لم يُتح للشاب السوري فريد، سليل عائلته آل الأطرش وهم أمراء وإحدى العائلات العريقة في جبل العرب جنوب سورية، أن يبقى مع عائلة والده الأمير فهد الأطرش في محاربة الاستعمار الفرنسي لسورية، إذ عانى من حرمان رؤية والده ومن اضطراره إلى التنقل والسفر منذ طفولته، من جبل العرب أو جبل الدروز في سورية إلى العاصمة المصرية القاهرة مع والدته، هرباً من الفرنسيين المعتزمين اعتقاله وعائلته انتقاماً لوطنية والدهم فهد الأطرش وعائلة الأطرش في الجبل، والذين قاتلوا ضد ظلم الفرنسيين في جبل الدروز بسورية.
وجود فريد إلى جانب والدته الأميرة علياء المنذر وشقيقته آمال، المعروفة لاحقاً باسم "أسمهان" المطربة التي حققت نجاحاً وانتشاراً كبيراً على صعيد عربي، إضافة إلى الظروف الحياتية التي عاشها كمطارد هو وعائلته، فضلاً عن تحكم شقيقه الأكبر فؤاد بمصير أسمهان، انعكس سلباً على تفكير الموسيقي والمطرب والفنان السينمائي فريد، والذي حقق انتشاراً كبيراً كفنان مهم، إنما ظل بعيداً عن ضوء الإعلام وشهرة الجماهير، بحيث استطاع فنانو جيله والجيل الذي سبقه كعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم أن يؤسسوا مكاناً في ذاكرة الناس والجمهور، بفضل ذكائهم الفني والاجتماعي، بعكس الشاب الخجول، صاحب أغنية "أبو ضحكة جنان".
المطرب الذي عاش أربعة وستين عاماً منها واحد أربعين منها في الساحة الفنية كانت أولى أغانيه "يا ريتني طير أطير حواليك"، واللافت في مسيرته الفنية أنه قدم 13 فيلماً غنى فيها أغانيه الخاصة، إذ يندر أن تجد لفريد الأطرش أغنية لم يقدمها في أعماله السينمائية.
في عام وفاته تعرض فريد الأطرش لذبحة صدرية وبقي سجيناً في غرفته، تسليته الوحيدة كانت التحدث مع الأصدقاء وقراءة المجلات، ولم يكن يأبه للمرض، واعتبر أن علاجه الوحيد هو العمل، وبينما كان يكد في عمله سقط من جديد واعتبر الأطباء سقطته هذه الأخيرة، ولكن في الليلة نفسها أراد الدخول إلى الحمام فكانت السقطة الثالثة، وكأنها كانت لتحرك قلبه من جديد وتسترد له الحياة، فطلب منه الأطباء الراحة والرحمة لنفسه؛ لأن قلبه يتربص به، وهذا ما كان، إذ توفي ودفن في العاصمة اللبنانية بيروت، ونقل عنه الكثير من أصدقائه أنه ظل متحسراً على وفاة شقيقته أسمهان بحادث سيارة قبل وفاته بثلاثين عاماً.