بينيتو موسوليني.. الفاشي الذي سعى لنشر الفوضى في إيطاليا و دُولاً أخرى ! - الإيطالية نيوز
Facebook social icon TikTok social icon Twitter X social icon Instagram social icon WhatsApp social icon Telegram social icon YouTube social icon

آخر الأخبار

بينيتو موسوليني.. الفاشي الذي سعى لنشر الفوضى في إيطاليا و دُولاً أخرى !


وُلد في الـ 29 من يوليو من العام 1883 م، و ترعرع في قرية صغيرة تُدعى ” دوفيا دي بريدابيو”، تقع في مدينة ” فورلي ” في إقليم ” إميليا رومانيا ” شمال إيطاليا. سمّاه والداه ” بينيتو ” تيمناً بالرئيس الإصلاحي المكسيكي” بينيتو خواريز”. كانت والدته معلمة في مدرسة كاثوليكية، و والده يعمل في الحدادة.

أما هو؛ فقد إلتحق بمدرسة داخلية يديرها رُهبان ساليزيون. من خلالها؛ أصبح مؤهلاً لشغل منصب مدير مدرسة إبتدائية. هاجر إلى سويسرا هرباً من الخدمة العسكرية، و في الـ 24 من يوليو عام 1902 م، قُبض عليه بتهمة التشرد حين كان قابع أسفل جسر هناك.

صورة لموسوليني بعد إعتقاله

بعدها عمل كمدرس في مدرسة ابتدائية في بلدة ” غوالتياري “، لكن عمله لم يُدم طويلاً. فأصبح يتنقل في أماكن عدة بين جنيف، و فرنسا، و يعقد إجتماعات، و يُلقي محاضرات ذات طابعٍ سياسي.

إلتحق بكلية العلوم الإجتماعية، و تابع لبضعة أشهر مُحاضرات لعالم الإجتماع ” فيلفريدو باريتو، و الفيلسوف فريدريك نيتشه، و جورج سوريل”، بالإضافة إلى أفكار الماركسي ” تشارلز بيجوي “، التي أثرت في بعض أعمال موسوليني؛ و الذي كان يدعو من خلالها على إسقاط الديمقراطية الليبرالية، و الرأسمالية بإستخدام العنف.

في فبراير من العام 1909 م، و في مدينة ”ترينتو” التي كانت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية؛ عمل إدارياً للفرع المحلي للحزب الإشتراكي، و مُحرراً لصحيفة أفينيري دل لافوراتوري أو” مستقبل العامل “. فنشر أولى رواياته الرومانسية بعنوان ” عشيقة الكاردينال“. تَعَرّف على الزعيم الإشتراكي ”غوليالمو كانيفاشيني“، حين كان يقيم في سويسرا و يعمل كعامل بناء هناك في العام 1910 م.
سعى موسوليني إلى نشر أفكاره النارية، و أراؤه التي تضمنت الإلحادية و في مضمونها تدشين مفاهيم جديدة لإشتراكية تعتمد على الفوضى، و إثارة المشاكل. هاجم رجال الدين، و الكنائس،و دور العبادة و الأديان كافة، و وصل الأمر لمهاجمة المسيح نفسه، فأمر رجال الدين في سويسرا بطرده منها.

الحزب الفاشستي


أسس موسوليني هذا الحزب الذي كان يهدف لمواجهة مشاكل إيطاليا. فاتّبع سياسة العنف، و أسلوب أفراد العصابات، و ألبس أفراده القُمصان السود، و أمر رجاله المنضمين للحزب بأن يكونوا رجالاً شديدي البأس في مواجهة أي إضراب. و أن يوسعوا أولئك العُمّال ضرباً حال تنفيذ إي إضراب من جهتهم.


في العام 1922 م، كان هناك إضراب في المواصلات وعجزت الحكومة الإيطالية على مواجهته، فقام الحزب الفاشستي و أفراده بتجربة ما تعلموه على يد قائدهم. فأنهوا هذا الإضراب، و سيّروا الحافلات والقطارات. و بهذا التحرّك، هزموا الشيوعيين في الشوارع، وعاقبوهم عقاباً خاصاً، حيث أرغموهم على شرب زيت الخروع شُرباً.


نتيجة لتلك الأعمال و إنهاء الإضراب؛ وقف الشعب منادياً بموسوليني قائداً للبلاد، و استجاب لهم و كأنه كان ينتظر تلك اللحظة. في أكتوبر من نفس العام؛ قاد موسوليني مسيرة كبرى إلى مدينة روما برفقة أتباعه قائلاً لهم :
سوف تُعطى لنا السلطة، و إلاّ سوف نأخذها بأنفسنا
أُعيدت تسمية الحزب أو الحركة التابعة لموسوليني باسم ” الفاشية “، و بقيت مُهمّشة، و لم يفز أي تابعٍ للحزب في إنتخابات 1919 م. بعد ذلك؛ سُجن موسوليني أربعة سنوات على خلفية مداهمة الشرطة لمقر مجلة الحزب، و وجدت فيه قنابل و متفجرات حينها.
في العام 1921 م، أعلن موسوليني نفسه قائداً للحزب الوطني الفاشي، و قَمَع كل من يعارض الفاشيين حتى عام 1926 م، الذي حُرّمت فيه الإضرابات و سُنّت قوانين جديدة؛ و ألغيت بعد فترة.

بداية إنتشار الفاشية

بدأ موسوليني في حركة تغيير كبيرة في إيطاليا. فبدأ في إلغاء كافة الأحزاب الأخرى، و كان الشعب مُلزماً بالتصويت للحزب الفاشستي فقط في أي إنتخابات، بالإضافة لأن يتعلم الشباب مبادئ الحزب. كان دائماً ما يقوله لهم :
أن تعيش يوماً واحداً مثل الأسد خيراً لك من أن تعيش مائة عام مثل الخروف
أصبح الفاشيون أكثر قوة وبطشاً، و سعياً في الأرض فساداً. حيث نظّموا عدة غارات في الأرياف،  و دخلوا المزارع المعروف بأن أصحابها ينتمون للإشتراكية؛ فقتلوهم أو عذبوهم.

بعد ذلك؛ بدأوا في حربهم الثقافية ضد أي إتجاه آخر، و بهدفٍ مُعلن؛ هو تحرير الثقافة الإيطالية، و توحيد شكلها ومقاييسها؛ لتتطابق وتتجانس مع الفكر الدوتشي.

لم يكتفي الفاشيون من ذلك، بل إمتلأت الساحات و الشوارع بتماثيل موسوليني، و جداريات كبيرة تُخلّد أفعاله. و بدأت حركة تنظيم شاملة للأطفال، و الفتيان، و طلبة المدارس، و الجامعات على إستخدام السلاح، و حفظ الأناشيد القومية الفاشية.

بدأوا في سلك أسلوب أفراد العصابات المُنَظَّمة أيضاً، وصلت لأن إنتزع رجال الفاشية الحُلي الذهبية من النساء، و خواتم الزواج من أصابع المتزوجين. أُجبر الأشخاص على وضع صورة لموسوليني في غرف نومهم، و أن تُوقد الشموع في كافة منازل إيطاليا إحتفالاً بعيد ميلاده.

طالت أعمالهم القمعية الصحافة، و الأعمال الأدبية أيضاً. حيث بدأوا في حملة لتجريد العشرات من الصحافيين من هوياتهم في النقابات الصحفية، و أُغلقت جميع الصحف و المجلات الأدبية، و تشكّلت لجان في البلاد من كُتّاب الدولة و أساتذتها لإصدار قوائم سوداء بالمثقفين المحظورين، و بأسماء الكُتب المُعادية التي يجب حرقها و إتلافها و منعها من التداول.

الفاشية التي تحلت بها السياسة الخارجية لإيطاليا

صورة تجمع بين النازيّ هتلر و الفاشيّ موسوليني
 
الفاشية هي دين، و القرن العشرين سيُعرف في التاريخ أنه قرن الفاشية .. موسوليني

 هكذا كانت أفكاره الفاشية؛ جامحة. و السياسة الخارجية للنظام الفاشيّ هي تجنب السلام؛ و إعتباره ظاهرة مُتعفنة. دعم فكرة عودة الإمبراطوريية الرومانية القديمة، و طمح في توسيع مناطق ذات نفوذ إيطالي حتى بداية الحرب العالمية الثانية، و أقام محور ثلاثي من 3 دول ” برلين، روما، طوكيو “.

صادق الألماني النازي أدولف هتلر الذي كان معجباً به، وعقدت كلاً من دول إيطاليا و ألمانيا مُعاهدة عُرفت باسم ” الحلف الفولاذي “، في العام 1939 م. كان موسوليني يُصرّح علناً بأنه يسعى للسيطرة على حوض البحر الأبيض المتوسط، و تحويله إلى بحيرة إيطالية، و يُنشِئ إمبراطورية تمتد من الحبشة، إلى ساحل غينيا الغربي.

تسلم موسوليني زعامة إيطاليا، و أصحبت سياسة إيطاليا التي كانت تتمتع باللين مع دولة مثل ” ليبيا ” تحديداً؛ شديدة القسوة. فنَقَض الإتفاقات مع الليبيين، و رفض الإعتراف بالمحاكم الشرعية في المناطق التي يسيطر عليها الإيطاليون، و أخضع الجميع لسلطة إيطاليا.

عين حاكماً جديداً في ليبيا يدعى “بونجيوفاني”، و أعطاه الضوء الأخضر للسلطة الكاملة داخل الأراضي الليبية؛ و ذلك بدعمٍ و جيشٍ كبير بقيادة كلاًّ من ” اللواء رودولفو جرتزياني، و اللواء بادوليو “.
أثناء محاولة الإستعمار في ليبيا؛ قتلت القوات الإيطالية نحو 200 ألف مواطن ليبي. و بعد إعدام الشيخ عمر المختار؛ أخذت القوات الإيطالية بالسعي في الأرض الليبية فساداً، و قتلوا نحو 570928 مواطن.

في إكتوبر من العام 1935 م؛ غزت القوات الإيطالية إثيوبيا. و في العام التالي؛ تحالف موسوليني مع هتلر؛ و اتسع التحالف الدولي ليشمل دول ” اليابان، هنغاريا، رومانيا، بلغاريا “، التي عُرفت فيما بعد بإسم ” دول المحور “.

 هذا الوثائقي يروي تحالف موسوليني مع هتلر، وما نتج عن ذلك..
 
موسوليني والحرب العالمية الثانية
كانت الحرب العالمية الثانية غير مُتوقعة، و أتت بنتائج كارثية لإيطاليا؛ حيث فشل الجيش الإيطالي في إحتلال اليونان 3 مرات، حتى قامت وحدات من قوات النخبة النازية بمساعدتهم في إحتلالها. و هُزموا – الإيطاليين- أمام البريطانيين في ليبيا. فتدخل الجيش الألماني للحفاظ على وجود إيطاليا في ليبيا.

في العام 1942 م، أصبحت إيطاليا على حافة الهاوية. ضَعُفَ الجيش الإيطالي بعد أن أنهكته الحروب، فأصبح جيشاً أفراده جائعون، و ناقص العُدّة و العتاد و السلاح. و أصبحت إيطاليا نفسها؛ تتضور جوعاً نتيجة نقص المؤن.

غضب الشعب حينها؛ و رأوا أن موسوليني قد كذب عليهم، و أصبح عدّواً لهم بعد وصول الأمر لأن تُحْتلّ بلادهم من قِبَل الجيوش البريطانية و الأمريكية. فأمر الملك بإعتقاله و سُجن في معتقل عبارة عن فندقٍ في منتجع للتزلج في أعالي الجبال !.

نهاية موسوليني الحتمية

صورة لموسوليني و عشيقته و خمسة آخرين مُعَلّقين بعد إعدامهم على الطريقة الرومانية القديمة

 في الـ 18 من أبريل من العام 1945 م، غادر موسوليني مقر إقامته في سالو. فظهر في مدينة “ميلانو ” ليطلب من أسقف المدينة أن يكون وسيطاً بينه و بين قوات الأنصار؛ لأجل إنقاذ رقبته من الموت. رفضت قوات الأنصار التي كان يسيطر عليها الحزب الشيوعي الإيطالي؛ تلك الوساطة، و أمرت بإعدامه.

أصبح موسوليني بعد ذلك هارباً مُتخفياً مع عشيقته ” كلارا بيتاتشي “. و في الـ 26 من أبريل، أُعتقل برفقتها أثناء محاولتهما الفرار إلى سويسرا. في اليوم التالي؛ أتت الأوامر من جبهة التحرير الشعبية بإعدام موسوليني.

أُسندت مهمة الإتيان به للعقيد ” فاليريو “، الذي إنضم سراً للجبهة، و ذهب لمقر إعتقاله و أخبره أنه سينقذه. فطلب منه مرافقته إلى المركبة التي كانت تنتظره في الخارج.

في الـ 29 من أبريل عام 1945 م، أُعدم موسوليني برفقة عشيقته و خمسة آخرين من حزبه، و تم تعليقهم من أرجلهم في محطة للوقود. و تلك الطريقة؛ هي الطريقة التي كانت تتبعها الإمبراطورية الرومانية في الإعدام للخونة. ربما فعلوا ذلك لتحقيق حلم موسوليني بإعادة الإمبراطورية القديمة. و في العام 1957 م، سُلّمت جثة موسوليني لذويه لدفنها في بلدته.

أخيراً.. ليس من الفخر أن يَترك المرء أثره في الدنيا بسجلٍ كهذا، أو بنهاية مأساوية تقلل من شأنه أبد الدهر. لكن تلك النهاية؛ ربما أَرَاحت أرواحاً كثيرة ذهبت بوطأة و قسوة موسوليني أثناء فترة وجوده على الأرض؛ سواء في إيطاليا أو في دولٍ أخرى سعى للسيطر عليها يوماً ما.