1- إخلاص النية لله عز وجل في هذا الأمر، وأن ينوي بفعله حفظ نفسه وأهله عن وليعلم أنه مأجور على عمله هذا وإن كان يجد فيه من اللذة والسرور العاجل ما يجد ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( وفي بضع أحدكم صدقة) ـ أي في جماعه لأهله ـ فقالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال عليه الصلاة والسلام: ( أرأيتم لو وضعها في الحرام ، أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) رواه مسلم 720. وهذا من فضل الله العظيم على هذه الأمة المباركة، فالحمد لله الذي جعلنا منها . فالنية هي أساس الأمر ولبه، فبصلاحها يتحول العمل من عادة إلى عبادة، فاتفقا على أن يعقدا قلبيهما على نية صالحة في زواجهما؛ بأن ينطلقا في حياتهما الزوجية من المنطلقات التالية: الاستجابة لأمر النبي صلى الله عليه وسل م لشباب أمته بالمبادرة إلى الزواج في مثل قوله (يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج..) وكذلك احتساب إحصان الفرج وغض البصر وإعفاف النفس، احتساب أجر إقامة البيت المسلم وفق منهج الله واحتساب إنجاب الذرية الصالحة التي توحد الله واحتساب تربيتهم التربية الإسلامية؛ لعل الله أن يخرج منهم من يحملهم هذا الدين، ويقوده إلى النصر والتمكين فإذا عقد الزوجان قلبيهما على هذه النية: صارت كل لحظة من حياتهما الزوجية عبادة يؤجران عليها، فيا لها من أجور عظيمة.
2- التعاون على الطاعة: بأن يحض كل منهما الآخر على عمل الخير ويشجعه عليه، قال: (رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورح م الله امرأة قامت من الليل تصلي فأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء) .
3- إقامة البيت المسلم والأسرة المسلمة وفق شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا يقْدِمان على خطوة إلا بعد أن يعلما حكم الله ورسوله فيها، فإن علماه لم يَقدما عليه شيئا أبدا: عرفًا، أو عادة، أو هوى، ويستعليان بعقيدتهما، ويقفان بصلابة أمام التيار المضاد.
4- بناء حياتهما على المحبة والرحمة والمودة والعشرة الحسنة، امتثالا لأمر الله ورسوله.
5- لاتمنعُ المحبة والعشرة بالمعروف بين الزوجين من أن يكونا حازمين مع بعضهما في التربية والتوجيه وخاصة من ناحية الزوج، فمحارم الله (عز وجل) لا مداهنة فيها، والتقصير في الأمور الشرعية لا يمكن السكوت عنه.
6- أن يكونا لبعضهما كما كان أبو الدرداء وأم الدرداء (رضي الله عنهم ا) كانت إذا غضب سكتت واسترضته، وإذا غضبت سكت واسترضاها، وكان هذا منهجًا انتهجاه من يوم زواجهما، وياله من منهج حكيم، فكم من البيوت هُدمت، وكم من الأسر انهارت بسبب غضب الزوجين معًا وعدم تحمّل أحدهما للآخر.
7- الزوجان بشر: ومن طبيعة البشر الخطأ والنقص، فإن وقع الخطأ والتقصير من أحد الزوجين في حق الطرف الآخر ـ إذا كان من الأمو ر الدنيوية ـ فعلى الطرف الآخر الصفح والعفو، فلا ينسى حسنات دهر أمام زلة يوم، وعليهما أن يغضا الطرف عن الهفوات الصغيرة مع التنبيه بأسلوب لطيف ليس فيه جرح للكرامة أو إهانة.
8- المشكلات والعيوب والنقائص تبقى بين الزوجين فلا يطلع عليها الأهل والأقارب، لأن هذه الحياة حياة سرية ولا بد أن تبقى بين الزوجين، فالغالب على هذه المشاكل أنها إذا خرجت عن نطاق الزوجين فإنها تتطور وتتعقد.
9- أخيرًا اتفق الزوجان أن يوضح كل منهما للآخر من أول يوم أهدافه في الحياة على المدى البعيد والقريب والوسائل التي يستخدمها للوصول إلى هذه الأهداف، فيكون لهما أهداف مشتركة يتعاونان عليها، كما يكون لكل منهما أهداف خاصة به، ولا بأس من أن يطلع زوجه عليها لكي يساعده عليها؛ ولا يقف حائلا بينه وبين تحقيقها.
10- أن يقدم بين يدي الجماع بالملاطفة والمداعبة والملاعبة والتقبيل، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يلاعب أهله ويقبلها .
3 ـ أن يقول حين يأتي أهله ( بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( فإن قضى الله بينهما ولدا، لم يضره الشيطان أبدا) رواه البخاري 187/9.
4 ـ يجوز له إتيان المرأة في قبلها من أي جهة شاء، من الخلف أو الأمام شريطة أن يكون ذلك في ُقبلها وهو موضع خروج الولد، لقول الله تبارك و تعالى: ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ). وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قا ل: كانت اليهود تقول : إذا أتى الرجل امرأته من دبرها كان الولد أحول ! فنزلت: ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج ) رواه البخاري 8/ 154/ ومسلم 4 / 156.
5- لا يجوز له بحال من الأحوال أن يأتي امرأته في الدبر ، قال الله عز وج ل:( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) ومعلوم أن مكان الحرث هو الفرج وهو ما يبتغى به الولد ، قال النبي صلى الله عليه1 و صححه الألباني / وسلم: ( ملعون من يأتي النساء في محاشِّهن : أي أدبارهن) رواه ابن عدي 211 في آداب الزفاف ص 105. وذلك لما فيه من مخالفة للفطرة ومقارفة لما تأباه طبائع النفوس السوية، كما أن فيه تفويتا لحظ المرأة من اللذة، كما أن الدبر هو محل القذر، إلى غير ذلك مما يؤكد حرمة هذا الأمر.
6 ـ إذا جامع الرجل أهله ثم أراد أن يعود إليها فليتوضأ، لقوله صلى الله عليه وسلم:( إذا أتى أحدكم 171. وهو على / أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ بينهما وضوأ، فإنه أنشط في العود ) رواه مسلم 1 الاستحباب لا على الوجوب. وإن تمكن من الغسل بين الجماعين فهو أفضل، لحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف ذات يوم على نسائه، يغتسل عند هذه وعند هذه، قال فقلت له: يا رسول الله ألا تجعله غسلا واحدا؟ قال : ( هذا أزكى وأطيب وأطهر ) رواه أبو داود والنسائي 1/79.
7 - يجب الغسل من الجنابة على الزوجين أو أحدهما في الحالات التالية :
- التقاء الختانين : لقوله صلى الله عليه وسلم: " إِ َذا جاوز الْخَِتان الْخَِتان ( وفي روا ية: مس الختان الختان) َفَقد وجب الْغسل. " رواه أحمد ومسلم رقم 526 وهذا الغسل واجب أنزل أو لم ينزل. ومس الختان الختان هو إيلاج حشفة الّذكر في الفرج وليس مجرد الملاصقة.
- خروج المني ولو لم يلتق الختانان: لقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الماء من الماء " رواه مسلم
9ـ ويحرم إتيان الحائض حال حيضها لقول الله عز وجل: ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )، وعلى من أتى زوجته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أجاب السائل الذي أتاه فسأله عن ذلك. أخرجه أصحاب السنن وصححه الألباني آداب الزفاف ص 122. لكن يجوز له أن يتمتع من الحائض بما دون الفرج لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا كانت حائضا أن تتزر ثم يضاجعها زوجها) متفق عليه.
10 ـ يجوز للزوج العزل إذا لم يرد الولد ويجوز له كذلك استخدام الواقي، إذا أذنت الزوجة لأن لها حّقا في الاستمتاع وفي الولد، ودليل ذلك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا. رواه البخاري 9/160 .
ولكن الأولى ترك ذلك كله لأمور منها: أن فيه تفويتا للذة المرأة أو إنقاصا لها. ومنها أن فيه تفويت بعض مقاصد النكاح وهو تكثير النسل والولد كما ذكرنا سابقا.
11ـ يحرم على كل من ا لزوجين أن ينشر الأسرار المتعلقة بما يجري بينهما من أمور المعاشرة الزوجية، بل هو من شر الأمور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) رواه مسلم157/4. وعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود، فقال: (لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ؟! ) فأرّم القوم ـ أي سكتوا ولم يجيبواـ، فقلت: إي والله يا رسول الله! إنهن ليفعلن، وإنهم ليفعلون. قال: ( فلا تفعلوا ، فإنما ذلك مثل شيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون) رواه أبوداود برقم 339/1، وصححه الألباني في آداب الزفاف ص 143 .
وأخيرًا لن أنسى أن الزوجان المباركان إذا وضعا هذه الأسس نصب أعينهما، وسجلاها في ورقة يكون مع كل واحد منهما نسخة منها، بحيث تكون ميثاقًا بي نهما يراجعانه بين الحين والحين، واتفقا بألا تكون هذه الأسس والمعالم حبرًا على ورق، بل تتحول إلى واقع يحاولان تطبيقه قدر المستطاع، ويذكر أحدهما الآخر بأن المسألة صعبة تحتاج إلى مجاهدة وصبر وتربية، وتعاهدا على المحاولة الجادة لتنفيذها.. فهذه معالم مباركات لكل زوجين وكل شاب وشابة مقبلان على الزواج، ينشدان السعادة الزوجية.. والله الموفق.