تحت عنوان "هذا النظام أكثر عنفا من مبارك.. لم يعد هناك معارضة".. سلطت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية الضوء على الأحداث التي تعيشها مصر حاليا قبل أيام من الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، والحملة الأمنية التي تشنها السلطات على المعارضة، مما جعل الكثير منهم يخبتيء خشية الاعتقال، ولسان حالهم يقول "أين أيام مبارك" .
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم السبت: إن" جميع الأحرار في مصر يعتقدون أنهم فازوا خلال الثورة في ميدان التحرير، ولم يعتقد أحد منهم أنهم سوف يعودون للتظاهر مرة أخرى".
وأضافت :" مئات الشبان المتظاهرين قتلوا خلال الثورة ضد الرئيس السابق حسني مبارك التي بدأت قبل خمس سنوات وتحل ذكراها الاثنين القادم، غضب الشباب أثار قلوب العالم، وهم يسيرون يصلون، ويغنون في طريقهم إلى الإطاحة بـ 30 عاما من الديكتاتورية.
قصة عائلة محمود محمد حسين قد تختلف، فنجلهم محمود كان يبلغ من العمر 18 عاما عندما ألقي القبض عليه في ذكرى الثورة قبل عامين، بسبب ارتداءه "تي شيرت" كتب عليه شعار ءيبدو مثيرا للجدلء "وطن بلا تعذيب".
محمود لا يوجد سبب حقيقي يفسر سبب اعتقاله، وخلال العامين الماضيين، تم نقله من السجن لسجن دون توجيه أي اتهام أو مثوله أمام المحكمة، ونقلت الصحيفة عن طارق شقيق محمود قوله :" أخي يكبر في السجن.. يعتقد أنه نسي في السجن، ولكنه يسعى لجعله يطمئن".
وأضاف طارق أن شقيقه وضع في إحدى المرات مع رجال محكوم عليه بالإعدام في زنزانة واحدة، مشددا: " تخيل الضرر النفسي الذي لحق بالشاب جراء هذه التجربة".
25 يناير 2011 كان اليوم الذي رفع فيه اثنين من النشطاء الشباب لافتة احتجاج ضد نظام مبارك، وبعدها عمت الاحتجاجات أنحاء الجمهورية والتي قلبت الشرق الأوسط رأسا على عقب.
وحتى ذلك اليوم، كان 25 يناير في التقويم الرسمي للدولة "عيد الشرطة"، وهي مناسبة للتعبير عن الامتنان الوطني للمؤسسة التي تنفذ القانون في البلاد.
لكن وائل غنيم وعبد الرحمن منصور، الذي كانا في السابق يديرا صفحة خالد سعيد على الفيس بوك، الشاب الذي تعرض للضرب حتى الموت خلال احتجازه لدى الشرطة، قررا جعل الاحتفال مناسبة للسخرية، فقاموا بإنشاء صفحة على "الفيس بوك" من أجل 25 يناير بعنوان " ثورة الشعب المصري".
غنيم ومنصور لم يكونا بمفردهما، فقد كانت هناك مجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدني بدأت تدعو للاحتجاج، وبعد ثمانية عشر يوما من الاحتجاجات، انتهى كل شي، انسحب الداعمين الرئيسيين مثل أمريكا وبريطانيا، واضطر الرئيس مبارك للتنحي، 846 دفعوا حياتهم ثمنا لنجاح الثورة، لكن المجلس العسكري وعد بالتدخل لتولي زمام السلطة الانتقالية حتى نقلها إلى السلطة المدنية.
وبحسب الصحيفة "بعد خمس سنوات، ما زالت مصر تقول أنها دولة ديمقراطية، ولكن بعد انقلاب 2013، الرجل العسكري الجديد يحكم بقبضة من حديد أكثر حزما مما كان يفعل مبارك".
وخلال موجات من الاعتقالات، اعتقلت السلطات عشرات الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، والناشطين الليبراليين، من الشوارع ومن منازلهم.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيان بمناسبة ذكرى 25 يناير:" إن مصر غارقة في أزمة حقوق إنسان ذات أبعاد هائلة، الأمل في أن ثورة 25 يناير بشرت بعهد جديد من الإصلاحات واحترام حقوق الإنسان ذهبت أدراج الرياح".
في 2013، فضت قوات الأمن اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بالقوة، الأمر الذي جعلها إشارة واضحة على أن الاعتصامات من النوع الذي يستولي على ميدان التحرير مثل يناير 2011 لن يتم التسامح معها مرة أخرى".
وفي 14 اغسطس 2013، فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين التي تحتل الساحة أمام مسجد رابعة، مما أسفر عن مقتل 600 شخصا على الاقل في ما لا يزال اليوم الأكثر دموية في "الربيع العربي".
لمدة عام، كانت هناك تقديرات تشير إلى أن 40 الف شخص اعتقلوا بعد فض رابعة، إلا أن أحد التقديرات يشير إلى أن هذا الرقم ارتفع الآن إلى أكثر من 50 الف.
وعلى الأقل عائلة محمود محمد يعرفون أين هو، بعكس مئات من أنصار جماعة الإخوان وغيرهم الذين احتجزوا في "السجون السوداء" ء مراكز اعتقال غير مسجلةء متواجده في بعض القواعد العسكرية، ولم يظهروا مرة أخرى.
يوم الاثنين الماضي، أصدرت وزارة الداخلية قائمة بأماكن وجود 99 شخصا زعم أقاربهم أنم كانوا "مختفين"، داخل السجون، لكن واحد من 99 هو أشرف شحاتة، اتضح أن سجين غيره يحمل نفس الاسم، بحسب زوجته مها مكاوي، التي تقول حتى الشرطة وموظفي السجون أصابهم اليأس عندما تسألهم عن زوجها، عضوا حزب الدستور الليبرالي.
أشرف شحاتة أصبح في عداد المفقودين بعد استدعاءه في أمن الدولة يناير 2014، وخلال رحلة البحث عنه التقت بشخصية مهمة في الشرطة الذي أقسم على المصحف أن زوجها ليس لديهم، وأشار مسؤولون أن شحاتة ربما يكون سافر للخارج، لأنه كان يحمل جواز سفره عندما اختفى.
وقالت زوجته:" أشرف كان معه جواز سفره قبل خروجه من البيت، ولكن كيف عرف أمن الدولة ذلك؟
النظام في مصر سعى للحصول على الدعم الغربي والروسي على حد سواء، بتقديم نفسه على أنه حليف رئيسي في الحرب ضد الدولة الإسلامية في العراق والشام، والتي تعيث فسادا في سيناء.
وقال حازم عبد العظيم الناشط السياسي الذي دعم وصول الرئيس السيسي للسلطة ولكنه أصيب بخيبة أمل مثل الكثير من النشطاء :" النظام الحالي أكثر عنفا من مبارك"، فهو الآن مقتنع بأن الإطاحة بالرئيس مبارك، تمت بمباركة الجيش، وأن أيام كانت هناك معارضة، فمبارك كان يعتزم توريث السلطة لابنه جمال، وهو ما يعني تعزيز مبادئ العمل الحر، إلا أنه يشكل تهديدا للمصالح المالية للجنرالات.
وأضاف إن :" أحداث 2011 انقلاب عسكري ضد مبارك.. الثورة كانت كبيرة وجديرة بالاهتمام، ولكن في نهاية المطاف ما حدث كان في صالح الجنرالات".