يبدو من الأكيد أن لكل كارثة نتائجها السبية، وأن العمل الفاسد للأقلية قد يضر بمجهودات الأغلبية، وفي ظل الإجراءات المتشددة للأمن الفرنسي في أعقاب الهجومات على باريس يوم الجمعة الماضية بدأت أسر مسلمة في فرنسا الضغط على بناتها من أجل خلع حجابهن.
نظرات الاتهام التي بدأت تتوجه للمسلمين في فرنسا وخشيتهم من حدوث ردود فعل انتقامية أجبرت بعض الأسر على تغيير عدد من عاداتها وتقاليدها تجنباً للمخاطر التي قد تواجههم نتيجة مظهرهم الدال على انتمائهم للإسلام.
سهام هي إحدى الطالبات في جامعة السوربون الفرنسية والتي تتعرض لضغوط مستمرة من الأهل والأقارب لإجبارها على خلع حجابها، حتى أن أمها أخبرتها بأنها ستكون غاضبة عليها إذا لم تنزع حجابها.
وتشير لمدى الحالة النفسية السيئة التي أصبحت فيها والتي أجبرتها على البقاء في المنزل على مدار اليومين الماضيين، فتقول بأن "جميع المكالمات التي أتلقاها لا بد أن تحمل سؤالاً عما إذا كنت قد نزعت حجابي أم لا".
وتحول المظهر الخارجي الدال على كونك مسلماً في فرنسا إلى دليل إدانة في نظر العديد من الفرنسيين، حتى تحول كل مسلم هناك إلى "مدان حتى تثبت إدانته".
بعض الآباء بدأ في سرد قائمة من النصائح لأبنائه بخصوص عدم التحدث كثيراً على فيسبوك والقيام بنفس ما يقوم به الفرنسيون من ارتداء السواد وإشعال الشموع تعبيراً عن الحزن.
يقول طالب الماجستير الجزائري حسين أن أمه تمنعه من "الحديث في الدين" مع أي من أصدقائه أو زملائه، لما تشعر به من خطر عليه في كل مرة يغادر فيها البيت نحو جامعته.
ويبين حسين أن مثل هذا النوع من النصائح تضايقه ويشعر بأنها مبالغ فيها، لكنه يتفهم مشاعر أمه في ظل الأحداث الأخيرة. وأعلن حسين أنه "متضامن مع الموتى في كل أرجاء الأرض"، لكنه ليس مجبراً على أن يبرئ ذمته في كل وقت، لمجرد أنه مسلم، على حد تعبيره.
الجيل الثاني والثالث
لكن على الجانب الآخر، يبدو أن الجيلين الثاني والثالث من المهاجرين المسلمين في فرنسا والذين ولدوا بها، أقل تأثراً بما يحدث حولهم. هؤلاء يعتبرون أنفسهم مواطنين فرنسيين خصوصاً مع إتقانهم للفرنسية ونسيانهم للغاتهم الأصلية وانغماسهم في الثقافة الفرنسية.
واحد من هؤلاء يدعى إدريس، والذي تحدث لنا بالفرنسية، كان يحمل لافتة كتب عليها "كلنا متضامنون مع الشعب الفرنسي" في أحد المواقع التي استهدفتها الهجمات الأخيرة.
إدريس دافع عن الإسلام قائلاً أن "رسالة الإسلام هي توحيد الصفوف ونبذ العنف والتسامح"، وأكد أنه علينا الوقوف ضد تشويه صورة الإسلام هذه عبر تعبيرنا عن تضامننا مع ضحايا هذا الهجوم.
وشهدت فرنسا وعدد من الدول الأوروبية والغربية ردود فعل عنيفة ضد المسلمين، حيث رفع متظاهرون غاضبون بمدينة ليل الفرنسية لافتات تطالب بطرد المسلمين.
وفي إسبانيا أضرم مجهولون النار في أحد المساجد عن طريق إلقاء عبوات حارقة. وحاول مجهولون في مدينة روزندال الهولندية إحراق مسجدٍ يرتاده مغاربة.