بقلم يونس لعبودي
..كانت أول الكمات بمجرد جلوسي هي "فومو"، لم أفهم الكلمة جيدا رغم إلمامي باللغة، ولكنه إلمام تنقصه الممارسة، فسنين مركز اللغة الإيطالية لا تنفع إلا في الدراسات النظرية، كما هناك فرق كبير بين فهم اللغة واستعمالها.
ضحكتُ من كلمات الرجل الغريب، وقلت بنبرة باردة" نو، غْراتسي". كان ردي ممتاز ومبرمج عن شيئ لم أفهمه أصلا، بل يمكنك القول أنني فهمتمعنى كلمة فومو شهورا بعد ذلك ،كان معناها الحشيش، إنه اعتقد أني كنت أبحث عن متعة ، خصّني بذلك الكلمة، ربما بسبب بياض لون بشرتي، دون أن يخطر في باله ربما أني مهاجر مغربي.
المهاجر، منذ أن تطأ أقدامه سواحل أوروبا، يقضي وقته في حيرة من أمره، اليوم يتحرر من رق الفقر، وقلة ذات اليد، ويبني أحلاما كثيرة يكاد يصدقها، إلى أن يكتشف أن جلها كان سرابا، بالأخص أن أوروبا لم تعد كما كانت سابقا، فنحن جيل الأزمات، أزمة في بلداننا كبرت معنا، وكبرنا فيها، وأزمة وجدنا أنفسنا فيها فور وصولنا إلى أوروبا، تطحننا ولا يخرج منها المهاجر المسكين بأي شيئ يذكر.
لم أعاني كمهاجر مما يكابده مهاجرين أخرين، والذين يطلق عليهم الحراگة، ففي إيطاليا مئات الآلاف من هؤلاء، بل، في غالب الأحيان، من وصلوا إلى سواحلها كانوا في الأصل من هذه النوعية: الحريك، من الحريق تم إبدال القاف عجمة كتلك التي ينطقها إخواننا في اليمن أو من صعيد مصر، ولكنها تسمية إخترعها المغاربة في بداية التسعينات، حينما أقفلت أوروبا أبوابها، وكانت إسبانيا وقبلها إيطاليا آخر بلدين يفرضان التأشيرة على مواطني بلدنا ومعظم بلدان الضفة الأخرى، حتى لا يختلط الحابل بالنابل، وتبقى ثرواثها منيعة على أمثالنا...يتبع