فاجأت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرأي العام الأوروبي بتصريحات نارية أدلت بها حول إشكالية الهجرة عندما أكدت أن قضية المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي التي تواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة ستشغل بال واهتمام الأوروبيين أكثر من المشاكل التي أثارتها الأزمة الاقتصادية اليونانية والأخطار التي كانت تهدد استقرار العملة الأوروبية اليورو.
وأضافت المستشارة الألمانية أن دول الاتحاد الأوروبي في حاجة إلى بلورة سياسية مشتركة لاستقبال اللاجئين وإدارة شؤونهم منددة بالاعتداءات العنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في عدة بلدان أوروبية ...و لفتت انغيلا ميركل الانتباه بالطلب الذي عبرت عنه عندما اقترحت إقامة لائحة بلدان أوروبية أكثر ضمانا لأمن اللاجئين ...وختمت ميركل خرجتها الإعلامية هته بالقول إنها ستناقش هذه القضايا مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ..و كان ذلك كافيا لكي تتلقف الصحافة الفرنسية هدا الموضوع و تركز عليه في صدر اهتماماتها
اللافت للانتباه أن إشكالية الهجرة تغيبت عن اهتمامات الأوروبيين خلال الفترة العسيرة التي كان الاتحاد الأوروبي يواجه أزمة اليونان و يحاول جادا إنقاذ تماسك منطقة اليورو ...فبعد الاجتماعات الاستثنائية التي عقدت على مستوى القمة الأوروبية توارى الاهتمام نسبيا من طرف القيادة السياسية اتجاه ما كان يعتبر كابوسا أوروبيا خصوصا بعد أن شب جدل إعلامي وسياسي قوي حول إشكالية الحصص أو الكوتا التي اقترحها البعض كآلية لحل أزمة اللاجئين و توزيع عادل للعبء الاقتصادي و الأمني الذي تشكله موجات المهاجرين السريين التي تتدفق بانتظام على السواحل الأوروبية...
وقد عاد الموضوع نسيبا إلى أولوية الاهتمامات في عز العطلة الصيفية عندما طفا إلى السطح جدل فرنسي البريطاني حول طريقة إدارة المهاجرين الذين يتكدسون في منطقة كالي الحدودية Calais حيث واجهت السلطات الفرنسية تحديات كبيرة لمحاولة وقف موجات من المهاجرين التواقين للتوجه إلى بريطانيا بسبب الاستقطاب الذي يمارسه النموذج البريطاني وارتفعت أصوات فرنسية تندد بدور الدركي الذي تقوم به فرنسا لحماية الحدود البريطانية فيما عبرت لندن عن خيبة أملها بعدم تطبيق جدي لما يسمى باتفاقية "لو توكي" Le Touquet الذي كان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي قد وقعها مع البريطانيين والتي تحول فرنسا بحسب البعض إلى الذراع المسلح لحماية بريطانيا من هذه الهجرة.
وانطلاقا من كل هذه المعطيات و التصريحات للمستشارة الألمانية إنغيلا ميركل يبدو أن التحدي الكبير الذي ينتظر دول الاتحاد الأوروبي يكمن في محاولة إيجاد صيغة مشتركة للتعامل مع ظاهرة الهجرة سواء تعلق الأمر بتجفيف منابع تصديرها و القضاء على قنوات الاتجار بالبشر التي تأخذ حتى الساعة من السواحل الليبية منطلقا لها أو بالتوصل إلى بلورة سياسية لجوء مشتركة تخفف من وطأة الظروف الإنسانية التي يعيشها اللاجئون والتي أصبحت تشكل تحديا سياسيا داخليا لكل دول الاتحاد الأوروبي قد تؤثر بشكل أو بآخر على رهاناتها الانتخابية.
المصدر> موقع مونت كارلو الدولية