والدة العامل المصري عبد السلام صلاح الدنف وشقيقته- صورة لأصوات مصرية |
بكاء مستمر، وزوار يجيئون ويروحون، وحزن وفجيعة موت، تعم منزل عبد السلام صلاح الدنف بمسقط رأسة قرية ميت الكرماء بمحافظة الدقهلية والذي لقي حتفه في إيطاليا بعد 15 عاما من الغربة.
سافر الدنف (52 عاما) إلى إيطاليا ليبدأ حياة جديدة هناك أسوة بالعديد من أبناء قريته الذي يتوافدون على البلد الأوروبي لكنه لقي حتفه متأثرا بإصابته في حادث سيارة بالشركة التي يعمل بها.
قرية ميت الكرماء، والتي تقع على ضفة النيل، والتابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية، شمال شرقي القاهرة، تشتهر باسمين لهما دلالة على السفر والترحال. اسمها الأشهر وسط أبناء الدقهلية "ميت الغرقى"، وهو اسم أطلق عليها لكثرة المسافرين إلى إيطاليا عبر البحر، والذين غرق كثيرون منهم على مر السنين خلال محاولاتهم الوصول لأوروبا بشكل غير شرعي. ويطلق عليها تندرا "ميت إيطاليا" نظرا لأن كثيرا من شبابها سافروا إلى إيطاليا بشكل رسمي، فلم يعد أبناء القرية يلجأون للبحر منذ فترة طويلة على حد قول محمد السعيد عمدة القرية .
يقول السعيد إن ما يزيد عن 4 آلاف شاب ورجل من قرية ميت الكرماء، سافروا إلى إيطاليا، للعمل بها، وهم يسافرون جماعات وفرادى، ولا يسافر أحد عشوائيا، ولابد أن يكون له أقارب يستقبلونه في إيطاليا وإن لم يكن له أقارب فإنه يسافر لأحد أبناء القرية الذي سافر حديثا فجرى العرف أن يستقبله ويعطيه المال اللازم للحياة ويوفر له السكن إلى أن يجد عملا.
بداية الرحلة
حصل عبد السلام صلاح الدنف (دبلوم صنايع) على تأشيرة رسمية عام 2001 لدخول إيطاليا والعمل بها، مثله مثل بقية أقرانه من أبناء قريته الذين استقبلوه كما دأبوا على استقبال بعضهم البعض. وعمل بشركة "GL S" المتخصصة في نقل الطرود والسلع الغذائية عبر أوروبا. ومنذ ذلك الوقت لم يعد الدنف إلى مصر أبدا، استقدم زوجته وأبناءه إلى إيطاليا، ثم استقدم أخويه الاثنين، لتبقى في بيته شقيقته وأمه وزوجتا شقيقيه، ليكون المنزل صورة مصغرة للقرية، التي لا يتواجد بها سوى الشيوخ والعجائز والنساء، والقليل من الشباب. فمعظم شباب القرية ورجالها سافروا إلى إيطاليا.
يقول محي عبد الحميد السيد (65 عاما) "لأصوات مصرية" وأحد العاملين السابقين في الشركة التي كان يعمل بها الدنف، وهو الذي استقبله ويسر له فرصة العمل داخل تلك الشركة، إن عبد السلام كان محبوبا من جميع العاملين بالشركة، وكان معروفا بشهامته وكرمه وحسن معاملته للجميع من العاملين والمديرين، وكانوا يحبون الجلوس معه والتحدث إليه.
ويضيف السيد أن الدنف أبلغه خلال أجازة العيد أن الشركة فصلت 20 عاملا هو لم يكن من بينهم، وأنهم ينوون إقامة إعتصام أمام الشركة تضامنا مع زملائهم، وأنه سيشارك في الإعتصام. واستمر الإعتصام ثلاثة أيام أمام الشركة في مدينة تشاينزا، ومنع العمال سيارات الشحن من الخروج من الشركة، فقامت سيارة تريلا كبيرة محملة بالبضائع بدهسه أثناء محاولة خروجها من المصنع، حيث اعترض طريقها العمال.
الواحدة صباحا رابع أيام عيد الأضحى الماضي، يدق جرس الهاتف، هرولت الأم الستينية المريضة بالكبد نحو الهاتف، رقم إيطالي، تهلل وجهها ظنا منها أن المتصل هو ابنها الأكبر عبد السلام، والذي لم يهاتفها منذ أول يوم في العيد. وإذا بصوت زميل سوري لابنها يبلغها أن عبد السلام في المستشفى في حالة خطرة، وطلب منها أن تدعو له. سقطت الأم فتحية حامد (69 سنة) على الأرض من الصدمة.
ووسط الدمع وسحابات الحزن تنتظر الأسرة تحركا من الحكومة المصرية لاعادة جثمان ابنها، ومعاقبة الجناة.
وفي اشارة الى طالب الدكتوراه الايطالي جوليو ريجيني الذي قتل في مصر وتسبب في توتر العلاقات بين البلدين، قالت شقيقة عبد السلام "هل ريجيني أفضل من أخي، هل دم ريجيني أغلى من دم أخي، هل حكومة إيطاليا كان عندها الجراءة أكثر من الحكومة المصرية، نحن نناشد الرئيس السيسي أن يرحم أخانا من ثلاجة الموتى."
وأكد مسؤول في الخارجية المصرية أن القنصلية المصرية في ميلانو تعمل على نقل جثمان المصري عبد السلام السيد إلى مصر الأسبوع المقبل بعد انتهاء إجراءات السلطات الايطالية.
وأوضح المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريح لأصوات مصرية أن القضية لها مسار جنائي ومدني مما يتطلب إجراءات من قبل التحقيقات الإيطالية وهو ما يستغرق بعض الوقت.
وأشار المسؤول إلى أن القنصل المصري العام في ميلانو أحمد شاهين يتابع القضية على رأس وفد قنصلي باهتمام بالغ.
المصدر: أصوات مصرية