دراجة "ڤيسبا" الإيطالية تتحدى الأنواع الأخرى للبقاء منذ السبعينات - الإيطالية نيوز

دراجة "ڤيسبا" الإيطالية تتحدى الأنواع الأخرى للبقاء منذ السبعينات

دراجة الفيسبا تعتبر رمزا من رموز إيطاليا مثل البيتزا والمعكرونة ومبنى الكوليسيو الأثري، بيع منها ثمانية عشر مليون وحدة في مختلف أنحاء العالم.

أمام فخامة الدراجات الحديثة والموديلات المتعددة التي تجوب طرقات العالم، مازالت الفيسبا الإيطالية تحتفظ بمكانتها لدى العديد من عشاق ركوب الدراجة النارية، لطرافة تصميمها وتاريخها الذي ارتبط بشعور الشباب بالحرية والانطلاق، وقد تواصلت جاذبيتها للمولعين باستعمالها طيلة النصف الثاني من القرن الماضي.


روما - يوجد شيء في منحنياتها المستديرة، وخاصة في خاصرتها الأشبه بخاصرة الدبور وتصميمها الذي لا تخطئه عين، شيء يجعل شكل الفيسبا الإيطالية يستدعي أجواء فترة ما بعد الحرب.

في فترة الخمسينات حين كانت الفتيات يرتدين التنانير الواسعة أو السراويل الضيقة والقصيرة من أسفل، وتصدح بالغناء من المذياع أصوات إلفيس بريسلي وبيل هالي، وحين يشيع في كل مكان شعور غامر بالحرية والانطلاق.

في أبريل، أكملت الدراجة النارية الإيطالية فيسبا عامها السبعين، بهذه المناسبة قال المتحدث باسم مجموعة بياجيو، دافيدي زانوليني، التي خرجت من ورشها الدراجة النارية الأسطورة “نحن نقول إنها سبعينية، ولكنها لا تزال محتفظة بشبابها، ولا تزال أمامها عقود من التطور الثوري. ومنذ أن أنتجت الفيسبا في توسكانا عام 1946، أصبحت رمزا من رموز إيطاليا مثل البيتزا والمعكرونة ومبنى الكوليسيو الأثري.

ولم يقتصر نجاح الفيسبا على الصعيد المحلي، بل جابت الآفاق حيث بيع منها ثمانية عشر مليون وحدة من 150 طرازا، كما أن عشاقها ليسوا فقط من الجيل الذي عاش تلك الفترة، بل امتدّ هذا العشق إلى أبنائهم وأحفادهم،إلى درجة أنه أحيانا تصبح الفيسبا إرثا تتناقله الأجيال، كما أنها تصبح في الكثير من الأحيان جزأ من مجموعة قيمة لدى هواة جمع المقتنيات”، بحسب تأكيد زانوليني.

تجدر الإشارة إلى أن قصة الفيسبا، بدأت حينما قررت ورش بياجيو لتصنيع الطائرات البحث عن مشروع يمكنها من استعادة نشاطها بعد الكساد الذي حل بعد الحرب العالمية الثانية. طرأت الفكرة على مدير الورشة أنريكو بياجيو حينما أدرك مدى حاجة غالبية السكان إلى وسيلة نقل، أخذا في الاعتبار حالتهم المادية التي لا تمكنهم من شراء سيارة، ففكر في الفيسبا كوسيلة مواصلات تقل شخصين.

أنتجت بياجيو في البداية نموذج “أم. بي. 5” الأولى، ونظرا لغرابة تصميمها أطلق عليها “بابرينو” أو “دونالد دك” (بطوط). ويقول زانوليني “ربما لا يعلم الكثيرون أن الفيسبا لها أب”، مشيرا إلى أن هذا التصميم لم يرق لأنريكو، فقرر الاستعانة بمهندس الطيران والمخترع كورادينو داسكانيو ليجرب تطوير الدراجة البخارية.

لم يكن داسكانيو من محبي الدراجات النارية، حيث كان يعتبرها غير مريحة، وضخمة، وذات إطارات صعبة التغيير، وزنجير يلوث ذيل البنطال بالشحم، لهذا عمل على تصميم دراجة نارية ذات محرك سعة 125 سي سي، وهيكل متماسك قادر على الوقوف وحده، وحينما وضع المحرك في الجزء الخلفي، حل مشكلة الزنجير، وبالتالي زاد من مساحة الجلوس الأمامية، وأصبح من السهل ركوبها، وتحميل أشياء لتنقل على متنها.

بحسب ما حكاه بياجيو “هذا الهيكل يذكرني بالدبور، فيسبا بالإيطالية، بسبب مؤخرتها المدببة ومقدمتها الانسيابية النحيلة التي تنتهي بمقود أشبه بجناحين والمصباح في منتصفه، وهكذا تم تعميد الدراجة البخارية الأسطورية بهذا الاسم في الثالث والعشرين من أبريل عام 1946”.

بعد ذلك بسنوات قليلة، طاف جريجوري بيك وأودري هيبورن المدينة الخالدة، على متن الفيسبا، في فيلمهما “إجازة في روما”، وبالرغم من أن الفيلم تم تصويره في أميركا اللاتينية إلا أن الأجواء التي نقلت على الشاشة تجسد روما عام 1953، ولا تزال تظهر في كثير من البوسترات والروزنامات الإيطالية، حيث يظهر جريجوري بيك بأناقته ووسامته المعهودة، يقود الفيسبا الإيطالية بينما تطوّق خاصرته النجمة الخالدة، أودري هيبورن وقد علت وجهها ابتسامة لا مثيل لها، بينما يظهر في خلفية المشهد مبنى الكوليسيو.

وظهرت الفيسبا الإيطالية بعد ذلك في العديد من الأفلام مثل البريطاني “كوادرفينيا”، و”أميركان غرافيتي”، وتحفة أنتوني مينجيلا “السيد ريبلي الموهوب”، بطولة جوينيث بالترو، مات ديمون وجود لو، كما صور العديد من كبار النجوم مشاهد مهمة في أعمالهم على الفيسبا، ومن هؤلاء، جوان كولينز، وجين مانسفيلد، ونيكول كيدمان.

كما حققت الفيسبا أرقاما قياسية، ففي عام 1952، صمم الفرنسي جورج مونريه نموذجا برمائيا من أجل سباق باريسء لندن، عبر بها قنال المانش. كما صممت نماذج بلغت سرعة بعضها 170 كلم/ساعة، خاض على متنها مغامرون تجارب مثيرة في الصحراء الأفريقية، أو اجتازوا بها المسافة من القارة الأوروبية إلى غرينلاند. وهناك من قطعوا على متنها مساحات شاسعة من آسيا عبر الهند وفيتنام، من هؤلاء الأسترالي جيوف دين الذي جاب العالم على متن فيسبا.

وبمناسبة الاحتفال بالعقد السابع لميلاد الفيسبا، شارك المئات من عشاقها من جميع أنحاء العالم في الفعاليات التي أقيمت بنادي الفيسبا ببلدة بونتيديرا الإيطالية، والذي تأسس بعد قليل من ظهور النماذج الأولى للدراجة البخارية، وشملت تنظيم رحلات جماعية بالفيسبا إلى مدن مجاورة مثل بيزا أو مرتفعات فالديرا، وافتتاح معرض عن تطور الأسطورة الإيطالية.

وعلق زانوليني قائلا بفخر “هناك الكثير من الأسباب التي تجعلنا نحتفل بعد التراجع الذي شهدته المبيعات في السنوات الأخيرة، ولكننا استطعنا تعويضه عام 2015 محققين إنتاجا بلغ 170 ألف وحدة في مصانعنا بالهند وفيتنام. ويمكننا القول إن الفيسبا تعيش أفضل الأوقات في تاريخها”.