تعرض بعض المواطنين الجزائريين سافروا يوم 22 مارس المنصرم على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية من الجزائر العاصمة إلى روما، إلى معاملات وصفوها بـ”اللاإنسانية”، خاصة وأنهم أجبروا على قضاء الليل بممر بمطار روما ولم يسمح لهم بالعبور إلى فرنسا، بل تمت إعادتهم في اليوم التالي إلى الجزائر رغم حيازتهم على تأشيرة “شنغن”.
“لن أنسى ما حييت الذلّ والاحتقار الذي عانيت منه أنا وأختي بعد رحلة العذاب التي اخترناها عبر المرور بروما الإيطالية قاصدين باريس، حيث عوملنا معاملة الحيوانات وتعرضنا للإهانة والمبيت بممر بارد وسط درجة حرارة تقل عن أربع درجات عن الصفر رفقة جزائريين عانوا من نفس المعاملة، في الوقت الذي تم وضع من كانوا في مثل وضعيتنا من أجانب بفنادق مجاورة للمطار”.
هي شهادة شقيقتين كانتا من بين الذين اختاروا رحلة الساعة 12:15 من يوم الثلاثاء 22 مارس الفارط للتوجه إلى روما على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية الإيطالية “أليطاليا”، ومن ثمّ إلى باريس للالتحاق بوالدتهما التي كانت رفقة الوالد الذي كان بصدد الالتحاق بأحد مستشفيات باريس للخضوع لعملية جراحية، ولأن الأمر مستعجلا، اختارت الفتاتين طلب تأشيرة “شنغن” لدى السفارة الإيطالية التي تضمن تسليم “الفيزا “في ظرف زمني قصير، لتتم الرحلة في ظروف عادية من الجزائر العاصمة إلى روما، حيث تحصلتا رفقة عدد من المسافرين الذين كانوا قاصدين روما ثم التوجه إلى باريس، على بطاقتين للدخول، الأولى خاصة بدخول مطار روما، والثانية للعبور بعدها نحو مطار باريس، ليتم تسجيل الأمتعة على أن يتم استلامها مباشرة بمطار روما، وعند الوصول إلى مطار روما، توجّه الجزائريون الذين كانوا معنيين بالعبور إلى دول أخرى إلى منطقة العبور رفقة مسافرين من جنسيات أخرى، على غرار الكوريين، اليابانيين، الأتراك والروس، وبمنطقة العبور بدأت المشاكل.
قنصل الجزائر بإيطاليا يتدخل.. لكن دون جدوى
خضع الجزائريون بمنطقة العبور، من بينهم الشقيقتين، لاستفسارات عن سبب مرورهم عبر إيطاليا، وبعد الشروحات التي قدمت لأعوان المطار، تم سحب جوازات السفر من الجزائريين وكذا بطاقات المرور التي كان من المفروض أن يتجهوا بها إلى وجهاتهم، دون أن تقدّم لهم أية تفسيرات، ومع نفاذ وقت التحاقهم برحلاتهم، حاولوا التواصل مع الأعوان الذين سحبوا منهم جوازات سفرهم، والذين أكدوا لهم في البداية أنه يتوجب عليهم المكوث بإيطاليا ثلاثة أيام ثم الانتقال إلى وجهاتهم، ولما طالبوهم بجوازات سفرهم ليتمكنوا من التوجه إلى فنادق بجوار المطار، خاصة وأن الوقت كان ليلا، رفضوا تسليمهم الجوازات وتراجعوا عن فكرة مكوثهم بالأراضي الإيطالية، مؤكدين لهم أنه سيتم إرجاعهم في اليوم الموالي إلى الجزائر، رغم أنهم تأكدوا حيازتهم للمال الذي يكفيهم لإقامة طويلة بأوروبا، ليتم تركهم بممر خاص بالعبور ووسط برد قارس دون أن يمكّنوهم من استرجاع أمتعتهم ودون السماح لهم حتى بالتحرك داخل المطار، في الوقت الذي تم نقل المسافرين الأجانب الذين كانوا في نفس وضعيتهم إلى الفنادق المجاورة لقضاء الليلة هناك. عندها تواصل المسافرون الجزائريون مع أهاليهم الذين اتصلوا بدورهم بالسفارة الجزائرية بروما والتي أوفدت القنصل الجزائري إلى مطار روما صبيحة اليوم الموالي، والذي استفسر عن وضع الجزائريين وطلب شروحات عن الوضع واعدا إياهم بأنه سيعمل على حل الإشكال، وبأنه حتى وإن أعيدوا إلى الجزائر العاصمة، فسيعمل على أن تسوى الوضعية. علما أنه ليس من حق السلطات الإيطالية التصرف بهذه الطريقة وحجز مسافرين حائزين على تأشيرة “شنغن” كونها من بين الـ 26 دولة أوروبية التي وقّعت على تأشيرة “شنغن” التي تسمح بإلغاء عمليات المراقبة على الحدود بين البلدان المشاركة وحوّلت المنطقة إلى دولة واحدة لأغراض السفر الدولي، ليتساءل ممثلون عن الجزائريين الذين كانوا ضحايا تلك الرحلة والذين زاروا مقر “الخبر” لطرح شكواهم، لماذا عومل المسافرون الجزائريون بهذه الطريقة وهم حائزين على هذه التأشيرة ، في حين تمت معاملة الآخرين بطرق محترمة؟
ترحيل نحو الجزائر مع تشطيب على التأشيرات بعبارة “ملغاة “.
ولم تكتف السلطات الإيطالية بترحيل الجزائريين نحو الجزائر العاصمة في ظروف مخزية، حيث تم نقلهم صبيحة اليوم الموالي إلى طائرة الخطوط الجوية الإيطالية، ليطلب منهم الجلوس في مؤخرتها دون أن تسلّم لهم أية وثيقة، لا جواز سفر ولا بطاقة رجوع ولا هم يحزنون، ليتفاجأوا بعد وصولهم إلى مطار هواري بومدين وتسلّمهم جوازات سفرهم بالتشطيب على التأشيرة التي كتبت عليها عبارة ملغاة، وهو ما سيمثّل مشكلا لهم عند محاولة السفر ثانية للمنطقة الأوروبية، خاصة من لهم مصالح هناك، مع الإشارة إلى ضياع أمتعتهم التي لم يتلقوا عنها أي جديد، مع عدم وجود طرف يتحاورون معه حول المشكلة.