لم تتخذ دول الخليج الغنية بالنفط والغاز أية خطوة لاستقبال نسبة من اللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا بعد أن أسفرت الحرب في سوريا عن تهجير أكثر من أربعة ملايين شخص، مما يثير انتقادات وتساؤلات حول التضامن العربي.
وقال السوري أبو محمد (30 عاما) اللاجئ في سوريا "يجدر بدول الخليج أن تخجل عندما ترى أبواب أوروبا تفتح أمام اللاجئين السوريين بينما هي تغلق أبوابها أمامنا".
ومنذ اندلاع ما بات يعرف بأزمة اللاجئين، تناقلت وسائل الاتصال الاجتماعي الانتقادات لدول الخليج بسبب عدم استقبال لاجئين. وأطلقت تساؤلات حول هذا الوضع حتى من داخل دول الخليج.
وكتبت صحيفة "غلف تايمز" الصادرة في قطر "للأسف, إن دول الخليج الغنية لم تصدر أي بيان حول الأزمة، وأكثر من ذلك، لم تقترح إستراتيجية لمساعدة اللاجئين الذي هم بغالبيتهم مسلمون".
لكن دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عمان والبحرين) لم تقف مكتوفة الأيدي أمام الأزمة السورية منذ اندلاعها في 2011.
وقد أنفقت دول الخليج مليارات الدولارات لمساعدة المهجرين والنازحين السوريين، لاسيما في المخيمات التي أقيمت في الدول المجاورة لسوريا، في لبنان والأردن وتركيا.
إلا أن المهجرين الذين يريدون الخروج من هذه المخيمات بحثا عن ظروف أفضل، ويفكرون بالاتجاه إلى أوروبا بالرغم من المخاطر المعروفة للرحلة.
ومنذ بداية العام، عبر حوالي 365 ألف شخص البحر المتوسط بحسب المنظمة الدولية للهجرة التي أشارت أيضا إلى أن 2700 شخص لقوا حتفهم خلال الرحلة.
وباتت ألمانيا الوجهة المفضلة للاجئين المهاجرين من سوريا، بالرغم من أن دول الخليج المزدهرة هي الأقرب جغرافيا، وتتشارك معهم نفس القيم الثقافية والدينية.
وأمام صمت السلطات الخليجية، دعا المدون الإماراتي المعروف سلطان القاسمي دول الخليج إلى إطلاق مبادرة "أخلاقية ومسؤولة" لاستقبال اللاجئين.
وحتى والد الطفل الغريق آيلان الكردي الذي اجتاحت صورة جثته على شاطئ تركي العالم وتحولت إلى رمز للازمة، اعتبر اثناء دفن زوجته وابنيه انه يريد من "الحكومات العربية وليس الدول الأوروبية أن ترى ما حصل لأبنائي وان تساعد الناس".
إلا انه ليس من المتوقع أن يطرأ أي تغيير على سياسة دول الخليج في الموضوع وهي دول غير موقعة على شرعة الأمم المتحدة للاجئين.
وقال مايكل ستيفنز خبير الشؤون الشرق أوسطية في معهد "روسي"، "لا أتوقع أن يقوم أي من قادة الخليج بتغيير مفاجئ مثل التغيير الذي أعلن عنه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في غضون 36 ساعة فقط".
وأضاف "أن غالبية المواطنين الخليجيين يعتبرون أن ما قامت به حكوماتهم في سوريا هو الأمر الصائب".
وتأتي أزمة اللاجئين في أوروبا في الوقت الذي تركز فيه دول الخليج جهودها على أزمة اليمن وعلى العمليات العسكرية المعقدة التي تشارك فيها ضد المتمردين الحوثيين في هذا البلد.
ودعمت معظم دول الخليج المعارضة السورية بالمال والسلاح لمواجهة نظام الرئيس بشار الأسد المدعوم من إيران، الغريم التقليدي لدول الخليج.
وتتم إثارة بعض الاعتبارات الأمنية للرد في بعض الأحيان على الانتقادات التي توجه إلى دول الخليج في موضوع استقبال اللاجئين.
وقال سلطان بركات من معهد بروكينغز في الدوحة "بما أن دول الخليج ضالعة في الشؤون السياسية لسوريا، فهي يمكن أن تخشى من الأنشطة التي قد يقوم بها بعض الذين ستستضيفهم".
وتعرضت السعودية منذ مطلع العام إلى عدد من الهجمات التي نفذها تنظيم الدولة الإسلامية.
كما أن دولا خليجية مثل الإمارات وقطر تخشى من استضافة أعداد إضافية من الأجانب في الوقت الذي يشكل فيه مواطنوها أقلية بين السكان.
وبحسب سلطان بركات، فان دول الخليج يمكنها، ولكي تواجه الانتقادات بشكل أفضل، أن تسمح بدخول اللاجئين الذين لديهم أفراد من عائلاتهم على أرضها.
ويعيش مئات الآلاف من السوريين منذ سنوات في الخليج للعمل.