لم تكن صاحبة تلك الصورة الشهيرة المتداولة لبورقيبة وهو ينزع غطاء الرأس عن إحدى السيدات في تونس، والتي تداولتها وسائل الإعلام العربية والعالمية موثقة في الحقيقة لأول مرة يزيل فيها بورقيبة الحجاب عن تونسية، بل سبقتها واقعة أخرى لامرأة قرر أن يخلعه عنها في محافظة المنستير مسقط رأسه شرق تونس، وهي صلوحة بوزقرو محلة، والتي تجمعها علاقة قرابة بالرئيس التونسي الراحل.
هي على أبواب التسعين سنة، لكن ذاكرتها تأبى النسيان وتستحضر بكل دقة تفاصيل تلك الحادثة الشهيرة التي غيرت مجرى حياتها ومثلت لحظة فارقة في حياة نساء تونس، حتى اشتهرت بلقب "صاحبة السفساري"، وهو لحاف حريري تقليدي تغطي به المرأة التونسية كامل جسدها عند خروجها من المنزل.
في الثالث من شهر أغسطس من سنة 1957 أقدم الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أمام حشد شعبي كبير على خلع لحاف هذه السيدة وتعرية رأسها لتفجر تلك الحادثة جدلاً غير مسبوق لم يقتصر على تونس، بل امتد صداه لباقي الدول العربية، واتهم على إثرها بورقيبة من أصحابه قبل أعدائه بـ"محاربة الإسلام وكل مظاهر التدين في البلاد".
في الثالث من شهر أغسطس من سنة 1957 أقدم الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة أمام حشد شعبي كبير على خلع لحاف هذه السيدة وتعرية رأسها لتفجر تلك الحادثة جدلاً غير مسبوق لم يقتصر على تونس، بل امتد صداه لباقي الدول العربية، واتهم على إثرها بورقيبة من أصحابه قبل أعدائه بـ"محاربة الإسلام وكل مظاهر التدين في البلاد".
القصة
تقول صلوحة عن تلك الحادثة لـ"هافينغتون بوست عربي"، إنها كانت لحظات لا تنسى، "وما زلتُ أتذكرها كأنها حدثت معي الآن، كنت أستعد لمغادرة بيتي لأحضر احتفالات الذكرى الأولى لاستقلال تونس وإعلان الجمهورية التي حضرها بورقيبة ذات صيف ساخن في ساحة شاطئ القراعية -ساحة 3 أغسطس حالياً- بمحافظة المنستير مسقط رأس الزعيم".
صلوحة التي تزوجت بأحد القضاة التونسيين يدعى عبد القادر محله، واشتهر حينها باسم "قاضي الإسلام" تلقى تعليماً زيتونياً وكان أحد رفاق بورقيبة المخلصين واشتركا في النضال معه ضد المستعمر الفرنسي، تؤكد أن زوجها كان إلى جانبها يوم الواقعة الشهيرة، فبعد أن انتهى بورقيبة من إلقاء خطبته أمام حشد من التونسيين نزل من على المنصة وتوجه نحوها ونزع عن رأسها لحافها "السفساري" قائلاً "لن تحتاجيه فوق رأسك بعد اليوم".
صدمة وخجل
وحول شعورها في تلك اللحظة تقول بوزقرو "أحسست حينها بحالة من الصدمة الممزوجة بالخجل وكأني عارية بلا ثياب، وتمنيت لو أن الأرض انشقت وابتلعتني، كنت أفكر في ردة فعل عائلتي ولاسيما أمي التي أحبها كثيراً بعد وفاة والدي، وهي التي ربتنا أنا وأخوتي على الشدة والحزم".
وتواصل السيدة صلوحة في استحضار تفاصيل تلك اللحظات الفارقة في حياتها بكل تأثر: "كان زوجي إلى جانب بورقيبة حينها ولما أزاح عني الزعيم غطاء الرأس هممت بإعادته لكني فوجئت بزوجي يفكه مني ويرميه بعيداً".
وتواصل السيدة صلوحة في استحضار تفاصيل تلك اللحظات الفارقة في حياتها بكل تأثر: "كان زوجي إلى جانب بورقيبة حينها ولما أزاح عني الزعيم غطاء الرأس هممت بإعادته لكني فوجئت بزوجي يفكه مني ويرميه بعيداً".
الراديو كشف المستور
حادثة خلع "السفساري" لم تمر بسلام حينها، حيث ظلت صلوحة بعدها تلبسه فقط قبل دخولها لبيت والدتها حفصية بوزقرو خوفاً من ردة فعلها، لكنها ذات يوم، كما تقول، دخلت متلحفة به لتفاجئ بوالدتها التي أخبرتها بعلمها بسفورها وبأنها سمعت بورقيبة يتحدث عبر الراديو موجها خطابه للنساء قائلاً "هذه زوجة قاضي الإسلام نزعت عنها السفساري وخرجت سافرة، فلا عذر لكم بعد اليوم".
أكثر من 5 عقود على تلك الحادثة الشهيرة التي مثلت منعرجاً في تاريخ المرأة التونسية ولا تزال السيدة صلوحة تستحضر تفاصيلها وترويها لأولادها العشرة، 7 ذكور و2 إناث.
وتختم روايتها للقصة بالقول إنه "لو عاد بي الزمن للوراء لقمت بنفس التصرف، لست نادمة على الإطلاق ويشرفني أن أكون أول امراة فتحت الباب على مصراعيه لنساء تونس ليتحررن".
وتختم روايتها للقصة بالقول إنه "لو عاد بي الزمن للوراء لقمت بنفس التصرف، لست نادمة على الإطلاق ويشرفني أن أكون أول امراة فتحت الباب على مصراعيه لنساء تونس ليتحررن".
يشار أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قام السبت 13 أغسطس/آب 2016 بتكريم السيدة صليحة بوزقرو وثلة من النساء التونسيات بمناسبة احتفال تونس بعيد المرأة.