في بريطانيا.....اللغة العربية أحق بالتعلم - الإيطالية نيوز

آخر الأخبار

في بريطانيا.....اللغة العربية أحق بالتعلم


في ظل وجود أكثر من 300 مليون شخص يتحدثون اللغة العربية، لا عجب أن يطالب المجلس الثقافي البريطاني بتعليمها في المدارس البريطانية، الأمر الذي دفع صحيفة «الإندبندنت» البريطانية إلى نشر مقال تحت عنوان «انسوا الفرنسية والصينية، اللغة العربية هي اللغة التي تستحق التعلم»، نصحت فيه محبي تعلم اللغات بترك تعلم اللغة الفرنسية ولغة المندرين  «Mandarin» الصينية والتحول إلى تعلم اللغة العربية.
تعد مدرسة «هورتون بارك» (Horton Park) الابتدائية، في برادفورد، واحدة من المدارس البريطانية التي يتعلم فيها الطلبة اللغة العربية منذ ثلاث سنوات حتى الآن، بمبادرة من المجلس الثقافي البريطاني الذي يسعى لتعزيز تدريس هذه اللغة بمدارس الدولة.

ويعد «صالح باتل» (Saleh Patel)، واحد من بين عدد قليل من معلمي اللغة العربية الذين يعملون بدوام كامل في إحدى المدارس الابتدائية البريطانية، ويسعى صالح إلى تعليم اللغة العربية للطلاب عبر استخدام بطاقات مصورة يتم فيها ربط الكلمة العربية الصحيحة بصورة لوصفها، فتجد الطالب البالغ من العمر عشر سنوات يمسك بالصورة وعليها صورة «سمكة» لينطق الكلمة باللغة العربية بعد ذلك بشكل سليم وحاسم. وبعد هذه المرحلة الشفهية، يتعين على الطلبة مهمة كتابة جملة باللغة العربية، وهو أمر يصفه طالب آخر، يبلغ من العمر عشر سنوات، بأنه «أمر صعب، لكني أحاول جاهدًا إنجازه»، وتتمثل إحدى الصعوبات في أن اللغة العربية تُكتب من اليمين إلى اليسار، ولكي أصف لك مدى صعوبة هذا الأمر على طالب أجنبي، لك أن تتخيل نفسك وأنت تقوم بكتابة جملة باللغة الإنجليزية من اليمين إلى اليسار، وعلى الرغم من ذلك فهناك قدر هائل من الحماس لدى الطلاب في الفصول الدراسية لتجاوز هذه الصعوبات، حيث يحاول التلاميذ إتقان دراسة اللغة العربية.

ويعتبر هذا المشروع واحدًا من ثمانية مشروعات، بدأها المجلس الثقافي البريطاني، بعد أن صنفت الأبحاث التي أجراها المجلس اللغة العربية باعتبارها اللغة الثانية الأكثر أهمية للعاملين في المستقبل، بينما تم تقييم اللغة الإسبانية بأنها اللغة الأولى الأكثر أهمية.
يقول «فاران سيد(Faraan Sayed)»، الذي يعمل في برنامج اللغة العربية التابع للمجلس الثقافي البريطاني: «إن الدراسة أخذت بعين الاعتبار بعض المعايير الاقتصادية المرتبطة بالتصدير والاستيراد، وأولويات التجارة الحكومية، وأولويات الشؤون الدبلوماسية والأمنية، والوجهات الأكثر شعبية التي يقصدها الناس خلال العطلات»، مشيرًا إلى ان هناك أكثر من 300 مليون متحدث باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

ويضيف «سيد» أن هناك ثماني مجموعات من المدارس في جميع أنحاء بريطانيا يدرس بها نحو 1000 تلميذ اللغة العربية كجزء من المنهج الدراسي، في حين أن هناك أكثر من 500 تلميذ يتعلمون اللغة العربية في استراحة وقت الغداء وفي النوادي المدرسية التي تفتح أبوابها بعد نهاية اليوم الدراسي، و ذلك في مدن بلفاست، وشيفيلد، ومانشستر، ولندن (حيث هناك مدرستان)، وبارنستابل في ديفون، وبلاكبيرن، وبرادفورد.

وفي بلدة مانشستر، طلبت مدرسة «مانشستر جرامر» الخاصة (المستقلة غير الحكومية) من بعض طلابها السوريين المساعدة في توظيف مدرس لغة عربية، وبالفعل تم توظيف مدرس عراقي المولد، وكانت النتيجة إعداد خطة تطوير للمدرسة ستجعلها تمنح درجة الشهادة العامة للتعليم الثانوي (GCSE) في اللغة العربية بدءًا من عام 2016.

ومن المتوقع تزايد تعليم اللغة العربية في بريطانيا، مع إرسال المجلس الثقافي البريطاني المجموعة التعليمية الخاصة باللغة العربية تحت عنوان «اللغة والثقافة» إلى حوالي 5000 مدرسة ابتدائية في شهر سبتمبر المقبل، في محاولة لإقناعهم بالاشتراك في برنامج تعليم اللغة العربية، وإعطاء التلاميذ نظرة ثاقبة حول ثقافة العالم العربي.
وإذا عدنا لمدرسة «هورتون بارك» (Horton Park) الابتدائية في برادفورد، والتي تضم 400 طالب يتحدثون فيما بينهم بـ36 لغة مختلفة، سنجد أن هذا الأمر جعل من المدرسة نموذجًا اسثنائيًا في التسامح، مقارنة بمدارس أخرى في بعض المناطق تتهاون في المسائل المتعلقة بالتمييز بين الطلاب بسبب العرق أو الدين أو اللغة. وقد أدى هذا الأمر إلى تدفق كثير من الطلاب القادمين من أوروبا الشرقية على تلك المدرسة، التي تخدم بلدة كانتربيري في برادفورد والتي تعتبر من أكثر المناطق المحرومة في المدينة.
ويرى الأستاذ «صالح باتل» أن معظم الطلاب الذين يتعلمون اللغة العربية إما أنهم يطلعون عليها للمرة الأولى أو سبق لهم التعرف عليها من خلال تعلم القرآن الكريم في البيئة التي انحدروا منها. أما المشكلة التي قد يصادفها طلاب المرحلة الابتدائية في المستقبل فتتمثل في وجود عدد قلبل للغاية من المدارس الثانوية التي يمكن لهم استكمال تعلم اللغة العربية فيها.

ووفقًا للتقرير الصادر عن المجلس الثقافي البريطاني، فإن اللغات التي صنفت بأنها العشر لغات الأولى المتوقعة في المستقبل كانت على النحو التالي: 1- الإسبانية، 2- العربية، 3- الفرنسية، 4-الصينية (المندرين)، 5- الألمانية، 6- البرتغالية، 7- الإيطالية، 8- الروسية، 9- التركية، 10- اليابانية.

وكانت اللغة الفرنسية هي اللغة المهيمنة على المشهد في مدارس المملكة المتحدة ومناهج شهادة الثانوية العامة، أما الخاسر الأكبر فهو اللغة الألمانية التي تضررت بشكل بالغ بقرار حكومة حزب العمال الصادر في عام 2004 بإلغاء الزامية تعلم لغة ثانية بالنسبة للطلاب في المرحلة العمرية من 14-16 سنة، وكانت الألمانية تحتل المرتبة الثانية في مدارس البلاد حتى عام 2006، الذي شهد اجتياح اللغة الإسبانية التي وصلت إلى حد أن أكثر من 70 جامعة الآن تقدم اللغة الإسبانية ضمن درجاتها العلمية، مقارنة بـ60 جامعة تقدم اللغة الألمانية. وبدأ الضوء والاهتمام الآن ينصب على اللغة الصينية (المندرين) باعتبارها لغة المستقبل، وذلك بعد أن طالب وزير التعليم «إيد بولز» بإنشاء مدرسة على الأقل في كل منطقة لتقديم لغة المندرين كمادة مستقلة في المرحلة الثانوية. وعلى الرغم من ذلك، فإن تعليم اللغة العربية في مناهج الثانوية العامة أصبح في تصاعد مستمر في الفترة من 2002 و2012 بنسبة 86%.