من الأرشيف..الصورة من بلاد اليمن |
هل تتذكرون قصة الطفلة المصرية رشيدة، ذات الـ 15 عاما، التي وعد والداها بتزويجها من رجل يكبرها بعشرة أعوام. اجتمعت مساء يوم السبت الماضي الجالية المصرية في مسجد مكة، الواقع في "فيا بوتيتشيلّي" بطورينو، على بعد أمتار عن مركز الشرطة بـ"بارييرا دي ميلانو"، حيث سجل محضر الحادث، للحديث حول موضوع العائلات والزواج.
وقال أحمد دريوش، وهو رجل دين، جتى استدعاؤه من السعودية لتنوير الجالية المصرية والعربية حول مسألة الزواج: "إن الزواج الوحيد المقبول هو ذلك الذي يؤلفه الحب ويؤسسه، ليس ذلك الذي تتفق عليه العائلات بصرف النظر عن قبول الزوجين أحدهما للأخر، فالزوجان يجب أن يتمتعان بالحرية المطلقة في اختيار الزوج".
كما قال إبراهيم أمير يونس، مسئول عن المركز الثقافي مكة ورئيس الجالية المصرية في جهة "بييمونتي": "كان لقاء مرغوب فيه حتى من قبل القنصل المصري، الذي خلال هذه الأشهر تابع قضية الطفلة وعائلتها."
وواصل يونس بأن أميرة، والدة الطفلة الصغيرة التي لاتزال إلى الآن تحظى برعاية تامة من مصلحة تتابعها هيئات الخدمات الاجتماعية، لم تحضر إلى هذا اللقاء وأنه كان لديها أطفال أخرين يجب رعايتهم في البيت، لذا حكى لها كل ما جرى نقاشه وتفسيره وكذلك النصائح التي قدمها الضيف السعودي.
ووفقا لصحيفة "لاريبوبليكا"، حضيت والدة الطفلة باستقبال من القنصل المصري أحمد الطحلاوي، بتفويض مبعوث من القنصل العام لمصر بميلانو، أحمد شاهين. وفي هذا الشأن قال يونس: "رغب في لقائها للحديث عن القضية وسماع القصة كاملة على لسانها، حتى يتبين ما كتبته الصحف. قدم لها دعمه ووعدها بتعاون حتى تتمكن من اجتياز هذه اللحظة".
وانعقدت الجلسة الأولى مع نهاية أبريل في محكمة القاصرين، حضرتها أميرة، والدة الطفلة، مدعومة بالمحامي، "لوكا غولييلموتّو"، والذي طلب أن يتواجه مع الطفلة، وهو الموضوع الذي لم تجب عنه المحكمة إلى الآن.
من ناحية أخرى، لم تر الأم طفلتها رشيدة منذ أن استمعت الشرطة لأقوال الصغيرة في مكتب مدير مدرسة "المعهد السياحي" الذي تدرس فيه رشيدة.
كيف جرى كشف هذا الزواج؟
وفقا لما نقلته صحيفة لاريبوبليكا، في المدرسة، بهاتف صديقتها هاتفت رشيدة المصلحة المختصة للإبلاغ عن قصتها على الرقم 114: "بعد ثلاثة أيام سيكون زفافي مع رجل لا أعرفه، ولا أحبه، ولم أره إلا مرة واحدة. أمي قالت لي أنه إذا رفضت سترسلني إلى مصر عند حماتي المستقبلية"، قالت هذه العبارات الصادمة معبرة بكل حسرة عن إمكانية انقطاعها عن الدراسة. أما الشاب الذي تقدم لها، فهو بائع يبلغ من العمر 25عاما، أحد أقارب العائلة.
رقم صادم
يبدو اليوم أن العلاقة بين الأباء والأبناء تسير على شفا شفرة، في أزمة خانقة، قد يكون السبب فيها غياب الحوار والإرشاد. ففي جهة بييمونتي هناك على الأقل 60 طفل تم إيداعهم إلى الرعاية الاجتماعية بعد أن جرى إبعادهم عن عائلاتهم. هذا الرقم المرعب يدل على التخبط الذي تعيشه العائلات التي لازالت لم تتقبل أنها فارقت ثقافة سائدة لتحط الرحال في مجمتع غريب، ذو ثقافة مختلفة وقوانين لا تميز بين الفقير والغني.
واختتم أحمد دريوش قائلا: "يجب أن يجري الاستماع إلى الفتيان والفتيات، ويجب على الأباء أن يفهموا متطلباتهم. أما فيما يتعلق بالزواج، لا يجب إكراه أحد عليه، لأن الإسلام يقول يجب أن يبدي الخطيب والخطيب برأيهما كلاهما نحو الأخر حتى يكتمل القبول من الطرفين، وأن يسر بعضهما البعض، وألا يعقد قرانهما حتى يبلغا سن الرشد احتراما للقوانين الوضعية."