هل تكون توصلت إلى اتفاق مع مصر حول ليبيا على حساب دجوليو ريدجيني - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

هل تكون توصلت إلى اتفاق مع مصر حول ليبيا على حساب دجوليو ريدجيني


يبدو أن التوتر الذى شاب العلاقات المصرية الإيطالية، خلال الآونة الأخيرة، على 
خلفية، مقتل الشاب دجوليو ريدجني، في القاهرة فبراير الماضي، قد بدا في الانحسار، في ظل الزيارات المتكررة لوفود شعبية مصرية، فضلاً على تداخل الأزمة الليبية، التى دفعت روما لعدم التصعيد، وفق صحف إيطالية. وتوترت العلاقات بشكل حاد بين مصر وإيطاليا، على خلفية مقتل ريدجيني (28عامًا)، الذى كان موجوداً في القاهرة منذ سبتمبر 2015، لتحضير أطروحة "دكتوراه" حول النقابات العمالية، واختفى فى 25 يناير الماضي، قبل العثور على جثمانه مُلقى بجانب طريق مصر الإسكندرية الصحراوي في 3 فبراير الماضي. إلى ذلك، عزت صحيفة "سيشيليان فورماتسيوني" الإيطالية، تراجع موقف إيطاليا اتجاه مصر على خلفية مقتل الشاب الإيطالي دجوليو ريدجيني بسبب الأزمة الليبية، مشيرة إلى أن القلق على الأمن القومي الذى يتعلق بتعاون مصر في الملف الليبي كان دافعًا لهذا التراجع، لذلك تسعى إيطاليا للإبقاء على القاهرة داخل الشأن الليبي حرصًا على مصلحتها القومية.

وقالت الصحيفة، إن إيطاليا تنشغل بـ3 مصالح قومية أساسية في ليبيا، أولها أنها ترى الاستقرار في ليبيا ضروريًا للحد من تدفق اللاجئين والمهاجرين إلى جنوبي البلد الأوروبي، والمصلحة الثانية تتمثل في محو التهديدات التي يفرضها تنظيم داعش في ليبيا، جارتها الجنوبية، أما الثالثة والأخيرة فهي حماية أصول النفط والغاز الطبيعى المملوكة لشركات الطاقة الليبية. 

وأوضحت، أن وزير خارجية إيطاليا باولو دجنتيلوني أكد عندما كان في تونس دعم إيطاليا لحكومة فائز سراج، مشيرة إلى أن هناك توافقًا في الرؤى بين القاهرة وروما حول دعم حكومة الوفاق الوطني، حيث أكد الوزير الإيطالي أن "مصر لديها دور مهم فى التحول الليبي". كامل عبدالله، الباحث المتخصص في الشأن الليبي، بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام"، أوضح أن استقرار ليبيا يحتل أهمية بالغة بالنسبة لإيطاليا، لافتًا إلى أن هذا يعود لأسباب أهمها أن 60% من واردات إيطاليا من النفط تأتيها من ليبيا، لذلك كان دحر الجماعات المسلحة وإبعادها عن صنابير النفط المتدفق لإيطاليا مسألة أمن قومي بالنسبة لروما. 

وقال لـ"المصريون"، إن هناك أسباب أخرى تجعل استقرار ليبيا مهمًا لإيطاليا، منها الحد من تدفق المهاجرين والقضاء على خطر "داعش"، مضيفاً أن الدول الغربية والولايات المتحدة تعي هذه الأمور جيداً، وهذا ما يجعلها تدفع بالدور الإيطالي في صدارة المشاركين في المساعي الرامية لحلحلة الأزمة الليبية. وألمح الباحث في الشأن الليبي، إلى أن هدوء الأوضاع فى ليبيا ودعم حكومة الوفاق مهم لمصر أيضاً، موضحاً أن العلاقات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية بين مصر وليبيا عميقة وممتدة، ولا يجوز القفز عليها، مبيناً أن مصر تضررت كثيراً بعدم الاستقرار في ليبيا. وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي، استدل عبدالله بحجم العمالة المصرية التي كانت تفد إلى ليبيا، ومدى مساهمة ذلك فى تخفيف الضغط على الحكومة المصرية، عن طريق توفير فرص عمل لملايين الشباب المصري. 

ودعا عبدالله، النظام المصري إلى تبني دورا أكثر مرونة في ليبيا، وعدم مناصرة طرف على حساب آخر، مؤكداً أن محاولة استنساخ التجربة المصرية فى ليبيا أمر خاطئ. وفي 8 أبريل الماضي، أعلنت إيطاليا استدعاء سفيرها فى مصر؛ للتشاور معه بشأن القضية، التي شهدت اتهامات من وسائل إعلام إيطالية للأمن المصري بالتورط في قتله وتعذيبه، بينما تنفي السلطات المصرية صحة هذه الاتهامات. فما رأى الدكتور عمار على حسن، الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بـ "الأهرام"، أن التراجع الإيطالي عن موقفها ضد مصر، مرتبط أكثر بالمصالح الاقتصادية، مؤكدًا أن اكتشافات الغاز في البحر الأبيض المتوسط خلال الفترة الأخيرة والمسندة لشركة إيني الإيطالية، له دور كبير في التراجع الإيطالي. 

وأضاف أن جزءًا من سياسة الرئيس السيسي هو شراء الدعم الغربي عبر إجراء صفقات اقتصادية وعسكرية، مضيفًا أن ذلك حدث مع شركة "سينمس" الألمانية، مما أثر على العلاقات المصرية الألمانية بعد أن واجهت الأولى انتقادات كبيرة في البرلمان الألماني ووسائل الإعلام بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، والأمر ذاته مع الفرنسيين وإجراء صفقات عسكرية معهم، أيضًا مع روسيا، وعلى هذا الأساس فإن إيطاليا ليست مستثناة من ذلك. وأكد حسن، أن جزءًا من الأزمة الإيطالية مع مصر، مفتاحه ليبيا، لاسيما وأن روما والقاهرة لهما كيانات على الأرض الليبية، موضحًا أن الصراع الليبي يحظى باهتمام خاص لدى مصر وإيطاليا لاعتبارات أمنية.

وفي السياق ذاته كشف مسئول رفيع المستوى فى الحكومة الإيطالية رفض الكشف عن اسمه إن بلاده تشعر بالقلق إزاء دعم مصر لـ "خليفة حفتر"، القائد العام لقوات الجيش الليبي التابع لحكومة طبرق، والمناوئ للإسلاميين، زاعمًا أن القاهرة تمد طبرق بالمساعدات العسكرية، ما يتسبب في تعثر عملية السلام الليبية، بحسب الغارديان البريطانية. في تقرير أعدته الصحيفة البريطانية ذائعة الصيت، بعنوان "الواقعية السياسية تعوق ملاحقة قاتل ريدجيني"، أكدت، أن ملاحقة إيطاليا مصر بسبب قضية مقتل الشاب الإيطالي في القاهرة، بدأ يتراجع بسبب عدة عراقيل نتيجة القلق على الأمن القومى والذي يتعلق بتعاون مصر في الملف الليبي.

من جانبه اختلف الدكتور عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ العلاقات الدولية، رؤية البعض لوجود تراجع إيطاليا في قضية "ريدجيني"، مستبعدًا تخلى إيطاليا عن موقفها في القضية، مؤكداً أن القول بوجود مقايضة أمر خاطئ ولا يتفق مع المبادئ الأوربية التى تعلى من شأن وقيمة مواطنيها. وأوضح الأشعل، أن ماتقوم به إيطاليا الآن هو ترتيب للأولويات، عن طريق الاهتمام بمسألة الأمن القومي وتصدرها للواجهة، ثم العودة مرة أخرى لقضية ريدجيني بنفس القوة والتمسك بنفس المطالب. وقال إن كل ماتريده إيطاليا هو معرفة من قتل ريدجيني، هل الداخلية؟، هل جماعة معينة؟ هل شخص آخر؟، موضحاً:"يعني هي بتقول للنظام فى مصر قول الحقيقة، وهل أنت عارف اللي قتلوا واللا مش عارف؟، ولو أنت عارف يبقى أنت مسئول".

 وعرّج الأشعل لتصريحات وزير الخارجية سامح شكري على هامش زيارته الأمم المتحدة بأن قتل ريدجيني حادث فردي، بأن هذا أمر لا يعنيه، هذا أمر يخص إيطاليا، متسائلاً ما الذى يقصده وزير الخارجية بحادث فردي هل يريد مقتلة جماعية لإيطاليين في مصر كي تهتم إيطاليا؟.   وتابع أن الإنسان الإيطالى والأوربي غال على بلده، وليس كالمصريين الذين تعتبرهم السلطات بلا ثمن، مبديًا اندهاشه من الدولة التي يفتقد وزير خارجيتها أبسط معايير القوانين الدولية. 

 وكان سامح شكري وزير الخارجية قال فى تصريحات صحفية أثناء زيارته للأمم المتحدة بالتزامن مع تقلد مصر رئاسة مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة 13 مايو الجاري، إن مقتل الباحث دجوليو ريدجيني حادث بشع، لكنه حادث فردي يحدث بين الحين والآخر كما يحدث للمصريين في إيطاليا، ونأسف على تلك الحوادث، ونتعامل معها بكل اهتمام وجدية، لكن يجب ألا تتأثر علاقة الشعوب والدول بمثل تلك الحوادث الفردية، ويجب أن يضع الإعلام تلك الأحداث فى حجمها المناسب.