سوزان أبو الهوى تعالج وضع الفلسطينيين في "بينما ينام العالم" - الإيطالية نيوز

سوزان أبو الهوى تعالج وضع الفلسطينيين في "بينما ينام العالم"


مريم‭ ‬شهاب
تحاول السيدة سوزان أبو الهوى، من خلال روايتها الرائعة،
 «بينما ينام العالم»، ان توقظ العالم ويفتح عينيه الزجاجيتين على المآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، من خلال مأساة
أربعة أجيال من عائلتها - أبو الهوى - منذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 48 وحتى الآن.

الرواية تقطر شجناً وحزناً ودماً وهي تنقل مأساة شعب أعزل طردوه من بيته وكرمه وعزلوه فـي مخيمات بائسة أشبه بالمقابر، شوارعها مقطوعة بالدبابات والدشم لحماية الجلادين المذعورين على أنفسهم، النائمين جيداً فـي مستعمراتهم وملاجئهم الحصينة، بينما الشعب الفلسطيني متروك فـي عراء ثلج الغربة وقصف نيران الأعداء والأصدقاء، نيران ملوثة تحرق ولا تطهر ولا تضيء، ورياح مسمومة من الميكروفات والفضائيات و«العنتريات» والمحاضرات ووصف الفلسطيني المهجّر من بيته بملح الارض، بينما يتاجرون به بالجملة وينطقون اسمه بالمفرق، ويبيعونهم فـي مزادات العهر والرياء الوطني، حتى لم يبق رجلٌ لم يذق الذل ولا امرأة الا راكعة منتحبة. تبكي بكاءً يرق له قلب البكاء، على نعش الزوج، الإبن، البيت المحروق، العرض المنتهك، والقلب المكسور لضياع ابنها، او الأصح خطفه من حضنها، لتبقى حرقة فراقه ناراً موقدة زادت لهيبها منافـي الغربة، هذه هي صورة الأم داليا فـي الرواية. الأم، الوطن فلسطين التي لوث طهر ترابها المغتصبون، وقص جدائلها وشوه جمالها المحتل، رغم ان الكاتبة تصورها بالمرأة القوية الشجاعة الحرة والتي علمتها درساً طوال العمر: «أياً كان شعورك، أكبتيه فـي داخلك!» كل ذلك الكبت والاحتمال الثقيل لمآسي الحياة، بينما العالم لاهٍ ونائم، والشمس تفقأ عينيها كي لا ترى قابيل الفلسطيني يقتل شقيقه هابيل ليل نهار، بعدما تاهت بوصلة النضال على طول خمس وسيون عاماً، معربداً بالشعارات الرنانة الحماسية فـي الخواء، والموت يفرك يديه دهشة فهو لم يجد من يقوم عنه بعمله بهذا الحماس. هذا الوضع المريع أدخل الأم داليا فـي صمت رهيب. صمت العاجز المذلول، صمت الكريم القوي على مائدة اللئيم الخسيس.

الاسبوع الماضي جرت مناقشة رواية «بينما ينام العالم» عبر خدمة السكايب فـي مكتبة هنري فورد العامة هنا فـي ديربورن، وكان من بين الحضور فـي المكتبة الكثير من الأميركان الذين قرأوا الكتاب وأعجبهم أسلوبها الرصين والدقيق فـي ملاحقة الأحداث من خلال أبطال الرواية الكثيرين. الكاتبة تعيش الآن مع ابنتها فـي فـيلادلفـيا، تحدثت فـي البداية عن أنها تحمل دكتوراه فـي الكيمياء ورغم غربتها الطويلة عن فلسطين لكنها ما زالت فـي قلبها. أذهلها الإعلام الغربي فـي قلبه للحقائق التاريخية ووصف الفلسطينيون بأنهم الإرهابيون والمعتدون على الشعب الإسرائيلي. فجاء كتابها لرواية مأساة شعبها بينما العالم الغربي عموماً والعالم العربي خصوصاً يغط فـي «سابع نومة» ومغمض عينيه عما يجري هناك فـي الأرض المحتلة و فـي الضفة الغربية و فـي قطاع غزة وقبله فـي مخيمات صبرا وشاتيلا، حيث فقدت عائلة أخيها وفقدت زوجها وحبيبها. وبكل اتقان وحرفـيّة، تصف الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزة، حيث كانت هي هناك فـي زيارة للباقي من أهلها وأقاربها وأصدقائها، وكانت نجاتها من الموت بأعجوبة. هذه التجربة أجبرتها على العودة الى أميركا مع إبنتها.

 أشجع القُراء على قراءة الرواية وهي موجودة فـي المكتبة باللغتين العربية والانكليزية.