"الكلمة الطيبة – مفتاح ذهبي" – قوة الكلام في الفلكلور البلغاري - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

"الكلمة الطيبة – مفتاح ذهبي" – قوة الكلام في الفلكلور البلغاري


في حلقة "استوديو الفلكلور" لهذا اليوم ستحدثنا الأستاذة المساعدة فيخرا بايفا من معهد الإثنولوجيا والفولكلور بمتحف إثنوغرافي لدى أكاديمية العلوم البلغارية عن معرفة أسلافنا الكلمات وكيفية استعمالهم قوتها.

أصبحنا نشهد في الآونة الأخيرة تزايد اشتهار مختلف نظريات قوة الكلمات حيث يعلّمنا علماء نفسانيون ومرشدون روحانيون أن الألفاظ التي نستخدمها والطاقة التي نشحنها بها في غاية الأهمية لما يحدث في حياتنا. فكل إنسان يمتلك القدرة على تكوين العالم الذي يعيش فيه بما فيه القدرة على انتقاء المفردات الصحيحة التي نسمي بها الأشياء والظواهر أمام الآخرين وأمام أنفسنا على السواء. وهذه المعرفة ليست جديدة وإنما لها جذور عميقة في تقاليد الشعوب وفلكلورها بما فيها الشعب البلغاري. حيث تعتبر المعتقدات الشعبية الكلام شيئا ملموسا يكاد يكون ماديا مما تدل عليه مقولة "لفظتَ كلمة رميتَ حجرا" فعلينا الانتباه والحذر حين نتكلم لانعدام السيطرة على ما نطقنا به فكما يقول البلغار: "ليست الكلمة بعصفور ولكن متى أفلتت منك فرت إلى الأبد".

تقدر الثقافة الشعبية البلغارية إتقان اللغة والقدرة على استخدام ما يناسب الموقف من ألفاظ تقديرا عاليا جدا فيدعى أمثال هؤلاء لقب "صاحب فم ذهبي" أو يقال عنه "لسانه معسول". وتقدم لنا القدرة على الثناء والمدح وملاطفة الآخرين أفضلية في المواقف الصعبة فكما يقول الشعب: "الكلمة الطيبة مفتاح أبواب الحديد" و"الكلمة الطيبة مفتاح ذهبي". وتحذرنا الحكمة الشعبية من قدرة الكلمات على جرح القلوب: "لا عظام في اللسان لكنه عظاما يكسر" و"قطع اللسان أسوء من قطع السكين".

تروي حكاية شعبية مشهورة قصة رجل ودب التقيا في الغابة فأصبحا رفيقين واستمرت صداقتهما حتى إذا اشتكى الرجل من رائحة نَفَس الدب الكريهة عن غير قصد مما أهانه إهانة فأجبر الرجلَ على ضرب رأسه بالفأس ثم اختفى في الغابة. وبعد أكثر من سنة تقدم الدب بين يدي صديقه السابق وطلب منه أن يبحث عن أثر الضربة فلم يجده فقد كان التحم حينها قال الحيوان "اختفى الأثر لكن ما قلتَه لي لن أنساه أبدا. فالجرح السيئ يشفى واللفظ السيئ لا ينسى.

يعتقد الشعب البلغاري بأن الكلام قادر على التأثير في النظام الطبيعي والاجتماعي وله صفات سحرية. فإن تمنيات العافية والعمر الطويل والسعادة ترافق بعض أهم لحظات حياة المرء حيث ينطق بالبركات بمناسبة الأعراس والتعميد والأعياد المسيحية الكبرى ولا سيما تلك التي تحمل رمزية البدء الجديد كعيد الميلاد وعيد رأس السنة. ومن تلك التمنيات "احيَ بخير وسلامة واكبر فشِبْ كقمم الجبل القديم".

هذا ويعتبر الشعب البلغاري القوة المخيفة التي تمتلكها اللعنات أمرا واقعا وفي بعض الأحيان يُنظر إليها على أنها عادلة وتأتي جزاء منصفا للخطايا ومخالفة القواعد. وتتمتع لعنات البكر التي أغريت ثم تُركت ولعنات الوالدين بقوة كبيرة. فعلى سبيل المثال تحكي إحدى الأغاني الشعبية المحزنة قصة ابن قاد أباه المربوط بالقيود لبيعه واستوقف الأب ابنه عند الينبوع القريب ليرتوي ماءً فيزداد وزنا حتى يبيعه الابن بثمن أعلى سيعين به أبناءه فلعنه قائلا: "اعتنيت بأطفالك ثم قادوك للبيع مثلما تقودني الآن".

ومع ذلك فإن الشعب يُدين طلب الشر للغير ويرى أن اللعن الظالم يعود حتما إلى من نطق به. فإذا نجحنا نحن، الناس المعاصرين، في الاتعاظ بحكمة أسلافنا فسنستعمل الكلمات بحذر وانتباه من أجل الخير. فكما يوصي المقولة: "افتح فاك للفظ الخير".


الكاتب:  فيخرا بايفا
المصدر: راديو بلغاريا