خمسة سنوات على انطلاق ثورة "الربيع العربي" في تونس - الإيطالية نيوز

خمسة سنوات على انطلاق ثورة "الربيع العربي" في تونس

منوبيا بوعزيزي، أم محمد بوعزيزي تمسك في يديها منشور عليه صورة إبنها

 تونس ـ كان للتصرف اليائس الذي قام به البائع المتجول سبب في إشعال فتيل ثورة شباب تونس الأحرار التي أكملت اليوم عمر 5 سنوات بالتمام، التي أطلق عليها إسم "الربيع العربي" فيما بعد. ويشهد اليوم الإثنين 2015/12/14 ميلاد الثورة التونسية ضد نظام زين العابدين بن علي الذي تميز بالفساد في جميع القطاعات.

وأدت ثورة البوعزيزي في وجه شرطية صفعته، كونها تتمتع بقوة السلطة، إلى سلسلة من المظاهرات في تونس بدأ من يوم حادث صفع البوعزيزي الذي يصادف يوم 2010/12/17، وهوأيضا اليومالذي فيه أضرم البوعزيزي النار في نفسه، بسيدي بوزيد، وسط تونس، محتجا على الأوضاع الاقتصادية في بلاده وعنف الشرطة التي تحمي آنذاك عائلة المفسدين من "الطرابلسية"، وعلى رأسهم زوجة الرئيس الهارب زين العابدين بن علي.

وكان لثورة البوعزيزي الصغيرة فضل إندلاع ثورة كبيرة أحيت العقول والأفئدة الغيورة فاندفعت إلى الشارع تزأر بأعلى صوتها ومقاومة لجميع أنواع الإرهاب والتنكيل الذي مارسته الشرطة النظامية لإسكات أصواتهم وقطع أصوات الحق حتى لا يرهب المفسدين، غير أن كل المحاولات العنيفة ضد عشاق الحرية من التونسيين لم تؤت أكلها، ووصل صوت الحق والظلم إلى قلب الرئيس الفار فاضطر إلى مغادرة البلاد، ومع فراره نحو السعودية سقط النظام، ورفعت غطاء القمع وتنفست الخضراء نسيم الحرية، فاسحة الطريق إلى عملية انتخاب أول رئيس بعد فترة طويلة ميزتها الديكتاتورية والكوابيس والإرهاب.

ولكن تضحية البوعزيزي لم تكن فعلا معزولا، بل أصبح رمزا يحتدى به من قبل العديد من بلدان المغرب العربي، فرائحة الياسمين هزت مصر، في ثورة اقتلعت حسني مبارك من على صدر مصر، على الرغم من جميع المحاولات في تعطيل قلب الثورة، ميدان التحرير. 

ليبيا
وانتقل نسيم الثورة التونسية ليسود جو ليبيا، مع انتفاضة شعبية أولى كان أبطالها لا يتجاوزون الألف، غير أن التدخل العسكري الدولي إدى إلى قتل معمر القدافي بطريقة مهينة ومأساوية. وبعد رحيل القدافي ظهرت في ليبيا سموم الميليشيات التي قضت على نسيم الحرية، ذلك بخطف ناس كرهائن، والاستيلاء على الأبناك، ونشر الفوضى المطلقة في البلاد. ولاتزال ليبيا حتى الآن منقسمة إلى حكومتين في ظل وجود الجهاديين الدواعش.

 سوريا
وهناك وضع مختلف بالنسبة إلى سوريا، ههي الأخرى اهتزت على وقع الثورة التونسية المجيدة، فلجأ النظام إلى حيلة خلط شكل الثورة بأعمال الشغب حتى لا يعطي للثوار من المواطنين أي أمل في تضخيم مشروعهم الثوري. ولاتزال سوريا تتمزق وشعبها في حرب أهلية على الأرض وأخرى دولية تنطلق من السماء بطائرات روسيا وفرنسا وابريطانيا وألمانيا التي تطلق صواريخها المدمرة من أجمل وأد الحرية في صدور الأطفال والنساء والشيوخ السوريين.

اليمن
وذهبت ثورة البوعزيزي لتشمل اليمن، لتتحول فيما بعد بدورها إلى حرب أهلية إثنية بين خلايا تنظيم القاعدة والميليشيات الشيعية الزيدية الحوثية، في حرب أهلية لا تزال نيرانها متقدة حتى يومنا هذا. 

كما حاول نسيم الحرية المنطلق من تونس الأحرار أن تتسرب إلى دول عربية أخرى مثل موريتانيا والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والسودان والمغرب والكويت لكنها اصطدمت مع حاجز فولاذي مصنوع من الرصاص وقبضة من حديد.

وتفاجأ المجتمع الغربي من إشعال الانتفاضات الشعبية في الشرق الأوسط بعد سنوات من الجمود والتقاعس، ليعيش أكبر موسم له وضع فيه نهاية (على ما يبدو) نهاية لحقبة استعمارية بهطرد الأنظمة الفاسدة التي جثمت على قلوب مواطنيها لعقود. وسبب عدم استقرار الوضع في المطقة تنامي التخوف لدى إسرائيل، التي بعدت أن خسرت حليفا تاريخيا مثل مبارك، حولت أنظارها واهتمامها نحو ما يحدث في الأردن.

ولكن بعد مرور خمسة أعوام على تضحية البوعزيزي ماذا تغير فعلا؟، إن الطغاة الكبار بشمال إفريقيا، الذين تم اعتبارهم في تلك الحقبة أعمدة منيعة لنظام يحكم بقبضة حديدية منهم من لا يزال يتمتع بحريته وبلا متابعة قضائية جادة، زين العابدين بن علي في منفاه الذهبي، ومبارك يمدد تماوته السريري لكي يمدد جلساته القضائية، بينما الذي نجا فهو الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، الذي يلتصق بكرسي سلطة تسنده الجنرالات، من عنف الموجة الثورية. 

حسن أمحاش