تتعصر قلوبنا وتقطر مرارة عند سماع أخبار عن حوادث متكررة لغرق طالبي الهجرة غير الشرعية واللجوء إلى سواحل أوروبا على متنها مراكب تحمل أكثر من حمولتها القانونية، قوارب ضعيفة تستفز جبروت بحر غير مبالية بأولئك الذين تحمل من رجال وشباب وأطفال ونساء، من مختلفي الألوان والأجناس، جمعهم حلم واحد ومستقبل واحد ومصير واحد.
لا عجب أن يخاطر المرء بحياته ما دام الأمل المتبقي من أجل صناعة حياة جديدة هو الهجرة. وهي حق، نعم حق مكفول منذ بداية الخليقة للتحرك والتجول وتغيير المكان، والسفر إلى بلاد الله وأراضيه سعيا لطلب الرزق وتحسين الأوضاع المعيشية، وهو أيضا حق أزلي وتاريخي وإنساني وإلهي.
فقط مؤخرا ( من عمر الإنسانية) صنعت الحدود الجغرافية والحواجز الإدارية وفُرضت الشروط والإجراءات للحد من تنقل البشر خارج حدود معينة. ولقد أثرت الظروف الجيوسياسية على الخريطة العالمية الإنسانية وقُسّم فيها العالم بين شمال غني وجنوب فقير، حتى داخل الدولة الواحدة جرى خلق تمييز واضح، شماله غني عن جنوبه.
أصبحت الهجرة البشرية تنزح من الجنوب اتجاه الشمال، وفي بعض الأحيان من شرقه إلى غربه. وعلي فترات زمنية كثيرة كانت دول الشمال الغنية تفتح باب الهجرة لأبناء دول الجنوب إليها من تخصصات ومهن معينة والاستفادة منهم لنهضة ورفاهية بلادها.
وإلى الآن تحتاج وستحتاج دول أوروبا والدول الغنية ذات الرفاهية العالية لليد العاملة، من شباب الدول الفقيرة والنامية لسد نقص العمالة في قطاعات معينة أو لتغطية العجز في الشباب القادر على العمل في هذة البلاد، التي لديها مشاكل آنية ومقلقة في التغيير الديموغرافي للسكان ، وحيث نسبه المواليد في تناقص كبير، في العقد الاخير، مقابل زيادة نسبة كبار السن المحالين على المعاش بسبب الزيادة المطردة في الأعمار المصاحبة للرعاية الطبية والتقدم العلمي في الوقاية من الامراض، بالإضافة إلى الثقافة العامة للشعوب في المحافظة على الحياة والاهتمام بالتغذية السليمة والعادات الصحية، وكذا الاهتمام الشخصي العام .
المهاجرون الأجانب في السنوات، الأخيرة قاموا في دول أوربية كثيرة بسد جزء من العجز الحاصل في ميزان المواليد عبر الحصول علي جنسية البلد المستضيف، وكذا عائلاتهم وأبنائهم. وأصبحت في إيطاليا مثلا نسبة الطلبة في المدارس من أصول أجنبية تبلغ نحو نصف عدد الطلبة في كل إيطاليا.
ولكن الفوضي الحاصلة مؤخرا في الهجرة غير الشرعية بعد الحرب على سوريا، وزيادة الضغوط الإقتصادية في أفريقيا، وتنامي ظاهرة الهجرة بحرا، وما صاحبها من غرق الآلاف في السنوات الاخيرة عقدت الموقف تعقيدا يصعب فهمه، ومع استمرار التدفق اليومي لمراكب البحر وغرق بعضها ، وعجز الجميع عن إيقاف القتل غرقا.
لذا، المشكلة متشعبة ولابد من دراسة متأنية لكل عامل من عواملها والمساعدة في إيجاد حلول سريعة واستراتيجية مستقبلية تأخذ في الاعتبار كل العوامل وتعمل عليها الدول التي لها مصلحة في إنهاء المشكلة بصور جدية.
السؤال الذي أراه منطقيا ويفرض نفسه في ذهني هو: ما الذي يجبر الإنسان على الإقدام على رحلة الموت بحرا؟
أولا، الأخوة السوريون الذين قطعوا مئات الأميال انطلاقا من سوريا، ومرورا بتركيا أو لبنان، أو الأردن، ثم إلي مصر أملا في الوصول إلى بلاد أوروبا عن طريق إيطاليا، حيث لهم كل الحق بالتمتع بقوانين اللجوء المُلزِمة للدول الأوربية ، وفعلا حياتهم بعد اللجوء تتغير ويتمتعوا بحقوق هائلة من مسكن ورعاية وعمل وأموال ،
ولكن لماذا لايسمح لهم عوضا عن رحلة الموت المرعبة عبر طريق مراكب الموت أن يذهبوا لسفارات الدول الغربية الموجودة في أي بلد من البلاد التي مروا بها في رحلتهم، والحفاظ علي أرواحهم وأرواح أطفالهم التي تُبكّينا صورهم بعد غرقهم عند نشرها.
اعتقد أن قرار كهذا بالحصول على تأشيرة الدولة التي يرغب اللجوء إليها السوري من سفارة أي بلد يوجد فيها سينقذ أرواح الآلاف منهم
ثانيا، المهاجرون الاقتصاديون
ويصنفوا هكذا للفصل بينهم وبين طالبي اللجوء لظروف الحروب أو الاضهاد الديني او السياسي أو الإنساني .
ويأتوا من وسط وغرب وشرق أفريقيا عبر رحلات قاسية وطويلة ومكلفة للوصول إلى السواحل المصرية او الليبية، حيث تبدأ من جديد رحلة مراكب الهجرة.
مثلهم مثل الشباب المصري فوق سن الثامنة عشر
هؤلاء شباب منهم المتعلم أو ذو مهنة ولا يستطيع السفر لدول أوروبا لعدم توافر القنوات الشرعية للسفر وخاصة قانون فلوسّي العمل الإيطالي والموقوف التعامل به من أربع سنوات وكان يسمح بدخول ما يقرب من مائة ألف أجنبي سنويا بطريقة شرعية للعمل في الشركات والمصانع والمزارع الإيطالية بعقود مسبقة مع أصحاب العمل ، وكانت تسمح للآلاف من الشباب من كل العالم بالسفر بطريقة شرعية وآدمية وآمنة .
فمن الضروري فتح أبواب السفر الشرعي لدول أوربا وأن تكون هناك أعداد ونسب سنوية من كل بلد أوروبي لكل بلد مصدر للهجرة.
النوع الثالث من المهاجرين، هم الأطفال دون الثامنة عشر ( القصر )، والذي يسمح لهم القانون الإيطالي بالتمتع بالرعاية الكاملة ، حيث ينص القانون أن الاطفال القصر بدون أهل او المهاجرين غير الشرعيين ومن دون صحبة الأهل التمتع بالرعاية الشاملة من الدولة، من مأكل وملبس وتعليم ورعاية طبية، وتوفيق وضعة القانوني بالبلد بالحصول على إقامة حتى سن الثامنة عشر على أن يلتزم ببرنامج الرعاية، والإندماج من الدراسة أو تعلم مهنة، مع إمكانية تجديد الإقامة بصورة مستمرة طالما تتوافر الشروط بعد ذلك .
هذا هو العامل الأكبر والمهم والذي دفع باهالي هؤلاء القصر المصريين الذين بلغوا الخمسة آلاف طفل مصري تترواح أعمارهم بين العاشرة والثامنة عشر، وبعض الأعداد الصغيرة دون ذلك ، حتى كان هناك طفل يبلغ السادسة وكتبت عنه حينئذ.
سفر هؤلاء الأطفال في السنوات الأخيرة، بالأخص من بعض القري المصرية المعدودة ، جعل السباق على أشده بين الأسر لتسفير أولادها على أمل الحصول علي الإقامة والرعاية والتعليم إذا أمكن ، والكثير منهم يهرب من المراكز وينزل إلى سوق العمل ويكون مصدر دخل لأسرته تتمكن فية من إعادة بناء البيت ثم شراء الأرض. والبعض الأخر يترك المركز وينخرط في عالم الجريمة والدعارة.
تتمة في الجزء الثاني
لذا، المشكلة متشعبة ولابد من دراسة متأنية لكل عامل من عواملها والمساعدة في إيجاد حلول سريعة واستراتيجية مستقبلية تأخذ في الاعتبار كل العوامل وتعمل عليها الدول التي لها مصلحة في إنهاء المشكلة بصور جدية.
السؤال الذي أراه منطقيا ويفرض نفسه في ذهني هو: ما الذي يجبر الإنسان على الإقدام على رحلة الموت بحرا؟
أولا، الأخوة السوريون الذين قطعوا مئات الأميال انطلاقا من سوريا، ومرورا بتركيا أو لبنان، أو الأردن، ثم إلي مصر أملا في الوصول إلى بلاد أوروبا عن طريق إيطاليا، حيث لهم كل الحق بالتمتع بقوانين اللجوء المُلزِمة للدول الأوربية ، وفعلا حياتهم بعد اللجوء تتغير ويتمتعوا بحقوق هائلة من مسكن ورعاية وعمل وأموال ،
ولكن لماذا لايسمح لهم عوضا عن رحلة الموت المرعبة عبر طريق مراكب الموت أن يذهبوا لسفارات الدول الغربية الموجودة في أي بلد من البلاد التي مروا بها في رحلتهم، والحفاظ علي أرواحهم وأرواح أطفالهم التي تُبكّينا صورهم بعد غرقهم عند نشرها.
اعتقد أن قرار كهذا بالحصول على تأشيرة الدولة التي يرغب اللجوء إليها السوري من سفارة أي بلد يوجد فيها سينقذ أرواح الآلاف منهم
ثانيا، المهاجرون الاقتصاديون
ويصنفوا هكذا للفصل بينهم وبين طالبي اللجوء لظروف الحروب أو الاضهاد الديني او السياسي أو الإنساني .
ويأتوا من وسط وغرب وشرق أفريقيا عبر رحلات قاسية وطويلة ومكلفة للوصول إلى السواحل المصرية او الليبية، حيث تبدأ من جديد رحلة مراكب الهجرة.
مثلهم مثل الشباب المصري فوق سن الثامنة عشر
هؤلاء شباب منهم المتعلم أو ذو مهنة ولا يستطيع السفر لدول أوروبا لعدم توافر القنوات الشرعية للسفر وخاصة قانون فلوسّي العمل الإيطالي والموقوف التعامل به من أربع سنوات وكان يسمح بدخول ما يقرب من مائة ألف أجنبي سنويا بطريقة شرعية للعمل في الشركات والمصانع والمزارع الإيطالية بعقود مسبقة مع أصحاب العمل ، وكانت تسمح للآلاف من الشباب من كل العالم بالسفر بطريقة شرعية وآدمية وآمنة .
فمن الضروري فتح أبواب السفر الشرعي لدول أوربا وأن تكون هناك أعداد ونسب سنوية من كل بلد أوروبي لكل بلد مصدر للهجرة.
النوع الثالث من المهاجرين، هم الأطفال دون الثامنة عشر ( القصر )، والذي يسمح لهم القانون الإيطالي بالتمتع بالرعاية الكاملة ، حيث ينص القانون أن الاطفال القصر بدون أهل او المهاجرين غير الشرعيين ومن دون صحبة الأهل التمتع بالرعاية الشاملة من الدولة، من مأكل وملبس وتعليم ورعاية طبية، وتوفيق وضعة القانوني بالبلد بالحصول على إقامة حتى سن الثامنة عشر على أن يلتزم ببرنامج الرعاية، والإندماج من الدراسة أو تعلم مهنة، مع إمكانية تجديد الإقامة بصورة مستمرة طالما تتوافر الشروط بعد ذلك .
هذا هو العامل الأكبر والمهم والذي دفع باهالي هؤلاء القصر المصريين الذين بلغوا الخمسة آلاف طفل مصري تترواح أعمارهم بين العاشرة والثامنة عشر، وبعض الأعداد الصغيرة دون ذلك ، حتى كان هناك طفل يبلغ السادسة وكتبت عنه حينئذ.
سفر هؤلاء الأطفال في السنوات الأخيرة، بالأخص من بعض القري المصرية المعدودة ، جعل السباق على أشده بين الأسر لتسفير أولادها على أمل الحصول علي الإقامة والرعاية والتعليم إذا أمكن ، والكثير منهم يهرب من المراكز وينزل إلى سوق العمل ويكون مصدر دخل لأسرته تتمكن فية من إعادة بناء البيت ثم شراء الأرض. والبعض الأخر يترك المركز وينخرط في عالم الجريمة والدعارة.
تتمة في الجزء الثاني