيكونون جاهزين ومشحونين، كما صرح نيكي، لكن تبقى الحقيقة أنه في سنة 1998، ألقى الأمريكيون النار عدة مرات في عملياتهم العسكرية في الشرق الأوسط لإلحاق الهزيمة بالإرهاب والحد من نفوذ إيران . في النهاية، قوّت واشنطن ذلك الذي كانت تريد إضعافه.

مشكلة شرعية الهجوم الثلاثي ضد سوريا
لا تبدو الهجمات مشروعة، لأن الأمم المتحدة ومؤسسات أخرى المرخص لها بالتحقق من مسئولية الهجوم الكيميائي لم تقم بعملها على الأرض ـ والذي كان يجب أن يبدأ في 15 أبريل ـ قبل أن تتخد إجراءات عقابية. لا يمكن، إذن، للقوى الثلاثة المسئولة عن الهجوم أن تدعي أنها تصرفت حبا ودفاعا عن النفس، ذلك لأنها لم تكن تحت تهديد هجوم وشيك، ولم يتم حتى مهاجمتها، على عكس ما حدث في 11 سبتمبر. 

مشكلة مصداقية
بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجمات ليست ذات مصداقية خاصة، وأن مخاوف الغرب بسبب الوفيات الناجمة عن استخدام الأسلحة الكيميائية تفقد التوازن، وذلك لسببين. إن الحكومة السورية والقوى المعارضة قتلوا مئات الآلاف من المدنيين، غالبا بطرق غير إنسانية مثل استخدام البراميل القنابل أو الحصار الذي يراد به تجويع العدو، وهذا لا يبدو أنه أنتج عمليات كبيرة من طرف القوى التي هاجمت سوريا، حتى إذا كانت عواقب ذلك سيئة للغاية. وإن استنكار هذه الدول الثلاثة المتحالفة ضد سوريا لموت المدنيين الأبرياء يشكك أيضا في حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا تدخلوا لحماية الشعب السوري، وإنما تدخلوا لتمليع صورتهم، ولإجبار بشار على عدم توظيف السلاح الكيميائي في قتل شعبه، كما لو يقولون له أو يجعلونه يفهم أن القتل مباح بجميع الطرق والوسائل ما عدا السلاح الكيميائي. وتختم الإنترنايشنل المقال بالقول أن أمريكا وابريطانيا وفرنسا هم مسئولون بشكل غير مباشر عن وفاة مئات آلاف من المدنيين في الشرق الأوسط على مدى عقود من التدخل العسكري والأعمال السياسية المباشرة، على غرار ما يحدث في اليمن.

مشكلة في السياق

الهجمات، في الأخير، لم تأخد في الحسبان السياق العام للحرب في سوريا وروابطها الإقليمية والعالمية المختلفة. على وجه التحديد، إن النتائج ذات المدى القصير لعمليات عسكرية مثل هاته  ـ أو مثل الهجوم الأنجليزي أمريكي في العراق عام 2003 أو حتى الحرب الأخيرة ضد داعش ـ تميل إلى التلاشي بسبب غياب وجود سياسة ذات نطاق أوسع وافتقارها لدوائر حل للمشاكل التي سببتها الحرب. وهنا نستنتج أنه من أجل فرض السلام والأمن بشكل شمولي، يجب أن تكون واقعية لوقف القتال، وإراة حقيقية في تحقيق الاستقرار في سوريا، ومحاولة حل التوترات التي تتخبط فيها سوريا، داخليا وخارجيا الآن، بدء ا بالمصالح الكردية والإيرانية والإسرائيلية والتركية والروسية.