طورينو ـ يوجد في إيطاليا بكامل ترابها الوطني رابع أكبر نسبة سكان مسلمين في أوروباإلا أنها تعاني من قلة المساجد اللائقة بأداء الشعائر الدينية، حيث هناك 8 مساجد فقط من التي يمكن اعتبارها كيانات مستقلة، أي مكان مخصص للصلاة فقط، به بعض العناصر المعمارية المتعارَف عليها، مثل القبة والمئذنة.
بالمقارنة، فرنسا التي بها سكان مسلمون أكبر من إيطاليا من ثلاث لأربع مرات، بها 2200 ألف مسجد، بينما المملكة المتحدة التي بها مسلمون ضعف الذين يعيشون في إيطاليا تقريبا، بها 1500 مسجد.
بجانب تلك المساجد، وفقا ل"ماريا بومبارديري"، باحثة علوم اجتماعية بجامعة بادوفا ومؤلفة كتاب “مساجد إيطاليا”، هناك حوالي 800 مركز ثقافي ومصلى، والتي تعد غرف صلاة غير رسمية، عادة ما تقع في الجراجات، الأقبية، المستودعات، وهي بمثابة أماكن للعبادة ومكان للقاء الثقافي والتعليمي.
هذه القلة في وجود المساجد سببها عدة عوامل، أولاً، أن الإسلام لا يعد ديانة رسمية في إيطاليا (مثل كنائس الرومان الكاثوليك)، واعتراف الدولة يكلفها حماية أماكن العبادة، دخول المدارس المفتوحة، مراعاة الأعياد الدينية، ووصول تمويل عام من خلال التبرعات والضرائب.
حتى إذا كانت هناك طريقة أسهل للحصول على تمويل عام للمساجد، يصعب الحصول على الإذن لفتح مساجد من السلطات، ويتم الاعتراض على البناء عادةً من المجتمعات المحلية. قالت بومبارديني: تميل مجتمعات المسلمين لتجنب عوامل البناء المميزة مثل المآذن والقبب، حتى لا تسبب توترا مع المجتمعات المحلية.
تعد إيطاليا حالة متفردة مقارنة بباقي البلاد الأوروبية من حيث تعددية مجتمعها الإسلامي الذي يتألف من مهاجرين حديثين نسبيا من العديد من البلدان، ليس لأي منها أغلبية ساحقة، مما يصعب على مجموعة وطنية، أو عابرة للحدود الوطنية، مثل الإخوان المسلمين، أن يهيمنوا ويمارسوا تأثيرهم المتطرف. ومع ذلك، وضع المجتمع الإسلامي في مكانة تعتمد على التمويل الأجنبي لبناء المساجد (السعودية مولت مسجد روما، وتعد قطر ممولا كبيرا للمؤسسات الإسلامية في الدولة).
تقليديا، الأغلبية الساحقة للإيطاليين من الكاثوليك، بجانب 4 ملايين شخص يعرفون كغير دينيين، غير المسيحيين في إيطاليا حوالي 1% فقط. غير أنه في العقدين الماضيين، كان المهاجرين ينتقلون بعيدا عن الثقافة الإيطالية المتكتلة.
وفقاً للبيانات من وزارة الشؤون الخارجية، لم يكن لدى إيطاليا هجرة لتتحدث عنها حتى أواخر الثمانينيات. عام 1981، قبل أن أن تقدم إيطاليا برنامج هجرة منظما (كان لدى الدولة سياسة “الحدود المفتوحة” حتى هذا الوقت)، فقط 321 ألف مهاجرا أو حوالي 0.5% من السكان كانوا مسجلين في إيطاليا. بعد 10 أعوام، ارتفع الرقم لـ625 ألفا أو 1.1% من السكان.
منذ ذلك الوقت، تسارعت الأمور بشكل كبير: فمن يناير 2016 هناك أكثر من 5 ملايين أجنبي يعيشون في إيطاليا، حوالي 8.4%.
واحد من 3 مهاجرين بإيطاليا مسلم، وهو ما نسبته 2.6% من السكان، والتي من المقدر لها أن تصبح الضعف بحلول 2030.
قال عبد الرحمن مصطفى، إمام مسجد باليرمو، الذي يخدم مجتمع من 8500 مقيم وما يقدر بـ8 آلاف عضو مؤقت، إن مجتمعه مكون من أشخاص بالأساس من 34 دولة.
جامع بالميرو، والذي افتتح عام 1989، يعد الأقدم في إيطاليا، وخدم مصطفى كإمام به منذ عام 2009. وخلال فترته، عمل على فتح نشاطات ثقافية وتعليمية للمسلمين وللمجتمع الأكبر أيضا، جعل المدارس المحلية تزور المسجد، ليتمكن من تعليمهم الإسلام. في صقلية، والتي حكمها العرب في الفترة بين 827 و1072، الإسلام مرتبط للغاية بالتراث الإيطالي. قال مصطفى “لا تزال هناك جزر إسلامية في أسماء العائلات، حيث إنه يرى بشكل متزايد إيطاليين فخورين وسعداء لامتلاكهم مثل تلك الجذور”.
يقول إنه يمكن للأمور أن تصبح غير مريحة مع ذلك، بالأخص في أعقاب الهجمات الإرهابية في أوروبا. لا يذهب الناس إلى الجامع أو يرتدون أي علامات تظهر توجهاتهم الدينية مثل الحجاب، لتجنب نبذهم من المجتمع. وفقا لاستقصاء لمركز بيو للأبحاث عام 2015، يحمل 61% من الإيطاليين آراء سيئة تجاه المسلمين في بلدهم.
قال مصطفى: “لا يزال هناك الكثير من الجهل”، على الرغم من إصراره على أن الطريق الوحيد للتقدم هو الدمج، فهو عازم على محاربة العزلة وعزلة الذات عبر الثقافة. هناك مركز ثقافي تحت الإنشاء سيفتتح في وقت لاحق من هذا العام، يريده أن يكون مكانا لكل الأديان.
يقول: “الإسلام هو طريقة للعيش مع الآخرين، ليس للانقسام. نحن كإيطاليين علينا التقارب من الآخرين”.