يعزو الباحث الفلسطيني نعيم الأشهب الإرهاب إلى عوامل اجتماعية ولدت وتطورت في أحشاء النظام الطبقي. ويؤكد في كتابه "عولمة الإرهاب وإرهاب العولمة" الصادر عن معهد إميل توما للدارسات الفلسطينية والإسرائيلية والمركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية، أنّ إرهاب الدولة يعد أكثر أشكال الإرهاب خطورة، "لما تمتلكه الأخيرة من قدرات وإمكانيات تستطيع توظيفها لدى ممارسته".
ويشتمل الكتاب، الذي جاء في 157 صفحة من القطع الصغير، على تسعة فصول، بدأت بعولمة الإرهاب وإرهاب العولمة، ولماذا اختير الشرق الأوسط بؤرة للإرهاب المعولم، والغطاء الأيديولوجي للإرهاب التكفيري، والتحالف الإسرائيلي مع النظام العربي بمباركة غربية، وداعش .. والقاعدة، مروراً بالدعم العسكري والروسي لسورية، واشنطن وأنظمة الخليج، السعودية والعدوان على اليمن، والعلاقة الجدلية بين أحداث المنطقة والتطورات العالمية.
ويذكر الباحث عصام مخول في مقدمة الكتاب تحت عنوان "ليس العصا.. إنما اليد التي تقبض عليها"، أنّ نعيم الاشهب في كتابه هذا يمسك بالثور من قرنيه، ويكشف العلاقة العضوية بين عولمة الإرهاب وإرهاب العولمة.. ويرصّع الغلاف الخلفي لكتابه بمقولة ابن رشد التي لم تكن في يوم أكثر صلة بالواقع مما هي عليه اليوم "التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل، وإذا أردت أن تتحكم في جاهل فعليك أن تغلف كل باطل بغلاف ديني".
ويرى الاشهب أنّ الإرهاب، كظاهرة، يتفاقم ويتراجع بمقدار تفاقم الظلم الاجتماعي أو تضاؤله. وقد تمظهر الإرهاب خلال تاريخه بأشكال ثلاثة: إرهاب فردي، إرهاب مجموعات أو عصابات، وإرهاب دولة.
وفي قراءة قدمها للكتاب الباحثُ زياد شليوط، نشرت في "القدس العربي" يقول إن المحلل الاسرائيلي تسفي بارئيل، يتفق في مقاله في "هآرتس" يوم الجمعة 2/9/2016 مع المحلل الفلسطيني نعيم الأشهب في النتيجة التي توصل إليها في كتابه، حيث يستنتج بارئيل أنّ تنظيم داعش يعود إلى بداياته تنظيماً مسلحاً في الساحة العراقية – السورية لا يمكنه حسم المعركة وبناء الدولة الإسلامية التي حلم بها ولم يعد له رصيد على الأرض، وذلك بعد الضربات الأخيرة التي وجهت لهذا التنظيم الإرهابي الهجين وتراجعاته الميدانية وخسارته لعدد من قياداته، وبالتالي دبت الخلافات بين من تبقى من قياداته التي تعمل على اغتنام ما يمكنها من المكاسب قبل الانهيار الأخير.
ويرى الأشهب أنّ داعش ليس إلا "دمية" أخرى من الدمى التي يصنعها الاستعمار الغربي خدمة لسياسته الاستعمارية في المشرق العربي.
ويعتقد شليوط أنّ أهم فصول الكتاب ذلك الذي جاء تحت عنوان "داعش .. والقاعدة"، حيث بيّن فيه الكاتب عوامل بروز داعش ونمو قوتها وبعد ذلك أفول نجمها وتقهقرها، حيث يرى أنّ داعش ما هي إلا إحدى "تفقيسات" القاعدة، لكنها خرجت عن طوعها لتتبع مموليها. وفي عام 2014 "طفا داعش على السطح، كالمنظمة الإرهابية الأقوى التي استقر رهان القوى المعنية عليه". ويشرح لنا الباحث الوقائع التي أدت إلى اكتساح العراق السريع من قبل داعش، بنظرة تحليلية واقعية مدعومة بالحقائق والمعلومات، حيث تم في حزيران 2014 الاستيلاء على أسلحة وعتاد الجيش العراقي في الموصل بشكل مريب ومستهجن، وأظهر الأشهب الدور الأمريكي الفعال في ذلك وفي مساعدة داعش بشكل سافر ومنع المساعدة عن الجيش العراقي. وتم الترويج للتنظيم الجديد ولجرائمه المقصودة لدب الرعب والخوف في نفوس الناس وهذا ما حدث، وشهدنا موجات الهروب من أمام داعش نظراً للصورة الوحشية التي ظهر فيها ومارسها. واستطاع داعش السيطرة على أراض شاسعة في العراق وامتد إلى سورية وسيطر على عشرات حقول النفط وحقول الحبوب، ما أوجد له مصدراً مالياً ضخماً عوّضه عن حاجته للدول المانعة وبات يتخذ قراراته مستقلاً.
ويؤكد الكتاب أنّ اختفاء داعش آجلاً أم عاجلا، لا يعني اختفاء الإرهاب، لأنّ الإرهاب مستمر طالما أنّ عوامل إيجاده متوفرة، لكن شكله يختلف وأدواته من مرحلة لأخرى، ولن يتم القضاء على الإرهاب إلا بإزالة عوامل وجوده وأهمها البطالة والفقر والأمية.
المصدر: ذوات نيوز